(نشر “الشفاف” هذه الدراسة في
مقــدمـة
في عام 1938، قام العالم الكيميائي الألماني أوتوهان (Otto Hahn) وزميلته النمساوية اليهودية ليز مايتنر (Lise Meitner) في برلين بتجربة انشطار نواة اليورانيوم عالية النقاء بتصويب جسيمات النيوترون، نتج عنه طاقة حرارية عالية وعنصر أخف هو الباريوم…. ولكنه لم يستطِع تفسير هذا التفاعل! وبعدها، في سبتمبر 1939، بدأت الحرب العالمية الثانية واضطرت ليزا مايتنر إلى مغادرة ألمانيا الي السويد نظراً لاضطهاد النازية لليهود، واستطاعت مايتنر بمساعدة أحد أقربائها، العالم روبرت فريتش (Robert Frisch )، تفسير تجربة اليورانيوم على أنها انشطار نووي، وبالإستعانة بمعادلة أنيشتاين E=mc² أستطاع الإثنان إكمال التفسير بأنه مع انقسام نواة اليورانيوم وتحوّله الي عنصر أخف يحدث نقص في الكتلة… وهذا النقص يتحوّل الي طاقة حرارية بالغة للغاية تُقّدر بنحو 200 مليون الكترون فولت.
قامت مايتنر بتدوين نتائج البحث، وبسرّية تامة أعطته للعالم الدنماركي اليهودي والحائز علي جائزة نوبل في تركيب الذرة نيلز بوهر (Niels Bohr ) ليسلمها باليد لأنيشتاين الذي كان يعمل أستاذاً في جامعة برينستون في الولايات المتحدة.
ولما عرف أينشتاين وزميله زيلارد(Szilard) نتائج مايتنر وفريتش بالإضافة إلى نتائج المجموعة الفرنسية بقيادة ماري كوري وزوجها بييرعن النيوترونات المصاحبة للانشطار، قاما بتوجيه خطاب إلى الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين روزفيلت في أغسطس 1939 وقبل بدء الحرب العالمية الثانية، لتعريفه بتلك النتائج العلمية الخطيرة وللتحذير من إمكانية سعي هتلر لاستغلال تلك المعلومات لصنع قنبلة ذرية يكون لها مفعول فظيع، خصوصاً أن لدية نخبةً لا يُستهان بها من علماء الذرة أمثال أوتو هان وهيزينبيرغ وشتراسمان… وأن هتلر بدأ في مشروع القنبلة النووية منذ أبريل 1939 تحت مسمي (نادي اليورانيوم).. وأن الحرب قد بدأت في أوروبا بهجوم الألمان على بولندا.
مشروع مانهاتن السري (1939-1946)
بعد ما عبّر أينشتاين للرئيس الأمريكي روزفلت عن قلقه الشديد وقلق العلماء من زملائه من إمكانية نجاح هتلر بصنع القنبلة النووية، قرّرت القيادة العسكرية الأمريكية صنع هذه القنبلة أولاً مهما كلف الأمر….!
بدأت الولايات المتحدة المشروع بمشاركة بريطانيا وكندا بشكل فعلي في 1942، بعد دخول أمريكا الحرب وبإدارة عالم الفيزياء الامريكي أوبنهيمر (Oppenheime) وفي مختبرات لوس ألاموس الوطنية في نيومكسيكو. كلّف هذا المشروع 2 مليار دولار (25 مليار التكلفة الفعلية لعام 2015) بما يوازي مصاريف حوالي تسعة أيام حرب.
وأسفر مشروع منهاتن عن بناء أول مفاعل نووي في ديسمبر 1942 يُستخدم فيه اليورانيوم المُخَصَّب لعمل إنشطارنووي متسلسل يمكن السيطرة عليه ويولّد طاقة حرارية عالية ومستمرة دون وقوع انفجارات. وكان ذلك في جامعة شيكاغو وتحت إشراف العالم الإيطالي الحائز علي النوبل في الفيزياء 1938، انريكو فيرمي، وزميله الهنغاري ليو زيلارد.. تبع هذا الإنجاز نجاح التفجير التجريبي لأول قنبلة ذرية في 16 يوليو تموز 1945 في صحراء نيو مكسيكو. ومن ثم هجوم نووي شنته الولايات المتحدة ضد الإمبراطورية اليابانية، بإسقاط قنبلة ذرية مصنوعة من اليورانيوم على مدينة “هيروشيما” في 6 أغسطس عام 1945 تلاهُ إطلاق قنبلة البلوتونيوم على مدينة “ناجازاكي” في 9 أغسطس نجم عنه 200 ألف قتيل واستسلام اليابان لقوات التحالف.
