استطلاع الرأي الذي قامت به مشكورة د. فاطمة السالم مطلوب جداً وبصورة ملحّة، وهو يغني عن كثير من التحليلات. وبصورة خاصة، فإن انحياز الفضائيات يجعل من الصعب قياس التوجّهات الحقيقية للرأي العام العربي والإسلامي. استطلاعات الرأي أداة ممتازة مفقودة غالباً إما لأنها “غير مرغوبة” حكومياً، أو نتيجة التخلّف العام. حبّذا لو تم إجراء استطلاعات مماثلة، ميدانية أو إلكترونية، في بلدان العرب الأخرى.
٨٠ بالمئة من (المغرّدين) الكويتيين ضد “داعش”، فهل نسبة الرفض أقل في الجمهور “غير المغرّد”، أي ربما الأكبر سنّاً والأٌل تعليما؟: وما هي النسبة في السعودية؟ ومصر؟ ودول المغرب العربي؟ في تقديرنا (التقدير لا يغني عن اليقين) أن رفض “داعش” لن يقل عن ٦٥ بالمئة في جميع هذه البلدان، ولكن استطلاعات الرأي وحدها هي “الحَكَم”، وهي غير متوفرة حتى الآن!
بيار عقل
*
دراسة د. فاطمة السالم – عضو هيئة تدريس في جامعة الكويت – قسم الاعلام
ترفض نسبة 80% من الكويتيين تنظيم داعش. ويتحدث 75% منهم عنه بلغة سلبية، وينددون بممارسته البشعة، ويعبرون عن خوفهم من فكره وقلقهم من وصوله الى الكويت، ويعتبره %42.1 تنظيماً إرهابياً.
لكن اللافت أن تحليلاً للرأي العام الكويتي إلكترونياً أجرته القبس برصد آراء المغردين في «تويتر» حول «داعش»، بيّن أن %12.5 من المغردين يتعاطفون مع التنظيم الإرهابي، وهي نسبة لا يستهان بها، ويزيد خطورتها أن %7.5 من المغردين كانوا محايدين في وصف «داعش»، فلم يؤيدوه وفي الوقت نفسه لم يظهروا أي استياء منه، او عدم موافقة على ما يقوم به من أعمال عنف.
أما المتعاطفون فقد أرجعوا موقفهم إلى عوامل دينية ومذهبية وشعور بـ «المؤامرة الغربية» ضد المنطقة وشعوبها.
واستخدم %31.6 من الكويتيين الإطار السياسي في وصف «داعش»، بينما استخدم %28.6 منهم الجوانب الأخلاقية في تعليقهم على ما يقوم به من نحر واغتصاب وتمثيل بالجثث.
وهذا أول رصد تحليلي لاتجاهات الراي العام الكويتي تجاه داعش.
في دراسة لتوجهات الرأي العام الكويتي حول تنظيم داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) الذي اشتهر ببثب مقاطع فيديو على شبكة الانترنت تظهر اعدامات وقطع رؤوس، وسرعان ما سلطت وسائل الاعلام العربية والدولية الضوء على التنظيم، الذي بدأ بخوض معارك على اكثر من جبهة في سوريا ضد النصرة والجيش السوري الحر التابع لإتلاف المعارضة السورية والاكراد السوري.
في يناير الماضي بدأ تنظيم داعش بخوض المعارك في المدن العراقية مثل الفلوجة والرمادي و الموصل وغيرها. وعلى صعيد هذه الأحداث واستمرار بث مقاطع قطع الرؤوس وانتشار العنف التي باتت تهدد المنطقة بأسرها، وآخرها للصحافي الاميركي فولي، الذي اثار الرأي العام الاميركي والعالمي، مما استدعى تشكيل تحالف دولي لشن هجمات عسكرية ضد «داعش».
على ضوء هذا التحالف الدولي ظهرت اصوات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي تندد بمثل تلك التحالفات الدولية مهما كانت اسبابها ضد المسلمين حتى ولو كانوا مخطئين.
