من مدريد، التي وصلها يوم الإثنين بعد فراره من سوريا عن طريق تركيا، قال المعارض السوري “لؤي حسين” في تصريحات لجريدة “الفيغارو” الفرنسية أنه “لم تعد هنالك أية إمكانية للتفاوض مع بشّار الأسد”. وقال أن “سوريا لن تعرف السلام طالما ظل الأسد متشبّثاُ بالسلطة. لقد تحوّل النظام إلى ميليشيا. وبات باب الحوار السياسي موصداً”.
وحسب “الفيغارو”، فإن “لؤي حسين” (55 عاماً)، وهو من أبناء الطائفة العلوية ويرأس “تيار بناء الدولة السورية” الذي تأسّس بعد بدء الإنتفاضة السورية في 2011، يدلي بهذه التصريحات اليائسة مع أنه كان قد سعى بكل الوسائل، حسب قوله، لـ”إنقاذ” بلاده من الحرب التي تجتاحها الآن. وكان “لؤي حسين” يُعتبر حتى الآن معارضا ً ليبرالياً “مقبولاً” من النظام، ورفض الخروج إلى المنفى في الماضي مفضلاً العمل لصالح ائتلاف يمثل السلطة والمعارضة معاً. وتعرّض “لؤي حسين” للسجن مرات عدة، كان آخرها في نوفمبر 2014، حينما حُكِم عليه بتهمة “إضعاف الشعور القومي”، قبل أن يتم إطلاق سراحه في آخر شباط/فبراير 2015. ومنذ ذلك الحين، كان ممنوعاً من مغادرة الأراضي السورية.
ولكن أكثر من السجن – الذي ذاقه لسبع سنوات متواصلة في عهد حافظ الأسد- فإن استحالة الحلّ السلمي للنزاع هي ما أصابه باليأس. وقال لـ”الفيغارو”بلغت نقطة اللاعودة حينما أدركت أن حليفي الأسد- روسيا وإيران- أخفقا في استخدام نفوذهما لإرغام السلطة السورية على تقديم تنازلات“. ومع أن “لؤي حسين” ثابر على إبقاء الصلة مع الدولتين عن طريق ممثليهما في دمشق، فقد توصّل اليوم إلى استنتاج مرير مفاده أن الدولتين تقاومان أي تغيير من جانب النظام. ويقول: “الواقع أن روسيا وإيران لا تملكان أية رغبة في وضع حد للأزمة السورية. فبمساندتها لدمشق، فإن روسيا تسعى لمحاربة الولايات المتحدة على التراب السوري. أما إيران فتسعى لتوسيع نفوذها الإقليمي”.
“استبداد لا حدود له”
الطريف حسب قوله هو أن طهران “نشطت” من أجل إطلاق سراحه أثناء سجنه الأخير، وذلك “كوسيلة لإظهار أن إيران لا توافق على الوحشية غير المحدودة التي يمارسها النظام”. هل لعبت المفاوضات النووية مع الغرب دوراً ما؟ “ربما، هذا ممكن. ولكن تدخّلها لصالحي كان أيضاً وسيلة استخدمتها طهران لدعم مزاعمها بأن دمشق لا تقاتل سوى ضد الإرهابيين”.
ولكن النظام لا يتورّع عن اضطهاد أي شخص: سواء الرجال، أو النساء، أو الأطفال.. فخلال 4 سنوات، قُتِل 200 ألف سوري في المعارك، أو بسبب البراميل المتفجرة، أو نتيجة للقصف الكيميائي. وينفعل “لؤي حسين” قائلا أن “استبداد السلطة لا حدود له”. بالمقابل، فإن قوى النظام تخسر سيطرتها، كما في إدلب ومخيم اليرموك، أو مؤخراً في جسر الشغور، ولكن لصالح التمرد الإسلامي الأكثر تنظيماً من غيره.
ويقول “لؤي حسين” أن “الدولة الإسلامية وجبهة النصرة تشكلان اليوم أكبر خطرين يهددان البلاد” إلى جانب النظام. وهذا ما يقتضي”تشكيل قوة رابعة بأقصى سرعة”، أي قو معارضة ليبرالية لإنقاذ “وحدة البلاد”. وهذا ما سيدفعه للسفر قريباً إلى استانبول للإجتماع مع معارضي الخارج أملاً بوضع حد للإنشقاقات التي تعتري المعارضة.
وذلك بدون أن تساوره الأوهام. فهو يقول أن “بشار ليس من النوع الذي يقبل بالتنازلات. وبدون معارضة منظمة فعلاً، إلى جانب الإرهابيين، فربما سيكون قادراً على البقاء في السلطة لمدة طويلة. وهذا ما يجعل أي حل للأزمة الحالية صعباً، أو حتى مستحيلاً”.