النائب الطبطبائي واشكاله من المتطرفين الدينيين، غثونا بالتباكي على اهلهم واطفالهم الذين يقتلون حسب زعمهم في كل مكان. لا يعلمون شيئا عن اهلهم المزعومين عندما يتعلق الامر بالتنمية او بالحقوق السياسية التي يتصارعون عليها بينهم. لكن عندما يتعلق الامر بطائفة «مختلفة» فان الامر يختلف ايضا. وهم لا يكتفون بتجاهل الاضطهاد الذي يمارسهم اهلهم هم ضد الغير، بل يهللون له ويمجدون نتائجه ويدافعون عن مسبباته.
الانسان عندهم، من هو من ملتهم وحسب. ولو كان الغير محروما من تعاطفهم وحده لهان الامر. فتعاطفهم ومساهماتهم تكاد لا تذكر ولا يعتد بها قياسا الى مساهمات الخيرين من الانسانيين الحقيقيين. لكنهم يجاهدون لتكريس الاضطهاد ضد من يختلف عنهم، يبررونه ويشجعون عليه.
قبل ايام كانت قناة «السي ان ان» الاميركية، التي تتباكى مثل الطبطبائي على اهله في حلب، تعرض معاناة الاطفال هناك. وكررت عرض مقطع فيديو لطفلتين، الاولى ربما لا تتعدى السنوات الخمس والثانية اكبر منها بقليل، وهما تسيران وسط الانقاض. مؤلم رؤية شوارع حلب، وسوريا بأكملها وهي تغص بالدمار والخراب، لكن وبصراحة لم يشدني في فيديو «السي ان ان» هول الدمار الواضح فيه، لكن ما لفت انتباهي، كان حجاب الطفلتين الصغيرتين، بنت الخامسة وربما بنت السادسة او السابعة، كانتا ترتديان الحجاب الذي ترتديه البالغات هنا وربما بشكل مبالغ فيه.
اذا كان يحق للطبطبائي ان يتباكى على الدمار الذي يحيط بالطفلتين الحلبيتين، فانه يحق لي ان اكون معنيا بالقهر والتصغير اللذين تتعرضان اليهما بهذا العمر. ناس في حرب ومآس وقلاقل.. ومع هذا فالمسيطر على اهل الطبطبائي هناك هو افتتان رجالهم بهاتين الطفلتين، بدلا من انشغالهم بانقاذ القتلى والجرحى وايواء المشردين!!! من سينظر في مثل هذه الظروف الى فتنة امرأة! فما بالك بطفلة لم تفطم الا يوم امس..!!
لا شك ان الانسان السوري يعاني ويلات الحرب، قتلا او جرحا او تشريدا.. لكن عودة الى طفلتي «السي ان ان».. ما الذي سيقدمه المستقبل لهما في ظل عقلية الطبطبائي واهله ان لم يكن ألما ومعاناة تقارب وضعهما المأساوي اليوم، وربما اشد وطأة وأذى؟
القبس