أسباب نجاح مشروع منهاتن النووي الأمريكي :
- تعاون ومشاركة نخبة من علماء اليهود المتألقين في مجال فيزياء الذرة مثل اينشتاين وزيلرد وأولام وتيلر وجون فون نيومان وغيرهم كثير أقصاهم هتلرمن جامعات ألمانيا بل أبعدهم ولاحق البعض لاعتقالهم كما فعل مع أينشتاين .
- الدعم غير المشروط للحكومة الأمريكية لهذا المشروع وبأمر من الرئيس روزفلت، مع التوفيراللامحدود من القوى العاملة والمستلزمات المادية والصناعية .
- إعطاء الحرية المطلقة للعلماء في البحث النظري والعملي .
أسباب أخفاق المشروع النووي الألماني :
بالرغم من سبق الألمان في تجربة الأنشطار النووي وشروعهم المبكر في المشروع في ابريل 1939، ألا أن ألمانيا فشلت في صنع القنبلة الذرية للأسباب التالية:
- تسيّس النظام النازي للأنشطة الأكاديمية والجامعات (politicization)، مما دفع العديد من علماء الفيزياء والرياضيات للفرار من ألمانيا منذ عام 1933، وتجنيد العديد من العلماء والفنيين، على الرغم من امتلاكهم لمهارات مفيدة، ومن ثم القضاء على جيل من علماء الفيزياء .
- ظهور حركة الفيزياء الألمانية او الأرية الكلاسيكية (Deutch Physik) المناهضة للفيزياء النووية وفيزياء أنيشتاين في النسبية.. بل اتهام الفيزياء النووية بأنها فيزياء يهودية لا جدوى منها وأن النظرية النسبية هي أكذوبة يهودية… وإدانة كل من يؤيدها… فقد وصفوا العالم هيزنغبيرغ (Werner Heisenberg) الحائز علي جائزة النوبل في فيزياء الكم لجسيمات الذرة (Particle physics) بأنة يهودي أبيض بالرغم من أنه كان مسيحياً.. وتم تهميشه وفريقة من المشروع النووي الألماني.. وكذلك أقصوا ماكس بلانك (Max Planck) الحائز علي النوبل في 1918 وأحد أبرز علماء فيزياء الكم، إضافة الى إقصاء العلماء اليهود الذين لم يغادروا من المؤسسات الألمانية، مما أضعف الأنشطة الأكاديمية. ومع نهاية الحرب، تنافست دول الحلفاء على الحصول على المكونات الباقية للصناعة النووية سواءً الأفراد أو المرافق أو الخامات، كما فعلوا مع البرنامج في-2(German V-2 rocket) والتي تم تطويرها الي صوارخ حاملة للرؤوس النووية .
- إعطاء قيادة المشروع النووي الألماني لأنصار الفيزياء الآرية كديبنر (Kurt Diebner) بإيعاز من فيليب لينارد (Philipp Lenard) أحد العلماء المقربين والداعمين لهتلرأثناء صعود الحزب النازي في العشرينات من القرن الماضي…. والذين لا يؤمنون بنفع وأهمية الفيزياء النووية في تغير أو تحول مجريات الحرب.
للعلم، الفيزياءالنووية وفيزياء الكم لجسيمات الذرة (quantum physics) والنظرية النسبية,هي التي سببت هذه الطفرة في التكنولوجيا الحديثة ولعبت دوراً أساسياً في تطور أجهزة الديجتال و الكمبيوتر وثورة الإتصالات وعمل الأقمار .الصناعية في الخمسين سنة الماضية
المشروع النووي السوفيتي
- التقنية النووية السوفييتية منذ البداية كانت تقنية مسروقة من مشروع منهاتن الأمريكي عبر جواسيسها العاملين في هذا المشروع أهمهم فوكس (Klaus Fuchs) وهال (Theodore Hall) وكافال (George Koval)…أضافةً الي أستيلائهم علي النخبة التي كانت تعمل في المشروع النووي الألماني بعد هزيمتها..
