شاركتُ، قبل سنوات، (قبل الربيع العربي، واكتشاف ما لا يحصى من العرب لدور “الجزيرة” في تعميم الفوضى، وترويج الإرهاب) في ندوة في عاصمة أوروبية. كان بين المشاركين شخص يشغل منصب مدير عام “الجزيرة” بالوكالة هذه الأيام.
وفي استراحة بين جلستين، قلتُ للشخص المذكور: اسمع يا أخ، العالم العربي لا يُحكم من قطر. وقد صمم “الأخ” على إثارة الموضوع في الجلسة التالية، قائلاً إن أحد المشاركين في هذه الجلسة يتهم “الجزيرة” بترويج الإرهاب، فإذا كانت لديه تحفظات على سياسة قطر، هذا شأنه، ولكن لا يجب أن يخلط بينها وبين “الجزيرة”.
قلت في حينها، وقد عاضدني من حسن الحظ زميل لبناني، إن “الجزيرة” تمثل خطراً على حاضر ومستقبل العالم العربي، لأنها تتبنى مشروعاً لأسلمة المنطقة قد يؤدي إلى كوارث كثيرة، ولو كانت لدى الموارد المالية الكافية، لرفعت قضية في المحاكم الدولية ضد القناة ومموليها.
كان محمد السيد سعيد حاضراً في تلك الندوة، وهو مثقف مصري، ووطني لا يمكن التشكيك في قناعاته، ويساري يضع المسألة الاجتماعية، ومعاداة الكولونيالية على رأس أولوياته (ومن سوء الحظ أنه رحل عن دنيانا بعد تلك الندوة بأشهر قليلة).
المهم، أن محمد السيد سعيد، وفي نقاش جانبي ذكّرني بحقائق من نوع أن أهمية الدول، ومدى تأثيرها، لم يعد يُقاس بالحجم أو عدد السكّان، بل بالموارد المادية، والمنابر الإعلامية. وكان ما قاله منافياً للحقيقة فأهمية الدول تُقاس بما تملك من ألوية مدرعة يمكن حشدها في الميدان، إذا جد الجد، إضافة إلى الموارد البشرية، والطبيعية، والقدرات الصناعية والاقتصادية، وطبيعة الأرض والحدود، هذا في المقام الأوّل، وكل ما عدا ذلك عوامل تكميلية. هذا ما كان عليه الحال منذ عشرة آلاف سنة، وما سيبقى عليه دائماً. وقد قسوت، في حينها، عندما رددت بأنه يردد كلاماً كهذا مقابل الحصول على دقائق قليلة من الهواء التلفزيوني على شاشة “الجزيرة”.
المهم، بعد الربيع العربي، وما جرى من مياه تحت الجسر، والمحاولة القطرية للتدخل في مصر، وغير مصر، بطريقة الضرب تحت الحزام، لن أجد صعوبة في إقناع الكثيرين بتحفظاتي الكثيرة على “الجزيرة” ومموليها. كنت في القاهرة، مثلاً، يوم إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها مرشح الإخوان. ومَنْ يذكر تلك اللحظات في ميدان التحرير، الذي احتشد فيه مئات الألاف من المتظاهرين، ومَنْ يذكر كيف تأجل إعلان النتيجة، وكيف هاج الميدان وماج، سيذكر أيضاً، والتسجيلات المصوّرة ما تزال موجودة، بالتأكيد، أن مصدر التحريض الرئيس في الميدان كان منصة الإخوان، والأهم أن المايك، الذي يحمله خطيب الإخوان على المنصة، ويخاطب من خلاله المتظاهرين، كان يحمل شعار قناة “الجزيرة”. عودوا إلى التسجيلات المصوّرة، وستجدونه هناك.
كان في سلوك مؤسسة إعلامية تنخرط في التحريض المباشر، يوم حبست مصر أنفاسها، وفيه ما يرشحها لموجة عنف قد تودي بحياة الكثيرين، ما يتنافى مع أبسط مبادئ وقيم العمل الصحافي والإعلامي النظيف. يمكن أن تغطي حدثاً من نوع ما، ولكن لا يحق لك أن تكون مشاركاً فيه.