و قد تم اعداد هذه الدراسة لتحليل ورصد تعليقات مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) حول «داعش» وكيفية تعاطي الرأي العام الكويتي مع هذا التنظيم و التحالف الدولي الاخير، وتبين من النتائج ان %80 من الكويتيين لا يؤيدون «داعش» و%75 من الكويتيين تناولوا موضوع «داعش» بلغة سلبية، مما يعكس عدم رضاهم عن افعال «داعش» و تصرفاته، وبينت الدراسة أن %42.1 من الكويتيين وصفوا المنتمين الى تنظيم داعش بالارهابيين و31.6 % وصفوهم بالمقاتلين. كما بينت الدراسة ان غالبية (%31.4) الكويتيين استخدموا الإطار السياسي في وصف «داعش»، بينما استخدم %28.6 من المغردين اطار الجوانب الاخلاقية بتعليقهم على «داعش»، مما يشمل وصف كل ما يقوم به «داعش» من جانب اخلاقي. كذلك بينت الدراسة أن اكثر دولة تم ذكرها من خلال الحديث عن «داعش» هي المملكة العربية السعودية بواقع %28.1 وبعدها اتى العراق بـ%25.
◄ البيانات الكبيرة
غطت الدراسة نشاط المستخدمين خلال خمسة أيام كاملة وحتى 18 سبتمبر، واستخلصت آلاف التغريدات المتعلقة بـ«داعش» بطريقة تحليل البيانات الكبيرة big data وذلك لأخذ عينات باسلوب اكاديمي لتحليل اتجاهات الرأي العام بمجمله حول آراء المواطنين، التي تم التعبير عنها الكترونيا. وقد تم اعتماد منهجية تحليل المضمون لدراسة تعليقات المواطنين ومحتوى تغريداتهم.
◄ 80% لا يؤيدون «داعش»
بينت النتائج ان غالبية الكويتيين (%80) لا يؤيدون داعش و%7.5 كانوا محايدين و%12.5 من الكويتيين أبدوا تعاطفا وتأييدا للتنظيم لامور دينية وعقائدية وقد تعاطف البعض معه بسبب الشعور بالمؤامرة الغربية اتجاه المنطقة.
◄ داعش.. بلغة سلبية
و اثبتت النتائج ان %75 من الكويتيين تناولوا «داعش» والأحداث المصاحبة من نحر و اسر و هجمات بلغة سلبية مما يعكس حالة عدم الرضا عن الوضع العام اتجاه هذا التنظيم.. اما %15 فقد تحدثوا عن داعش بحيادية من دون ابداء توجه معين و%10 استخدموا لغة إيجابية في تغريداتهم حول «داعش»، وقد يدل ذلك على تعاطفهم او عدم رغبتهم بالتدخل العسكري الغربي.
◄ مَن المتسبب؟
في دراسة اكاديمية لبابشاريسي واوليفيرا (2008) نشرت في المجلة الدولية للصحافة والسياسة (جورنال اف برس اند بولتكس)عن الأطر المستخدمة لتغطية الإرهاب في الصحافة، التي اثبتت ان هناك أطرا أساسية عند الحديث عن الارهاب او الهجمات الارهابية منها من المتسبب والأسباب الرئيسية و الجوانب الاخلاقية والجوانب السياسية؟ وقد قمنا بتطبيق تلك النتائج على دراستنا الحالية ووجدنا ان %31.4 من الكويتيين قد وضعوا «داعش» في اطار الجوانب السياسية في وصفهم والحديث عنه اذ تحدثوا عن سياسات المنطقة والخلافات السياسية والطائفية وربطها بـ«داعش». اما %28.6 من الكويتيين فوصفوا «داعش» بالجوانب الاخلاقية، ومنها اغتصاب النساء و النحر والتمثيل بالجثث وغيرها من الامور التي تتعلق بالجوانب الاخلاقية. وترى هذه الفئة ان ما يقوم به «داعش» بعيد عن الانسانية والاخلاقيات الاسلامية. ووضع %28.6 ايضا من الكويتيين «داعش» في اطار «من المتسبب؟» في حديثهم عن «داعش». وسعى هؤلاء الى معرفة من المسؤول عن هذا التنظيم والقتل وكل ما يقوم به؟ اما 11.4% فكان حديثهم عن داعش من خلال تفنيد الاسباب التي دفعت إلى ظهورهم، وأسباب العمليات التي يقومون بها.