ولا يفوتنا ذكر العالم النمساوي زيب (Gernot Zippe) مخترع جهاز الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.. تم أختطافه من قبل الروس اثناء الحرب و بقي معهم حتي 1956 عندما سمحوا له بالمغادرة.. وفوجئ بعدها أن الغرب وأمريكا ليس لديهم أدني فكرة عن تخصيب اليورانيوم بعملية الطرد المركزي .
- أجري الاتحاد السوفيتي أول تجاربه النووية الناجحة في أغسطس 1949 في كازاخستان.. والقنبلة كانت RDS-1 مصنوعة من البلوتونيوم نسخة مكررة للقنبلة الأمريكية “فات مان” (Fat Man) التي أسقطت علي نجازاكي
- وخلال فترة الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية، سعى الإتحاد السوفيتي الي التركيز علي الصناعات الحربية وزيادة ترسانتها النووية لتحقيق التوازن العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل الحكم الإداري المركزي للحزب الشيوعي السوفيتي الشمولي، وسيطرته علي الإستثمار والملكية الخاصة والعامة للأصول الصناعية. وصار يمتلك أعظم ترسانة للأسلحة التقليدية، فضلاً عن الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، ومخزون هائل من اليورانيوم المُخَصَّب لصناعة الرؤوس النووية كان يعادل حوالي ضعف المخزون الأمريكي في بداية التسعينيات من القرن الماضي (أنظر الصورة)
..كل ذلك علي حساب تدني مستويات الرفاهية والتنمية الأقتصادية ونوعية الحياة للشعب السوفيتي مقارنةً بالدول الصناعية الرأسمالية و تخلفت عن الركب في الإخراج لإنتاج الصناعات الخفيفة والسلع الاستهلاكية المعمرة. والأمر المثير للسخرية أن روسيا بعد اتفاقية انحلال الأتحاد السوفيتي طلبت مساعدة امريكا لتفكيك كثير من الرؤوس النووية وتنضيب محتوياتها من اليورانيوم المخصب والإستفادة من بيعها في الأسواق العالمية. (التنضيب هو عملية تحويل اليورانيوم العالي النقاء 90% والمستخدم لصناعة القنابل النووية الى يورانيوم مخفض النقاء 4% للإستعمال السلمي في المفاعلات النووية…)
برنامج ميغاتون ميغاوات”” (Megatons to Megawatts Program ) هو أسم البرنامج الذي وضعته أمريكا في 1993 لتنضيب مخزون اليورانيوم المخصب الروسي. وبذلك ذهبت تريليونات الدولارات من دم الشعب السوفيتي هباءً منثوراً….!! والدولة المسمى بـ”العُظمى” كانت في الواقع فارغة اقتصادياً من الداخل. طوابير كيلومترية في موسكو العاصمة لأبسط المستلزمات كالقهوة والأجبان والفواكهة و المحارم الورقية….!!!!
الفرد السوفيتي كان يعيش في سجن كبير يطلق عليه “إتحاد الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية” غير مسموح له بالسفر خارجه إلا إذا كان من النخبة الحزبية .
- وبِرَفع غطاء العنف الشمولي وثورة المصارحة ونقد الذات في عهد الرئيس غورباتشوف، انفجرت التناقضات السياسية والإجتماعية بقوة وظهر بوضوح تآكل النظام الأقتصادي السوفيتي. تخلت القيادة السوفيتية عن أوهام هزيمة الإمبريالية وانتصار الشيوعية، وفي 26 ديسمبر 1991م ما كان من هذا المارد السوفيتي الملقب بالقوة العظمى ألا ان يتهاوى وينحل ويتفكك الى 15 دولة، وأُنزل العلم الشيوعي ذو الخلفية الحمراء مع مطرقة ومنجل بعدما هيمن لأكثر من 74 عاماً ليُستَبدل بعلم القياصرة ذي الالوان الثلاثة الذي يرجع عهدة الي 1696م ليضع بذلك نهاية لحلم الدولة الشيوعية .
