لم نعثر حتى الآن عن تقييمات عسكرية جدّية للحملة الجوية السعودية-الإماراتية في اليمن! الأسوأ أن هنالك تعميمات في التحليلات الغربية يلتقي معظمها، أولاً، على أن “المزاعم السعودية حول الدعم الإيراني للحوثيين مبالَغ فيها”. والثانية أن القصف الجوي أدى إلى “كارثة إنسانية” في اليمن. (وهذا عدا الإستخفاف بالخطر الإيراني على السعودية انطلاقاً من اليمن: كيف شكّلت “كوبا” الصغيرة “خطراً” على الولايات المتحدة، في حين لا تشكّل اليمن خطراً على السعودية؟..)
التعميم الأول يلتقي مع “تقييم إدارة الرئيس أوباما”، ويتجاهل سنوات من الدعم الذي قدّمه “الحرس الثوري” للحوثيين إنطلاقاً من “إريتريا” وغيرها، عدا الدعم العسكري والمالي الذي يقدّمه “حزب الله” بصفة “مقاول من الباطن” للحرس الإيراني. (ما زال بعض ضباط الحرس الإيراني ومسؤولين في حزب الله محاصرين في اليمن بسبب تعذّر إخلائهم).
كل التحليلات الغربية كانت تعتبر أن ميزانيات التسليح السعودية الهائلة كانت هدراً محضاً. ولكن أي تحليل عن مراكز الأبحاث الغربية لا يفسّر كيف نجح السعوديون والإماراتيون في تحقيق عدد غير مسبوق من “الطلعات الجوية” في يوم واحد: ١٢٠ طلعة في بعض الأيام. وهذا إنجاز لم يحقّقه حتى الطيران المصري في زمن الحرب، ولا يتفوّق عليه سوى الطيران الإسرائيلي! وهو “إنجاز” في كل الأحوال. وهذا بدون الإشارة إلى العمليات البحرية غير المسبوقة التي حقّقتها السعودية (أين “الأسطول ٣٥” الذي هدّد به قائد البحرية الإيرانية؟).
ماذا عن عملية “عدن” الأخيرة؟ ما يلي ما كتبه المحلّل في معهد بروكنيغز، “بروس ليدل” (الذي عمل ٣٠ سنة في “السي آي أي”) ويتضمّن معلوماتٍ مفيدة عن التخطيط للعملية وعن تنفيذها.
الشفاف
*
بعد أشهر من الإحباط، حقّقت الحرب السعودية في اليمن انتصارها الأول، وسيطرت على معظم مدينة “عدن” الساحلية. ولكن “الحوثيين” الزيديين يظلون مسيطرين على شمال اليمن وما زالت هزيمتهم بعيدة جداً.
عشية عيد الفطر، حشدت “عملية السهم الذهبي” بين القوى الجوية والبحرية السعودية وأنصار للرئيس هادي تم تدريبهم وتجهيزهم، ما سمح بالسيطرة على منطقة “كريتر”، وهي قلب مدينة “عدن” التاريخية. وأعلن الرئيس هادي أنه “انطلاقاً من عدن فسوف نستعيد اليمن كله”، في حين طار مسؤول مخابراته وعدد من وزراء حكومته من الرياض إلى عدن.
ووفقاً لمصادر سعودية، فقد ابتدأ التخطيط لعملية تحرير عدن قبل ١٠ أسابيع. وتم استدعاء عناصر من اليمنيين إلى عدة مرافق تدريب في السعودية لتحويلهم إلى قوة مقاتلة كفؤة. ويقول السعوديون أنه حصلوا على دعم من الولايات المتحدة، ومن بريطانيا، ومن فرنسا بصورة خاصة، للقيام بهذه العملية.
وقد سرّعت واشنطن ولندن تسليم الذخائر وقطع الغيار للطيران الملكي السعودي. ولكن السعوديين لا يُفصحون عن الدعم الخاص الذي قدّمته لهم فرنسا!
وتضيف المصادر السعودية أن الهدف التالي للسعوديين وللرئيس هادي هو التقدّم شمالاً من ”عدن” إلى ”تعز”، وهي ثالث أكبر مدينة في اليمن. ويخوض الموالون للرئيس هادي قتالاً شرساً منذ أشهر في “تعز” ضد الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبدالله صالح. وتملك “تعز” أهمية رمزية كبيرة باعتبارها ثاني عاصمة تاريخية لليمن.
يضيف المحلّل بروس ريدل:
إن انتصار “عدن” سيشجّع القيادة السياسية في السعودية على مواصلة الحرب. وقد وضع الملك سلمان كل رصيده وسمعته في التصدّي للحوثيين وعلي عبدالله صالح، وفي إلحاق الهزيمة بإيران في اليمن.
وخلقت الحرب موجة من الحماس الوطني، ومن التأييد للعائلة الحاكمة، في المملكة العربية السعودية.