طهران –
يوم السبت الماضي نُقل إلى سجن “ايفين” الذائع الصيت في شمال طهران، بعد اعتقاله جراء الاحتجاجات. بعد ساعات قليلة جاء خبر انتحاره من قبل إدارة السجن. فانفجر الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي محتجاً، وأمطرت سهام الشكوك أي إمكانية لصحة الخبر، وسيطرَ الحزنُ المصاحَب بالتنديد على المشاركات الإلكترونية التي استعادت تاريخ هذا النوع من الأنباء.
فـ”إيفين”، والسجون الإيرانية التي تحتضن المحتجين، ناشطي الحراكات السياسية-الاجتماعية، هي سيئة السمعة الإنسانية، وأخبارها المتعلقة بمصير معتقليها مرعبة في أحسن الأوصاف، وسجن “كهريزك” سيئ السمعة، الذي كان معقلاً لتعذيب وقتل العديد من معتقلي احتجاجات عام 2009، والذي أمرَ مرشدُ الثورة علي خامنئي بإغلاقه، شاهدٌ على ذلك. أما في عام 2018، فقد عاد “ايفين” ليذكّر الإيرانيين بـ”كهريزك”، وهذه المرّة عبرَ خبر انتحار المحتج الشاب “سينا قنبري”، 23 عاما!
وفيما أكد عضوا البرلمان الإيراني، “طیبة سیاوشي” و”محمود صادقي”، خبرَ وفاة “قنبري”، قالت “سياوشي”، حسب ما نقل موقع “إيران واير” المعارض أن “تقارير وزارة المخابرات وقوات الشرطة تشير إلى انتحار قنبري”. لكن، قبل ساعات من إعلان خبر الوفاة، تداول الكثير من الناشطين الإيرانيين في مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاته، وأشاروا إلى أن الوفاة هي نتيجة حقنه بجرعات كبيرة من مادة “الميتادون”. في حين لم تعلِن لجنة تشكلت لمتابعة المعتقلين عن سبب الوفاة. وأكد مصدر مقيم في إيران، في حوار مع موقع “إيران واير” بأنه “تم إلقاء القبض على “قنبري” قبل يومين من ذكرى ميلاده، وأنه مات نتيجة حقنه بمادة الميتادون. لكن من غير المعلوم إلى الآن كيفية وصول الميتادون إلى السجن أو كيفية حقن”قنبري” بهذه المادة”. وطبقاً لتلك الرواية، حذر”قنبري” ضابط السجن بالإنتحار إذا لم يتم الإفراج عنه. لكن لم تنجح هذه الروايات في اقناع ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين إستدعوا أحداث عام 2009. وحذر النائب “صادقي”، في تغريدة على موقع تويتر، الرئيسَ الإيراني حسن روحاني والمسؤولين بالأجهزة الأمنية والقضائية من تكرار حوادث “كهريزك”.
وكان ناشطون إيرانيون تداولوا أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء مقتل معتقلين اثنَين تحت التعذيب على خلفية الاحتجاجات مؤخرا. وقال الناشطون إن معتقلا يدعى “محسن عادلي” قتل في سجن “دزفول”، وآخر يدعى “وحيد وحيدي” قتل في سجن “أراك”، مشيرين إلى أن الاثنين قُتلا تحت التعذيب. وقالت الحقوقية الإيرانية البارزة، نسرين ستودة، الحائزة على جائزة سخاروف لحرية الفكر، لـ”راديو فردا”: “بعد مقتل قنبري ووحيدي وعادلي، قُتِل اثنان آخران أيضا من المعتقلين في سجن إيفين”.
وعبّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، عن مخاوفها من سوء معاملة يتلقاها المعتقلون في إيران على إثر الاحتجاجات مؤخرا، وذلك بعد التقارير عن وفاة معتقلين في السجون.
وطالبت المنظمة في بيان، السلطات الإيرانية “السماح للمحققين المحليين والأجانب المستقلين، بمن فيهم مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، بزيارة مراكز الاحتجاز والتحقيق في الانتهاكات المزعومة”، مشيرة إلى “وجود تاريخ من الإفلات من العقاب المستمر، وسجل سيئ في التحقيق بالانتهاكات بحق المحتجزين”. وأكدت مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس”، سارة ليا ويتسن، أن “التقارير عن الوفيات تبرز الأهمية القصوى للتحقيق في هذه الحالات فورا، وتقديم أي شخص مسؤول عن سوء المعاملة إلى العدالة”.
وكان ملف سجن “كهريزك” من أكبر الملفات إثارة في الأوساط السياسية والشعبية الإيرانية، حيث هزت الجرائم التي ارتكبت بحق الناشطين من الشباب والفتيات وقتلهم تحت التعذيب، الشارع الإيراني. ومِن أبرز مَن قتلوا تحت التعذيب، “محسن روح الاميني” و”امير جوادي فر” و”محمدكامراني” و”رامين آقازاده”. كما قتل الطبيب الشاهد على هذه الجرائم “رامين بوراندرجاني”، كونه الشاهد الرئيسي على الانتهاكات التي وقعت في السجن، حسب ما ادعت أسرته والمعارضة الإصلاحية.
إقرأ أيضاً: