إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تحديث: أشرنا غداة اغتيال محسن فؤاد شكر (في 30 تموز/يوليو) ان الخرق الامني كبير جدا في الحزب، وان شكر المُلقَّب بـ”الشبح”، لا يعرفه سوى قادة الصف الأول.
اليوم ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، ان اسرائيل اخترقت شبكة اتصالات “حزب الله” وعرفت مقر إقامة شكر الذي كان يشغل طابقين في البناء الذي استُهدف فيه، الطابق السابع وهو مسكنه مع عائلته، والطابق الثاني حيث كان يعمل.
وتشير الصحيفة الى ان شكر تلقى اتصالا انتقل بعده من الطابق الثاني الى الطابق السابع حيث تم اصطياده!
ايضا قال أمين عام حزب الله في خطابه المنشور بالفيديو انه، هو، كان آخر من اتصل بشكر قبل ساعة من اغتياله!
وذكرت بيانات حزب الله عقب الاغتيال ان شكر توجه الى منزله ليلتقي لاحقا نصرالله بمعية المستشار الايراني الذي قتل معه!
من باع شكر؟
نصرالله نفسه كما قد يوحي مقال الجريدة الأميركية التي كذّبها الحزب بعنف شديد؟ ام الايرانيون؟ ام شخص من الدائرة المحيطة بالامين العام لحزب الله وبشكر نفسه؟
في أي حال، حزب الله اللبناني تقرير صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، الذي يعرض تفاصيل جديدة حول اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، وأصدر بيانًا نفى فيه المعلومات التي وردت في التقريرر، قائلا إن مراسلي الجريدة الثلاثة الذين كتبت أسمائهم على المقال لم يلتقوا بأي مسؤول من حزب الله على الإطلاق، والمقصودون هم: Sune Engel Rasmussen, and
تأسَّسَ حزبُ الله اللبناني على يدِ جماعةٍ محدودة أُطلقَ عليها فور تشكيلها إسم “الخلية الامنية”، وتألّفت من مقاتلين شيعة كانوا في صفرف حركة “فتح” الفلسطينية، بزعامة ابو عمار، في ما يعرف بإسم “الخلية الطلابية”. ومع انتصار الثورة الاسلامية في ايران، قام عدد من رجال الدين الشيعة في لبنان، بإغراء هؤلاء الشبان للالتحاق بالثورة الناشئة، واخذوهم الى طهران للخضوع لدوراتِ تدريب عسكرية وسياسية وعقائدية، وعرف من بينهم “عِماد مُغنية”، و”مصطفى بدر الدين”، و”فؤاد شكر”، وسواهم..
عاد هؤلاء الى لبنان وعملوا على تأسييس ما سيعرف لاحقا بإسم“حزب الله“، المُمَوَّل من طهران، والذي يعمل بتوجيهات الحرس الثوري الايراني. وبدأوا انشطتهم العسكرية بتفجير مقر السفارة الاميركية في بيروت، ومقر “المارينز” ومقر القوات الفرنسية، ومن بعدها مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي في مدينة وصور والعديد من الاعمال العسكرية، بالتزامن مع تجنيد الشبان الشيعة للالتحاق بصفوفهم. خصوصا بعد ان طردت اسرائيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، عام 1983. حيث شهدت الساحة السياسية الشيعية فراغا بتغييب الامام موسى الصدر، وغياب المظلة الفلسطينية، وعدم تقبل الشارع الشيعي لـ“حركة أمل” برئاسة نبيه بري، نظرا للممارسات التي كان يقوم بها عناصر الحركة الذين لم يختلفوا في تعاطيهم مع المواطنين عن سائر الميليشيات. بالمقابل، سعى مؤسسو حزب الله لتظهير صورة الحزب بوصفه “مقاومة” ذات بأس شديد، لا يهاب عناصرها الموت، بل يقبلون عليه. الى ان كان الاصطدام الكبير بينهم وبين عناصر حركة “امل“، حيث قاموا باغتيال قيادات الحركة، من داوود داوود وحسن سبيتي وسواهم. وصولا الى معارك “اقليم التفاح” بين.التنظيمين الشيعيين، والتي ساهمت اسرائيل فيها، بترجيح كفة “حزب الله” على عناصر حركة “أمل“. قحين حاصر عناصر “الحركة” عناصرَ “الحزب”، في “إقليم التفاح”، وكانوا على وشك القضاء عليهم، فتحَ لهم ما يعرف بـ“جيش لحد“، معابرَ ما كان يُعرف بـ”الشريط الحدودي” الواقع تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي حينها، ليقوموا بالالتفاف على عناصر حركة “امل” ويستطيعوا القضاء عليها. ولم تنتهِ حروب الاشقاء إلا بتدخلِ سوري بطلب ايراني، تم خلاله توزيع الادوار بين نبيه بري وحزب الله.
الخلية الامنية التي شكَّلت حزب الله، كانت هي صاحبة الإمرة في الحزب، وهي تُعَيِّن “الامين العام”، وتُعيِّن “مجلسَ الشورى”، ولها الكلمة الاخيرة في كيفية إدارة الحزب على المستويات كافة. هذا، في حين كانت واجهة الحزب مُجرَّدة من اي صلاحية، بل بمثابة متحدث باسم الحزب يترجم توجهات اعضاء الخلية الامنية، ومن ضمنهم حسن نصرالله الامين العام الحالي، الذي تم تعيينه امينا عاما بتوصية من “الخلية الامنية”. ولم يكن نصرالله عضواً في “الخلية الأمنية”، وقبلها “الخلية الطلابية” في “فتح” حيث أنه فرّ إلى إيران بعد أن قتل أحد أبناء قريته، “الزرارية”.