◄ إرهاب.. حرب أم قتال؟
وقد اثبتت الدراسات ان هناك أطرا اساسية لوصف القائمين بالعمليات الارهابية والتنظيمات المسلحة.
وبتطبيق ملخص نتائج الدراسات الدولية على دراستنا الحالية، تم تقسيم الأطر الاكثر شيوعا والمرتبطة بالاشخاص المنتمين للتنظيمات الى خمسة أطر أساسية، ومنها: ارهابيون، محاربون،مقاتلون، ثوار.. واخيرا جماعات متشددة.
◄ إرهابيون ضد الدين
وقد تبين من النتائج ان %42.1 من الكويتيين تحدثوا عن المنتمين الى تنظيم داعش على انهم ارهابيون و ما يقومون به خارج نطاق الدين الاسلامي ووصفوا اعمالهم بالاعمال الارهابية .
◄ ثلث الكويتيين يصفونهم بالمقاتلين
اما %31.6 من الكويتيين فقد وصفوا اعضاء «داعش» بالمقاتلين و%13.2 من الكويتيين وصفوهم بالمحاربين.
◄ جماعات متشددة
اما وصف «داعش» بالجماعات المتشددة، فقد حاز على نسبة لا بأس بها من وصف الكويتيين (%13.2) وذلك يتضمن كل الأحاديث التي وصفتهم بالجماعات الدينية او المتعصبة .
◄ دراسة دولي وكورمان (2002)
وفي دراسة اكاديمية لدولي و كورمان نشرت في كتاب «الاعلام و الارهاب»: ردور فعل وسائل الاعلام والرأي العام لاحداث سبتمبر (2002) عن تغطية الاعلام الالكتروني، وجدت ان هناك نموذج تحفيز خاص بالحديث عن الارهاب يتكون من ثلاثة مراحل: الهجمات وبعدها التدخل العسكري واخيرا محاولة فهم الوضع العام.
◄ التدخل العسكري
وقد بينت نتائج الدراسة ان نصف الكويتيين تقريبا (%47.2) بالمرحلة الثانية من نموذج التحفيز الخاص بالعمليات الارهابية، مما يعني ان تنظيم داعش قد وصل الى منتصف الطريق، اذ تؤكد المرحلة الثانية من النموذج ان دور التنظيم في شن الهجمات و بناء الصورة النمطية لدى الاعلام عن قوته قد انتهى وأتى دور التدخل العسكري للخلاص منه. واشارت النتائج الى ان 27.8% من الكويتيين قد تعدوا المرحلة الثانية، او انهم يرون ان «داعش» اصغر او اقل من الحجم الذي يراه بقية العالم، او انهم يرون التدخل العسكري قد بدأ وهم الآن في المرحلة الثالثة والاخيرة من النموذج الذي يقوم على محاولة الرأي العام فهم ما يحدث او وضع التفسيرات المناسبة لاسباب ظهور مثل تلك التنظيمات وايجاد الحلول للحد منها.
◄ الجهل أبو الأسباب
اشار التحليل الى ان معظم المغردين 34.6% ذكروا ان الجهل والفكر المتخلف هما احد اسباب ظهور «داعش»، فيما رأى 26.9% ان «داعش» ماهو الا مؤامرة دولية وذكر %19.2 ان اسباب «داعش» تعود للسياسات الغربية في المنطقة.
◄ ربع الكويتيين ما زالوا تحت تأثير الهجمات
بينت النتائج ان %25 من الكويتيين مازالوا في المرحلة الاولى من نموذج التحفيز، اذ انهم يتناولون الموضوعات الخاصة بالهجمات التي يقوم بها «داعش» والصور التي تحتوي على القتل والنحر ولم يتجاوزوا بعد تلك المرحلة.