لا يحتاج التمديد “الكريه” لمجلس النواب الى اجتهاد. ولا تحتاج “دونكيشوتية” بعض القيادات بإعلان رفضه الى كثير براعة سياسية لاستجلاء لا جديتها. يكفي التذكير بموقفين “ترويجيين” لـ”كبيري” كتلتين هما الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون. تساءل الأول، لتبرير التمديد السابق 17 شهرا، “هل حرية الناخب والمرشح تتحقق ضمن الأجواء الأمنية التي يمر بها لبنان”، فيما قال الثاني إنه “سيطعن به أمام المجلس الدستوري”.
سؤال الأول يبقى مطروحا إلى غد قريب، إذ لم يتغير حرف في وصف الواقع الأمني، أما “غيرة” الثاني على دستورية القوانين، فقد حال من يلوذ بحليفه، و”حليف حليفه”، في المجلس الدستوري، دون النظر في طعن كتلته، وفي آخر قدمه الرئيس ميشال سليمان. ولم يعقب الأمر الحد الأدنى من عتب الصديق على حلفائه.
الأمر في وجهيه، يحتاج الى الصدق مع الرأي العام، وتجنيبه التفاؤل الكاذب بسلامة حياة سياسية أساسها رياضة ذهنية اسمها التكاذب الوطني، الموروث، من ميثاق 1943 الى اتفاق الدوحة المشؤوم.
وحده سعد الحريري امتلك الجرأة لإعلان استبعاد الانتخابات، في الظرف الراهن، وساندته واقعية وزير الداخلية نهاد المشنوق. فالتمديد، صار منهجا منذ فشل مجلس النواب في إقرار قانون انتخابات جديد، ومنذ تجاهل دوره كناخب لرئيس الجمهورية، قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس سليمان.
في الأزمتين، يبرز إسم الجنرال نفسه، وعدم وضوح حلفائه تجاه طروحاته في قانون الانتخابات الموعود، وفي طموحه الرئاسي: الأول صار بعيدا بحكم الوقائع، فيما يشهد الثاني، اليوم، جلسة عاشرة بلا نصاب كرمى للجنرال، الذي لم تجْدِ معه نصائح القريب والبعيد، ليحترم العملية الديموقراطية بتحقيق النصاب، فإما يفوز أو يفشل، وعندها تنكشف حقيقة تأييد حلفائه له.
عدا ذلك، يكون الجنرال يستجر نهاية تجربة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي. فالأخير بدا، منذ الأزمة السياسية في بلاده، كأنه يقلد جنرالنا: أنا أو لا أحد. ولم تنفع معه النصائح بحجة (عون نفسه) أنه يملك أكبر كتلة (مسيحية/ شيعية) في مجلس النواب، ولم يوقفه انفجار حرب، شبه أهلية، يصر عليها اليوم وقد سمى حلفاؤه حيدر العبادي بديلا منه، بتوافق ايراني- أميركي- دولي.
هل يكون حال الرئاسة اللبنانية مشابها؟
تنقل وسائل إعلام أن اجتماعا ثنائيا أميركيا- ايرانيا، هو الثاني في شهرين، عقد على هامش الملف النووي، برئاسة وكيل وزارة الخارجية الأميركي المؤجل تقاعده، وليم بيرنز،من جهة، ووكيل وزارة الخارجية الإيراني عباس عرقجي، من جهة أخرى، واتفق الطرفان على “ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان وثباته، ومكافحة الإرهاب والتطرف داخله”.
البندان الأخيران حققتهما المبادرة السعودية، وعودة الحريري، وانتصار الجيش في عرسال. يبقى الاستقرار وعنوانه انتخاب رئيس، وقد يكون السيناريو مشابها، لكن غير متطابق.
rached.fayed@annahar.com.lb
المالكي عون العراق
فليشكر العراقيون السماء لعدم وجود جنبلاط عراقي.