إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
ينبغي على نجيب ميقاتي أن يتظاهر بـ”زيارة دبلوماسية” إلى القاهرة أو الرياض أو حتى الدوحة، وأن يبقى هناك.. لفترة طويلة!
إِرثُهُ، كرئيسِ وزراء، شَهدَ السيطرة الكاملة لحزب الله على السياسة اللبنانية وعدم قدرته على فعل أي شيء البتة. خاصةً وأن مُرشِدَهُ وحاميهُ، الرئيس ماكرون، لم يعد مؤثراً في الشؤون العالمية، ما جعلَ وضعه يزداد سوءاً يوماً بعد آخر .
“نجيب” ليس مؤهلاً لهذا النوع القاسي و الخطر من السياسة اللبنانية. فهو “وسطي” كما يُحِب أن يُسمّي نفسَه، و هو يجد نفسه بعيدا جداً عن أي موقع “وسطي” أو “محايد”، سواءً للبنان أو لبيئته. لقد لعب الدورَ الذي طُلبَ منه حتى 7 أكتوبر 2023. ثم تغيّرت قواعد اللعبة، وهو غير معتاد أو مُهيّأ أو كفؤ بما يكفي للعب السياسة القذرة في لبنان اليوم. لذلك، يجب أن يرحل، وأن يستمتع بمسافة يفرضها لنفسه، أو حتى أن يختار منفى سياسياً (غير “أبو ظبي”، لان المكان لا يتسع لرئيسين سابقين للوزارة)، أو ان يقضي أيامه على متن قارب أو في منتجعٍِ صحي أو في تَعداد نِعَمِهِ، التي هي على وشك أن تتلاشى إذا بقي عاجزاً ومشلولاً بسبب خوفه من حزب الله، أو من سيطرة “بِرّي” عليه، او من النفوذ و الادعاءات الواهية لجنبلاط، الذين وكلاهما يعتقد أن الأمور ستعود إلى طبيعتها بعد انتهاء الأزمة.
لن يحدث ذلك و على “نجيب” ان يكون إسماً على مُسمّى، أو ان يخاطر بكل شيء.
“بِرّي” بحاجة لأن يتمعّن طويلاً في المرآة ليرى نفسه كملياردير متقاعد يمكنه أن يقضي بقية أيّامه في إفريقيا أو أينما يشاء.
انتهت أيام القوة والمجد التي كان فيها الذراع الموثوق للنظام السوري، وتجاوز فيها صلاحياته ليصبح الحاكم الفعلي للبنان من عام 1995 إلى 2005. وحتى خلال عهد النفوذ الإيراني. فقد سمحت له “مهارته” أن يتبوّأ دورَ “الوسيط” بين الجمهورية اللبنانية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذا الدور انتهى، وسلطته تلاشت، وأتباعه يعانون من كثرة القنابل، وقلة المساعدة، وانعدام الملجأ.
خصومه لم يعودوا بحاجة إليه الآن بعد أن أصبح “حزب الله” بلا أنياب!
العائلات الشيعية التقليدية تستعدُّ للإنتقام الذي طال انتظاره. ليس لديه خليفة مناسب سواءً داخل عائلته أو داخل “حركة أمل”. السيناريو الأفضل هو تقاعدٌ تدريجي فيأخذُ دور “المرشد المدني” للمجتمع الشيعي مع إدارة انتقال سلسة تضمن له الاحتفاظ بمعظم ثروته وبعضاً من كرامته! هل سيعرف كيف يدير هذا الانتقال؟ بصعوبة! لأن الإمبراطور لا يدرك بعد أنه “بلا ثياب”، ولأنه لن يجد من يعرض عليه ولو ذرّة من التعاطف ليغطيه.
جنبلاط يحتاج إلى الصمت لفترة طويلة جدًا.
لم يعد هناك داعٍ للحديث عن فلسطين أو عن القضية العربية أو أي شيء آخر سوى لبنان ومصالح الدروز فيه. الجميع يمكنهم البحث عبر Google وقراءة “Foreign Affairs ” أو “The Economist” الإنترنت. لم يعد أحد يصدق أن جنبلاط لديه مصدر خاص للمعلومات أو القدرة على التنبؤ بالأحداث. ميشال حايك والشيخ أحمد علي الحسيني يقومان بعمل رائع على التلفاز. لذا، يحتاج “وليد بيك” أن يصبح أكثر شَبَهاً بـ”الست نظيرة” وأقل شبهًا بـوالده “كمال بك”.
عليه أن يلتزم الهدوء، وان يعيد تجميع أتباعه، ان يسوّق لـ”تيمور” بشكل أفضل، وان يتحدث أقل عن السياسة الدولية وأن يتعامل أكثر مع القضايا المحلية. فعالمه بات محصورًا في جنوب جبل لبنان وفي جزء من البقاع. ففي سوريا تحرّرَ الدروز بفضل الثورة السورية، وفي إسرائيل تسير ُ أمورهم على ما يرام. أما في لبنان، فهم يعيشون معضلة جدية، حيث تتصادم غريزة البقاء لديهم مع موقف وليد جنبلاط المنحاز أو الملتبس تجاه حزب الله وإيران.
ذُالكل يعرف أنه يفعل ذلك من واقع الخوف، ويدرك أنه غير مقتنع. لكن الآن جاء وقت الحقيقة والمحاسبة. لم يعد هنالك مُتَسع للازدواجية أو النفاق. لا مجال للهجوم على “الموارنة: بعد اليوم، فهم ليسوا أعداء الدروز، بل حزب الله هو العدو الحقيقي لكل لبنان و حتى لفكرة لبنان التي قد صنعها “المعنيون” و ليس “المردة”. و قد يصبح جنبلاط معادياً لمصالح الدروز إذا استمر في هذا المسار الانتحاري.
المختارة مكان جميل للاعتكاف، و القراءة، والسَمَر ،ولقاء الأصدقاء والبقاء على قيد الحياة. “الست نظيرة” “ثابرت بعد اغتيال زوجها “فؤاد”، وبعد الثورة الدرزية التي قادها “سلطان باشا الاطرش في سوريا، و خلال فترة الانتداب الفرنسي، وأعادت “كمال” إلى السياسة من أوسع أبوابها.
“وليد” يجب أن يتبع المسارَ نفسه وأن يتوقف عن لعب دور “تشي غيفارا”، “فذلك لا يليق به إطلاقًا ولا يخدم مصالح لبنان أو حتى مصالح “بني معروف!