الاكيد في ظل المعلومات المتداولة ان الجيش اللبناني يخوض معركة ضد تنظيم داعش الارهابي، وانه اعتمد تكتيكا حربيا بعيدا عن منطق « ميليشيا » حزب الله. فالتزم الحذر في تقديم المعلومات بعد منع الاعلاميين من الاقتراب من ساحات المعارك.
وما هو مؤكد ايضا ان الجيش استطاع خلال حربه المعلنة منذ اكثر من شهر ان يقضم تدريجيا مناطق سيطرة التنظيم الارهابي في الاراضي اللبنانية، وصولا الى تحرير 80 في المئة من الاراضي اللبنانية التي كان يحتلها التنظيم الارهابي.
وما هو غامض الى اليوم هو قدرة التنظيم الارهابي على المواجهة، خصوصا ان المواجهات مع الجيش لا تنسجم مع حجم الشائعات عن قدرات اسطورية للتنظيم كان يخبر عنها امين عام حزب الله حسن نصرالله في إطلالاته الاعلامية ليبرر وجود مقاتلي حزبه في سوريا « لردع التنظيم الارهابي عن استهداف اللبنانيين »!
ما حصل الى اليوم هو خروج آمن من جرود عرسال لمسلحي « جبهة النصرة » ومن لف لفهم الى الداخل السوري برعاية مقاتلين من حزب الله ومن جيش نظام بشار الاسد!
هذا في جرود عرسال، اما في جرود رأس بعلبك، فهناك ما يثير اكثر من علامة استفهام.
لماذ يحجم التنظيم الارهابي عن خوض مواجهة فعلية مع الجيش اللبناني؟
لماذا لجأ امير العقيدة في التنظيم الارهابي الى تسليم نفسه مع عدد من المقاتلين لعناصر حزب الله في مشهد درامي فكاهي، حيث يظهر وكأنه « ضيف »على عناصر الحزب وليس « إرهابيا » على استعداد لتفجير نفسه بحزام ناسف، او تفجير السيارة التي اقلته مع عدد من مرافقيه الى مركز عسكري لحزب الله! وهذا، من غير ان تثيرالسيارة المحملة بدراجة نارية أية مخاوف لدى الحزب الإيراني!
لماذا قرر الدواعش الاستسلام لحزب الله، ومنهم من استسلم للجيش النظامي السوري، بدلا من تسليم انفسهم للجيش اللبناني؟ خصوصا ان الجيش اللبناني غير متورط في الدماء السورية، وهو يخوض حروب الجيوش النظامية، ولا يقتل الا في حالة الدفاع المشروع عن النفس! واقصى ما يمكن ان يتعرض له من يلقي الجيش القبض عليه هو إحالته الى القضاء المختص، عسكرياً كان ام مدنياً؟
ماذا فعل حزب الله بعناصر داعش الذين استسلموا لمقاتليه؟ علما ان المنطق الذي أشبع الحزب اللبنانيين به منذ تورطه في قتل الشعب السوري يقضي بتسليم هؤلاء الارهابيين الى القضاءاللبناني المختص لمحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكيوها في حق اللبنانيين!
وإذا كان النظام السوري يقول إنه يحارب التنظيم الارهابي، وبما هو معروف عن قسوة جماعة هذا النظام، أليس مستغربا ان يلجأ عناصر التنظيم لتسليم انفسهم لاعدائهم؟
قيادات « داعش »: من الأسد.. وإلى الأسد!
ما هو واضح ايضا ان جماعة التنظيم الارهابي هم من السجناء السابقين والذين اخلي سبيلهم في اعقاب اندلاع الثورة السورية، خصوصا المدعو « ابو مالك التله »، زعيم جبهة النصرة في جرود عرسال، والمدعو « ابو البراء »، الذي يشتبه بتورطه في خطف العسكريين اللبنانيين. فهؤلاء وجدوا الأمان في تسليم أمرهم لحزب الله والنظام السوري بدلا من اللجوء، ولو سجناء، الى كنف القضاء اللبناني!
أسئلة عديدة لا ولن تجد اجوبة لها في المدى المنظور.
الا ان المعارك الدائرة وقدرة الجيش اللبناني على ضعضعة صفوف التنظيم الارهابي، وتطهير الارضي اللبنانية من رجس عناصره سيعطي بارقة امل للبنانيين بوقف التشكيك بقدرات جيشهم. وتضع المعارك الدائرة منطق التعاطي مع الجيش على “رجليه” بدل من التعاطي مع المؤسسة العسكرية كطفل وديع! فالجيش ليس في حاجة لحماية اللبنانيين، ووظيفته هي حماية اللبنانيين، وهذا ما يقوم به الجيش اللبناني للمرة الاولى منذ العام 1973.