يتناقل لبنانيون هذه الايام مقولة كسروانية مشهورة، ناتجة عن غرور وعنعدم ترحيب بالضيوف الذي يقيمون بين ظهرانيهم خصوصا من المناطق الريفية. وفيها ان أحد هؤلاء قصد جزاراً يطلب لحمة حمراء: أي من دون دهن، ويقال لها ياللهجة اللبنانية “هبرا”. فما كان من االجزار إلا أن نهره قائلا: “غْرِيب ومِن تُطلب هبرا”!
يبدو ان الانتخابات النيابية في دوراتها الاخيرة منذ العام 2005، سمحت لـ”الغْريب” في كسروان ان يطلب “الهبرا” بل وأن يتطلع الى مقعد نيابي يرثه عن عمه “الغْريب” هو ايضا عن كسروان بعد ان امتطى المقعد النيابي الكسرواني ليقفز منه الى قصر بعبدا.
ويقول ناخبون جبيليون ان عدوى التطفل على المقاعد النيابية إنتقلت الى بلاد جبيل، بعد ترشيح حزب الله الشيخ حسين زعيتر، مسؤول المنطقة الخامسة في الحزب من البقاع ليشغل المقعد النيابي الشيعي في بلاد جبيل التي يقدر ان يصوت فيها اكثر من 11000 ناخب شيعي.
وما زال تشكيل اللوائح الانتخابية في دائرة جبيل كسروان متعثرا نتيجة لطبيعة القانون الجديد للانتخابات، وغياب السياسة عن هذه الانتخابات وتحولها الى محاصصة وتحالفات هجينة بين اخصام في دوائر معينة وحلفاء في دوائر اخرى والجميع يحدوهم الامل بتكبير حصصهم في المجلس النيابي المقبل بعيداً عن السياسة!
في كسروان – جبيل قوى سياسية قررت ان اهالي الدائرتين لا يتمتعون بالاهلية الدستورية والقانونية لتولي مناصب نيابية! فعمد التيار العوني الى ترشيح العميد المتقاعد شامل روكز، الصهر الثاني لرئيس الجمهورية العماد عون، وهو في بلدة شاتين – قضاء البترون ليترأس لائحة نيابية في كسروان – جبيل. وهذا، لان مقعد البترون النيابي محجوز للصهر الاول وزير الخارجية جبران باسيل. الا ان التيار لم يبد ثقة مطلقة بالعميد المتقاعد، فتوكل بداية الامر رئيسه الوزير باسيل بعملية تشكيل لائحة عديله، الا أنه يبدو ان الامر لم ينجح، بعد خروج كل من رجل الاعمال نعمة افرام والنائب السابق منصور غانم البون والوزير السابق زياد بارود من اجتماعاتهم المنفردة مع باسيل، مستاءين من طريقة التعاطي معهم، حسب ما نقل عنهم. وذلك ما أدى الى اسنحاب بارود من المعركة الانتخابية وعزوف كل من افرام والبون عن الترشح مع التيار العوني، وان بشكل غير نهائي! هذه الانتكاسة في مسعى الوزير باسيل لتشكيل اللائحة نيابةً عن عديله أعادت وضع الاهتمام بتشكيل لائحة كسروان جبيل الى الجنرال عون، فبات هو المرجع الوحيد الصالح للتفاوض والبت بشأن من ينضم اليها ومن يتم استبعاده.
الى ما سببق جاء ترشيح الحاج حسين زعيتر وهو من بلدة في البقاع على لسان امين عام حزب الله مباشرة، كي لا يعترض اي مواطن جبيلي على هذا الترشيح ويضع مزيدا من العراقيل في وجه العميد المتقاعد. وبدا أن عدم الأهلية لا يشمل موارنة كسروان وحدهم إذ جاء السيد نصرالله لينوب عن شيعة جبيل ويعلن لهم مرشحهم الذي يريد ان يعطيه جائزة ترضية على خدماته العسكرية والميدانية في المنطقة الخامسة في الحزب، ولم يجد مكانا له سوى جبيل.