- والأن بعد مرور 66 عاماً علي صنع أول قنبلة نووية سوفيتية… ما زالت الصناعات الروسية محصورة في التكنولوجيا العسكرية…والفرد منا لا يجد في الأسواق منتج روسي سوي الكافيار…في حين أن كوريا الجنوبية والتي كانت دولة فقيرة حتي عام 1960 صارت تحتل المرتبة العالمية 2 في صناعة السفن و3 في صنع الأجهزة الالكترونية الدقيقة و5 في صناعة الصلب و 6 في إنتاج السيارات و يحتل اقتصاد كوريا الجنوبية المرتبة 11 في الترتيب العالمي وقدرت صادراتها الإجمالية بنحو 573.1 مليار دولار في عام 2014 .
النووي الإيـراني
- في 1974، صرّح شاه إيران محمد رضا بهلوي بأن البترول مصدر نفيس للطاقة يتجة الي النضوب، وبأنه يجب البحث عن مصادر أُخري. وأبرام اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية لبناء 23 مفاعل نووي بحلول عام 2000م لإنتاج أكثر من 23 ألف ميغاواط من الكهرباء..
- 1974 شركة سيمنس الألمانية (Siemens AG) توقع عقداً بقيمة 4مليار دولار لأنشاء مفاعلين في “بوشهر” لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة أنتاجية 1,196ميغاوات لكل واحد بحلول 1981م، لتزويد جنوب أيران حتي مدينة شيراز .
- 1976م يعرض الرئيس الأمريكي جيرالد فورد (Gerald Ford)علي طهران بناء منشأت معالجة الوقود النووي للمفاعلات، وأستخلاص عنصر البلوتونيوم لأعادة استخدامه، والتخلص من النفايات الذرية الناتجة .
- قامت الثورة الإيرانية عام 1979 وأطاحت بشاه إيران، وأمر الخميني بحل البرنامج النووي الأيراني، وإلغاء العقود مع الشركات الأجنبية لبناء المفاعلات النووية. لكنه أعاد السماح بإجراء بحوث صغيرة النطاق في الطاقة النووية. وبعد وفاة الخميني في عام 1989 خضع البرنامج لتوسع كبير…
- في التسعينيات من القرن الماضي وبالتعاون الكامل مع روسيا اتخذ البرنامج النووي الايراني منحي أخر شبيهاً الى حد ما بالتجربة السوفيتية، بل صورة مصغرة منها لامتلاك السلاح النووي وما صاحبه من تدهور في القدرة الإقتصادية السوفييتية، بالطبع بفارق عدم وصول إيران الى صناعة القنبلة الذرية…!!
- في نوفمبر 2011 خلصت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها إلى أن إيران على الأرجح قد أجرت البحوث والتجارب الرامية إلى تطوير قدرات الأسلحة النووية قبل عام 2003.
- وفي 14 يوليو 2015، قدّمت أيران الأسلامية تنازلات عن معظم مشروعها النووي أمام القوى العالمية الست ضمن إتفاقية 5+1 في فيينا، والتي من أبرز ملامحها الفنية :
- تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم من 19 ألفاً الي 6 ألاف
- عدم تجاوز نسبة التخصيب عن 3,67% وعلي مدي 15 عاما
- تخفيض نسبة اليورانيوم المخصب من 10 ألاف كيلوغرام الي 300 كيلوغرام فقط على مدى 15 عاما
- تنتزع القدرة من مفاعل “آراك” لتوليد عنصرالبلوتونيوم الضروري لإنتاج القنبلة النووية. وسَيُصَب الإسمنت في الجزء الأساسي من المفاعل ليتوقف تشغيله.
- السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع الإيرانية المشتبه بها، ويشمل ذلك مواقع عسكرية يتم الوصول إليها بالتنسيق مع الحكومة الإيرانية.
- حظر استيراد أجزاء يمكن استخدامها في برنامج إيران للصورايخ الباليستية لمدة 8 سنوات، كما يحظر استيراد الأسلحة لمدة 5 سنوات.
- رفع للعقوبات الدولية المفروضة على إيران بشكل تدريجي بالتزامن مع وفاء طهران بالتزاماتها في الاتفاق النووي.