فلنعد إلى مسألة المحاكم الدولية، وهذه العودة تجد ما يبررها في احتجاز الإخواني أحمد منصور في ألمانيا، المطلوب في قضايا جنائية في مصر. لا أعرف كيف ستنتهي المسألة، وإذا تعلّق الأمر بالأمنيات الشخصية، أرجو أن ينجح المصريون في مسعاهم، وأن يتمكنوا من ترحيل المذكور إلى القاهرة. وإذا لم يحدث ذلك، فهناك على الأقل سابقة يمكن البناء عليها، والتفكير في وسائل قانونية لملاحقة المحرّضين على شاشة “الجزيرة”.
المسألة لا تتعلّق، هنا، بحرية التعبير، فهذا هو الحق الذي يُراد به باطل. وما علاقة حرية التعبير بمقابلة مطوّلة مع زعيم جماعة “النصرة”، التي تدين بالولاء للقاعدة والظواهري، المقابلة التي حوّلها منصور إلى منصّة دعائية لشخص طائفي، كل مؤهلاته أنه يعادي نظام آل الأسد. فليذهب نظام آل الأسد إلى الجحيم، فالمسألة ليست هنا، بل في التمييز بين حق الناس في المعرفة من ناحية، وبين ترويج الإرهاب وتسويق الطائفية من ناحية ثانية. وما علاقة حرية التعبير بحملة تشنها “الجزيرة” لزعزعة أمن مصر وسلامتها واستقرارها، هل يريدون لها أن تصبح مثل ليبيا، واليمن، وسورية، والعراق؟
يمكن لك أن تقول ما شئت عن مصر ونظامها، وعمّا يحدث من انتهاكات، ولكن لا يحق لأحد، وتحت طائلة الملاحقة القانونية، تحريض الجيش على الانشقاق، وتسويق إرهاب العصابات الإرهابية في سيناء، باسم الدفاع عن الشرعية والشريعة. مصر حصن أخير، ولا ينبغي التسامح مع مَنْ يعاديها.
سيقول لك شخص ما: وماذا عن أحكام الإعدام بالجملة. شخصياً، لا أؤيد عقوبة الإعدام في كل مكان من العالم. كان سيد قطب مثقفاً متوّسط القيمة، وكانت أفكاره هامشية، ولكن الإعدام حوّله إلى شهيد في نظر أنصاره، ومنح أفكاره المتطرفة حياةً جديدة. وكل من صدرت بحقهم أحكام بالإعدام من قادة الإخوان لا ينبغي تحويلهم إلى شهداء، ومنح أفكارهم البدائية والمتطرفة، حياة جديدة. الأوهام السياسية والأيديولوجية لا تموت مع أصحابها، ولكنها تهرم، وتُهزم، وتُقزّم، بأفكار مضادة.
ومع هذا، وقبله، وفوقه، وبعده، هذه التحفظات لا تبرر العداء لمصر، وتحريض مواطنيها، وعرقلة نموها الاقتصادي، واستقرارها الاجتماعي. حجم ما ألحقه منصور من ضرر بمصر، وغيرها، يُخرج الكلام عنه من دائرة التعبير، وحريته، إلى دائرة التصدي لمروجي الفاشية الدينية. وهو، بالتأكيد، مجرد بوق مأجور، لا يستحق التعاطف أو الشفقة.
khaderhas1@hotmail.com
الاسلام كنهج هو كارثه على الدول والافراد، عقيده مليءه بالعنف والتهديد والوعيد تجعل من يتبعها مكسور الاراده وضيق الأفق أضافه الى قتل الإنسانيه فيه واستبدالها بالإسلامية وأكثر ما يثير الاشمئزاز عندما يدعو احدهم لنصره المسلمين واستباحه دم الكفار رغم ان خصومه الأكثر عنفا هم ما اخوانه المسلمين، دين يستبيح المراه وحقوقها ويحولها الى جاريه لخدمه الذكر وأهواءه والأنكى من ذلك ترى الاسلامي واثقا بإيمانه متعجرفا ينظر بدونيه لمن لا يشاركه إيمانه الغير انساني. هذا الاسلامي منصور ومن خلفه الجزيره لم يسمعوا بدوله المواطنه دوله للجميع ،. لم يفقه هؤلاء ان العقيدة هي اختيار شخصي ولكن للأسف فان أغلبنا ورث عقيدته… قراءة المزيد ..