على باب الانتخابات يقف مسؤولو الأحزاب والسياسيون القدامى والجدد وعلى رؤوسهم الطير، لكل أسبابه كي يقلق، إلا “حزب الله” وحركة “أمل”.
“حزب الله” تشعر كوادره المُتابعة بأن غيوماً سوداء تتجمع. ليس سهلاً أن يبوح نائب في الحزب لقريبين منه أنه عاجز حتى عن فتح حساب توطين في مصرف لدفع فواتير هاتفه الخليوي بفعل العقوبات الأميركية، فكيف بخوض انتخابات؟ الوضع العام المحيط بالحزب ضبابي لا أحد يعرف إلى أين يتجه كلنا ننتظر كلمة الأمين العام السيد حسن نصرالله الجمعة لتبيان الموقف مما تدبّر أميركا وإسرائيل. سوريا الملتهبة الذبيحة قريبة وإسرائيل قريبة والحرب معها تبدو أقرب أحياناً. رغم كل شيء نتصرف كأن لا شيء يحصل. فلنذهب إلى الانتخابات.
حركة “أمل” أطلقت حملة دعائية لإزالة ما لحق بصورة رئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري من تشويه. إعلانات تحمل شعارات وطنية جامعة تظهره مبتسماً بثقة على شاشات عملاقة تضيء الطرق. بعد أيام على رفع صوره هناك لم يكن الرئيس بري عارفاً إلى أن أخبره صديق، فسأل الحركيين عنها.
لا تقتصر مظاهر الثقة على الصور. فالحركة تذهب مطمئنة إلى صناديق الاقتراع لاتفاقها مع “حزب الله” على مناصفة في اقتسام المقاعد الشيعية الـ27 على غرار مناصفة ” اتفاق الطائف” بين المسلمين والمسيحيين بصرف النظر عن الأعداد. هكذا يكون نصف نواب الطائفة للحركة ونصفهم للحزب. 13+13= 26. الكِسر أو المقعد الإضافي للواء المتقاعد جميل السيّد. ولا جدل في الأمر. سوف يأخذ اللواء السيّد كرسي عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” نائب بعلبك – الهرمل حسين الموسوي، وليس أبداً كرسي الرئيس بري على منصة الرئاسة ، خلافاً لما ذهب إليه بعض مروجي الشائعات في عز الخلاف الذي أعقب ظهور “فيديو الوزير جبران باسيل”.
لا دولة رئيس مجلس غير دولة الرئيس بري في لبنان ما دام حياً يُرزق. ولكن من يدري؟ قد يفيق اللبنانيون يوماً على حكومة تضم تضم وزيراً للداخلية والبلديات اسمه النائب جميل السيّد في حال تطبيق مبدأ المداورة مرة أخرى تحديداً في وزارات يسمونها “سيادية”.ولا مرة منذ البدء بتطبيق الطائف تسلم الشيعة الداخلية فلماذا تُحرّم عليهم ؟ إذا صحّت هذه المعلومة فسيكون على رئيس حزب “القوات” الدكتور سمير جعجع وسواه أن يبدأوا القلق من الآن.
سيقول بعضهم إن رئيس الحكومة الحالي- المقبل والمتفق عليه سلفاً سعد الحريري لن يقبل لعلاقة السيّد بالمحكمة الدولية. لكن المقولة هذه أسقطها قبوله بإيلاء وزارة العدل إلى الوزير سليم جريصاتي رئيس هيئة الدفاع السابق عن المتهمين باغتيال والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري. وسيسأل بعضهم ما به وزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق الذي عرف كيف تقوم علاقة جيدة مع “حزب الله” من غير أن يتخلى عن خطابه حياله في الشارع والدنيا انتخابات؟ والحال أن إيلاء رجل الأمن السابق جميل السيّد وزارة الداخلية سيكون لحسابات أبعد من السياسات المحلية.
جديرة بالتأمل هنا معلومات تقول إن الرئيس السوري بشار الأسد عرض على السيّد، عندما استقال من موقعه مديراً عاماً للأمن العام، أن يترشح لمقعد نيابي في انتخابات 29 أيار 2005، لكن الرجل آثر عدم الترشح لئلا يقال إنه يسعى إلى التلطي بالحصانة النيابية من تهمة ضلوع في جريمة الاغتيال، ترجمها رفع صوره مع مسؤولين أمنيين آخرين في تظاهرات ساحة الشهداء التاريخية. في آب 2005 أوقف السيّد وأطلق في 29 نيسان 2009 وفوتح مرة أخرى بترشيحه للنيابة في الانتخابات التي جرت يوم 6 حزيران وآثر مرة أخرى التمهل. لكنه تقدم بترشيحه عندما تحدد موعد للانتخابات قبل التمديد للمرة الثالثة والأخيرة للمجلس الحالي في 2014.
إلا أن دائرة بعلبك- الهرمل تضم تنوعاً حزبياً وطائفياً لا يغطيه مجرد توافق الحزب والحركة على تقاسم نواب الطائفة الستة ( حصة “أمل” منهم النائب الوزير غازي زعيتر). يواجه الثنائي الشيعي للمرة الأولى احتمال خسارته النائب الماروني، الذي رشحت لمقعده “القوات” الدكتور طوني حبشي، كما خسارة أحد النائبَين السُنّيين إذا خاضت غالبية في المجموعتين السُنية والمسيحية الانتخابات يداً بيد. أما المقعد الكاثوليكي فقر رأي الثنائي الشيعي أن يرشح له النائب والوزير السابق ألبر منصور، تعويضاً ربما عن مرحلة “الانقلاب على الطائف”، أو تتويجاً له بموافقة مَن كانوا بين المعترضين.
“النهار”