- استمرار تجميد الأصول الإيرانية في الخارج لمدة 8 سنوات، واستمرار حظر السفر على معظم الأفراد والهيئات التي شاركت في البرنامج النووي لمدة 5 سنوات.
يقول كريم سادجابور (Karim Sadjapour) المحلل بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي (Carnegie Endowment for International Peace) أن فاتورة المشروع النووي الايراني تقارب 500 ميليار دولار أمريكي. وهي تكلفة المنشآت النووية و تشغيلها والأبحاث والعقوبات الأمريكية منذ 1979 والعقوبات الموسعة للأمم المتحدة في 2006م وما صاحبها من أنخفاض في النمو الأقتصادي ومعدلات التنمية البشرية والقدرة الانتاجية… إضافةً الي متغيرات القيمة الفعلية للدولار خلال الثلاثين سنة الماضية…!
فإذا كان تكلفة مشروع مارشال ((Marshall Plan لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية 13 مليار دولار ما يعادل 130 مليار في 2015…
هذا يعني بأن تكلفة النووي الأيراني حوالي أربعة أضعاف مشروع مارشال….!!!
و النتيجة.. بناء مفاعل واحد في بوشهر بفترة زمنية جاوزت 30 عاماً وبطاقة إنتاجية تبلغ 1000 ميغاواط، لا تسدّ حاجة مدينة “بوشهر”، ذات 190 ألف نسمة، من الكهرباء..!!
وحتى أن أيران بعد هذا العناء لم تصل الي ما وصلت إليه دول فقيرة مثل كوريا الشمالية أو باكستان في أمتلاكها للقنبلة النووية …..!
وهكذا، تكررت المأساة السوفيتية عند الجمهورية الإسلامية في أهمال شعوبها على حساب التفوق النووي…
ربما كانت فكرة امتلاك السلاح النووي مقبولة بعد فترة الحروب العالمية امتثالاً لمقولة البقاء للأقوى. أما الإن، وبعد ظهور دول النمور الأسيوية الأربعة: كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، وهونغ كونغ، وصعود اليابان والصين، أصبح البقاء للأقوى إقتصادياً و تكنولوجياً.
والنمور الآسيوية، بالمناسبة، دول شحيحة بالموارد الطبيعية. أما أيران فأنها تمتلك ثاني أكبر مخزون في الغاز الطبيعي ورابع أكبرمخزون في البترول. مواردها متعددة. 20% من أراضيها قابلة للزراعة. ولكن بالرغم من هذة المزايا، يقول الرئيس الأيران حسن روحاني في أحدى خطبه: ” نحن من الدول القلائل في العالم التي نسبة التضخم فيها يصل الي 40% بالمئة”.
كما أن نسبة البطالة تصل الى 14,6% في ظل مجتمع يشكل الشباب أكثر من نصف سكانه. وتشهد العملة الأيرانية تراجعاً في السوق الموازية. فالتومان الأيراني انتقل من 7 تومان للدولار الواحد في 1978م في عهد الشاه الي 3000 تومان في 2015م ، عهد الرئيس روحاني .
الجمهوريه في إيران دائماً وعلى مدى 36 عاماً تدّعي وتكرر أنها لم ولن ترضخ لأمريكا …!!
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل دول أوروبا وأمريكا الجنوبيه واستراليا وبقية العالم المتحضر التي تستورد التكنولوجيا الثقيلة والخفيفة من طائرات وناقلات وسيارات والأجهزة الإلكترونية الدقيقة من أمريكا، تشعر بالإذلال والإستغلال أمام واشنطن؟ أم أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها قيم وكرامة وعزة نفس….! والعجيب في الأمر أن إيران هي الأغنى في منطقة الخليج من ناحية تنوع الموارد الطبيعية والأكثر هجرة بسبب سوء الظروف المعيشية وزيادة نسبة البطالة وكبت المؤسسات الدينية للحريات.
إقرأ أيضاً:
شكراً على هذه الدراسة الممتازة. من سخرية الأقدار أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تصرّ منذ ٣٠ سنة على “حقّها” في العلم النووي، وهو علم “يهودي من أوّله إلى آخره”. وفوق ذلك كله ترفع شعار “الموت لليهود” والموت لإسرائيل”! عجبي…