مع نجاح نصرالله في مهمته، تم تأبيده في مهمته القيادية في منصب “الامين العام”، ولكنه بقي خاضعا لسيطرة اعضاء “الخلية” الذين سبقوه الى تأسيس الحزب، ويعتبرون انفسهم متقدمين عليه على كل المستويات.
ومع تقادم الوقت، بدأت الاغتيالات تطال عناصر “الخلية الامنية”، بعضها معروفٌ من قام بها، ومنها ما بقي الى اليوم مثيرا للجدل. فزعيم الخلية “عماد مغنية” اغتيلَ في دمشق بعبوة ناسفة وضعت في مَسند رأس كرسي سيارته في “مُرَبَّع امني” شديد الحراسة. في حين ان مصطفى بدر الدين تَمَّ فتلًه في دمشق بطريقة غامضة، اما “حسان اللقيس”، فتم قتله ايضا في مدخل بناء كان يقيم فيه بشكل سري، حيث انتظره عدد من الملثمين اطلقوا عليه النار فاردوه!!
عناصر الخلية الامنية يتميزون بخبرتهم الامنية الواسعة، فلا صور معروفة لهم، ولا أسماء، ولا يعرفهم عناصر الحزب وقياداته حتى، وهم يحيطون انفسهم بجدار من التدابير الامنية السرية الحديدية التي يصعب اختراقها. فضلا عن عمليات التجميل لتغيير اشكالهم.
كان “فؤاد شكر”، كما وصغه احد القيادييّن السابقين في “حزب الله“، بمثابة “قاسم سليماني” الحزب اللبناني، فكيف تم اغتياله؟
فؤاد شكر قد لا يكون الامين العام للحزب حسن نصرالله يعرف مكان اقامته ام تنقلاته، فكيف وصلت اليه يد الاسرائيلي وهو المطلوب للحكومة الاميركية التي وضعت عام 2019 مبلغ خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه!! فضلا عن تصيفه ارهابيا؟
وهنا يلفت النظر أن الحكومة الأميركية لم تضع جائزة لاعتقاله إلا في العام 2019!، مع أنه مُتَّهَم في عملية تفجير ثكنات المارينز في.. 1983! بكلام آخر، ما هي المعلومات التي حصلت عليها الحكومة الأميركية بعد 36 عاماً، لكي تضع جائزة 5 مليون دولار لاعتقاله؟ وما هو مصدر تلك المعلومات: “الحزب” نفسه، أم إيران، أم النظام السوري؟ لا بد أن “الحاج محسن” قد طرح ذلك السؤال حينما وجد إسمه على قائمة المطلوبين الأميركية قبل 5 سنوات، في 2019!
هل تمت التضحية بالقائد الاول في الحزب فؤاد شكر؟
سؤال لا بد ان يتبادر الى ذهن اي محلل سياسي، خصوصا ان اسرائيل كانت توعدت بضربة عسكرية للرد على مجزرة مجدل شمس المتهم بارتكابها “شكر” نفسه. فهل يعقل لمن نجا من الاعتقال منذ العام 1983، ان يستهتر بتدابيره الامنية ليبقى في منزله في حارة حريك، في ظل تدابير امنية مشددة اتخذها الحزب، بعد ان اخلى العديد من المواقع جنوبا؟ ام ان هناك من اوصل خبرا للاسرائيليين عن تواجد “شكر” في “منزله؟ وهذا الذي اوصل “الخبر” ليس عنصراً عاديا في الحزب، ولا قياديا سياسيا. فأمثال “شكر مجهولو الاقامة والشكل والتنقلات، فلا بد من ان يكون من صف القيادات المرخص لها بالاطلاع على تحركات قيادي من الصف الاول.
هل استطاعت اسرائيل تحقيق مثل هكذا خرق في صفوف الحزب ؟ وتاليا هل من خيمة فوق رأس اي من عناصر حزب الله، اذا كانت اسرائيل تستطيع اغتيال مسؤول بحجم “شكر”؟
لا شك ان تأخر اسرائيل بالرد على مجزرة مجدل شمس كان محسوبا ليأتي الرد بعناية، بحيث استطاعت ضرب اكثر من عصفور برمية واحدة.
الاول، إسكات الادارة الاميركية ومنعها من توجيه اللوم الى بنيامين نتنياهوـ لانه أَمرَ بقصف مبنى في ضاحية العاصمة اللبنانية. فالمستهدَف مطلوب اميركيا، وحري بنتنياهو ان يطالب بالمكافأة على قتله.
الثاني، إحراج “حزب الله“، كون العملية لم تستهدف مدنيين ولا مركزا مدنيا حكوميا لبنانيا بل مركزا يقيم فيه اخطر مسؤول في الحزب. فلا الحكومة اللبنانية قادرة على تبني اي موقف للحزب بعد الضربة، فهي غير معنية بحروب الحزب، كما ان المستهدف تعتبره اسرائيل مسؤولا عن قتل الاطفال في مجدل شمس.
مقالكم ذكّرني بنادرة متداولة عندنا في العراق عن محكمة المهداوي الشهيرة: اصدر قراراً جاء فيه “من أبو عقال وعاليمين إعدام، ومن أبو عقال وعاليسار براءة”. سأله الحاجب “وأبو عقال سيدي؟ّ” فأجابه “خلّوه علام”! رحم الله رفاق السيّد الذي ارتقوا إلى جنات الخلد إن شاء الله.
مقال في الصميم
Edward Ziadeh
مقال شيق و ممتاز.
انا معاق ممكن تساعدوني
فؤاد شكر الذي قتلته، هو أحد عناصر فريق عماد مغنية العسكري، الذي خطط لضرب المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، ومنها في الكويت في الثمانينات..