منصور البون
وهذا ما الذي اثار حفيظة العميد المتقاعد روكز، الذي وقع بين نارين، الاولى حاجته الى اصوات الشيعة، خصوصا انها تأتي بـ”التكليف الشرعي” ليرفع نسبة الاصوات التي ستنالها لائحته، والثانية، عدم قدرته على ضم مرشح نافر من حزب الله الى دائرة نسبة التصويت فيها تقارب 80% للمسيحيين الموارنة!
ومع ذلك لا بد للعميد روكز من ان يشرب كأس المرارة! فوجود زعيتر على لائحته لا يتطلب تفاوضا او منّة من احد، لان الامر منوط بمرشحين آخرين من التيار في حاجة الى التصويت الشيعي على غرار النائب آلان عون في بعبدا، وسواه في دوائر أخرى.
معلومات تشير الى ان روكز وفي مسعى لاحتواء تداعيات ترشيح زعيتر، قصد منزل المرشح الشيعي عن جبيل رجل الاعمال ربيع عواد، وتمنى عليه عدم سحب ترشيحه في انتظار مساع قد تفضي الى ضمه الى لائحة روكز بديلا من زعيتر، ولكن روكز وعواد يعرفان ان الامر النهائي موجود في حارة حريك وليس في الضاحية او في شاتين.
الى ذلك يبدو ان لائحة روكز التي يفترض انها ستكون الاولى، ستضمه الى الشيخ حسين زعيتر في جبيل، والمسؤول العوني في كسروان طوني عطالله، اما الاسماء الباقية فهي تنتظر مفاوضات ابرزها محاولة جمع المرشح نعمه افرام مع رئيس بلدية جونيه العوني جوان حبيش، والتي يبدو ان دونها صعوبات جمة، خصوصا ان حبيش يرفض الاستجابة لاي مسعى. ومع ذلك، في حال نجحت المصالحة بين حبيش وافرام، فيرجح انضمام الاخير الى لائحة التيار العوني، وفي حال فشلها سيجلس على مقاعد الانتظار في انتظار لوائح اخرى وسيحاول التيار العوني ايجاد البديل المقنع للناخبين.
في سياق متصل ما زال النائب السابق فريد هيكل الخازن يسعى لتشكيل لائحة يكون هو وجهها الكسرواني، ويسعى الى ضم كل من حزب الكتائب اليها عبر المرشح شاكر سلامة ، والوزير السابق فارس بويز، على ان تضم النائب السابق في جبيل د. فارس سعيد إضافة الى السيد مصطفى الحسيني عن المقعد الشيعي.
في المقابل ينتظر مرشحا القوات اللبنانية رئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط، ورجل الاعمال شوقي دكاش، اكتمال عقد اللوائح في الدائرة حيث سينضم اليهما النائب الاسبق محمود عواد عن المقعد الشيعي في جبيل. ويرجح انضمام مارون حلو من حزب الاحرار الى اللائحة القواتية والنائب العوني يوسف خليل بعد ان استبعده التيار العوني عن الترشح.
وتشير معلومات الى ان وفدا من التيار العوني في جبيل زار الحاج وفيق صفا مسؤول الامن في حزب الله، طالبا منه سحب ترشيح الحاج حسين زعيتر من جبيل، واستبداله باي مرشح شيعي من ابناء جبيل، فكان جواب صفا جازما! ومفاده ان الشيخ زعيتر يستطيع تشكيل لائحة منفردا، وهو ليس في حاجة الى التحالف مع التيار العوني، ولكن عليكم ان تتذكروا ان تحالفنا قائم في جميع الدوائر الانتخابية، فإما نتحالف ان نشكل لوائح مستقلة.
وعاد الوفد العوني بخفي حنين من لقاء صفا، وتم تثبيت تحالف حسين زعيتر مع العميد المتقاعد شامل روكز.