أثار تسريب ما سمي “التقرير الاسود”، الذي نُسِب لدوائر فاتيكانية حول اوضاع الكنيسة المارونية، استياء قياداتٍ مسيحية لبنانية، اعتبرت ان الفاتيكان “يتلهى بتوصيف المشكلة التي بات يعرفها القاصي والداني، ولا يقوم باتخاذ اي مبادرة لاصلاح الاوضاع في الكنيسة المارونية من رأسها الى آخر مواطن ماروني لبناني او مسيحي شرقي”!
منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد، طالب في تغريدة له على موقع تويتر اليوم “الكنيسة الكاثوليكية العالمية بموقف واضح يدين إقحام المسيحيين في حرب سوريا، بدل الكلام عن تقرير سري حول كنيسة لبنان”.
وما زاد الاستياء في لبنان ما تم تسرّب ايضا عن ان البطريرك الماروني الموجود في روما “مصدوم من موقف الفاتيكان والعالم اللامبالي بأزمة لبنان وقضيته”، وان البابا فرنسيس لم يلتق البطريرك الراعي منذ اشهر، وان علاقتهما تقتصر على تبادل السلام.
مصادر مسيحية لبنانية أبدت عتبها على الفاتيكان الذي يهتم اكثر بمتابعة قضية اسقف او رجل دين متهم بالتحرش، وتتخلى عن كنيسة الموارنة في لبنان.
وتضيف ان الكلام عن “تقرير سري”، ثم يصدر نفي لوجود هكذا تقرير، لا يقدم ولا يؤخر في شأن القضية اللبنانية والوجود المسيحي في الشرق بشكل عام. وإذا كانت كنيسة لبنان أعجز من ان تساهم في حل مشاكلها، فإن الكنيسة الكاثوليكية مسؤولة هي الاخرى عن الامعان في تعميق الازمة المسيحية في لبنان والشرق! ولم يعد يكفي صدور تقارير من مسؤولين فاتيكانيين لوصف وضع المسيحيين في الشرق من دون ان يبادر الفاتيكان لوضع يده على مكامن الخلل في الكنائس الشرقية وفي مقدمها كنيسة لبنان وصولا الى إيجاد الحلول التي تعزز الحضور المسيحي في الشرق المهدد بالزوال تحت أعين الفاتيكان واحبار الكنيسة.
ضرورة إدانة التدخل الروسي
وتشير القيادات السياسية المسيحية الى ان الكنيسة اللبنانية مطالبة اليوم بإدانة التدخل الروسي في حرب سوريا تحت مسمى “حرب مقدسة”، وكذلك الكنيسة الكاثوليكية العالمية. فيجب أخذ العبر من التاريخ، ومن الحروب الصليبية التي كانت نتائجها كارثية على المسيحيين في الشرق. وان ما يقال اليوم عن حلف للاقليات في الشرق بمباركة كرادلة في الفاتيكان وبرعاية القوة العسكرية الروسية التي تساهم في تعميق الازمة السورية سياسيا، وتمعن في إهدار دم الشعب السوري، لن تكون نتائجه افضل من تلك التي انتجتها الحروب الصليبية من نتائج تدميرية على ما تبقى من المسيحيين في الشرق.
منذ استقالة صفير
وتضيف ان الفاتيكان يعرف تمام المعرفة مأزق الكنيسة المارونية في لبنان منذ الطلب الى البطريرك مار نصرالله صفير التقاعد، وإنتخاب البطريرك الراعي الى اليوم! ومع ذلك لم يبادر الى اتخاذ اي إجراء من اي نوع لمعالجة مكامن الخلل. وتسقط كل الحجج التي يتم سوقها لتبرير عجز الفاتيكان وتخلفه عن معالجة شأن الكنيسة اللبنانية.
وبدل تسريب تقارير عن وجود فساد في الكنيسة وعن ان الفاتيكان مصاب بما يشبه “القرف” من شكاوى الموارنة في لبنان، وان على الكنيسة المارونية ان تتدبر امرها وان تأخذ المبادرات لحل ازمة لبنان والمنطقة، فالاجدر بالفاتيكان ان يبادر الى التحرك على مستويات متعددة تبدأ بإصلاح الكنيسة اللبنانية. وليس صحيحا انه عاجز عن القيام بهذا الامر فكما طلب من البطريرك صفير التقاعد المبكر، وانصاع لرغبة الكاردينال ساندري، بامكانه الطلب الى البطريرك الراعي او اي اسقف او اي متسبب آخر، يجد فيه الفاتيكان سببا لازمة الكنيسة التقاعد بدوره!
وإذا كان هناك من فساد في جسم الكنيسة ورجال دينها واحبارها واساقفتها، فإذا لم يكن الفاتيكان هو الجهة المخولة بإصلاحها، فمن هي الجهة التي تتولى هذا الامر؟.
القيادات المسيحية اللبنانية تبدي خشيتها من فقدان الامل والرجاء، لدى عموم المسيحيين في لبنان والشرق إذا كان بطريرك الموارنة مصدوماً وخاب امله من تعاطف كنيسته الام مع قضيته، فهل هكذا يساهم الفاتيكان في ترجمة تعاطفه مع المسيحيين؟
وتقول هذه القيادات إن الامر أصبح في حاجة الى ما هو اكثر من الصلاة والرياضات الروحية والتأمل، إنه وقت العمل على إنقاذ الدور والحضور المسيحي في الشرق قبل ان ينهار الهيكل على الجميع.
مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عوده أعلن في عظة الاحد اليوم :” أن كنيستنا لا تبارك الحروب، وليس من حرب مقدسة”، فهل تبادر الكنيسة الكاثوليكية الى اتخاذ موقف مشابه؟
إقرأ أيضاً:
خاص بـ”الشفاف”: فرنسيس يستقبل “القيصر” بوتين، وكاردينال “حلف الأقليات والإستبداد” على المحك!