الأرجح أن تحليل الباحثة الإسرائيلية “أوريت بيرلوف” لمشاعر أهل غزة ومواقفهم من الحرب مصيب ودقيق! فهم معتقلون في سجن “حماس”، التي لم تعد تؤيدها سوى أقلية منهم. وهم ضحايا حربٍ لم تستشرهم “حماس” في إطلاقها (استشارت “حماس” قاسم سليماني في طهران، وتميم بن حمد في دولة الجزيرة وعاصمتها قطر، وربما استشارت تركيا الإردوغانية!). بل وقد ينطبق تحليلها على الرأي العام العربي خارج فلسطين.
ولكن تحليل الباحثة الإسرائيلية يُضمر ما ينبغي أن يُقال بصوت مرتفع: أن رئيس آلة الحرب الإسرائيلية، بنجامين نتنياهو، لا يستحق سوى الإحتقار، وسوى التنديد بـ”جرائم الحرب” التي يرتكبها كل يوم. السيد نتنياهو يعرف، من تقارير أجهزته، أن شعب غزة ضد حماس! ولكنه اختار أن يعاقب شعب غزة- أكثر من ١٥٠٠ قتيل.. حتى الآن- لأنه شعب.. “فلسطيني”! هل فكّر السيد نتنياهو في مستقبل إسرائيل؟ هل فكّر، للحظة، في أنه لا مستقبل لإسرائيل بدون السلام مع العرب، وبالأحرى مع الفلسطينيين تحديداً؟ “الميركافا” لا تصنع سلاماً، يا سيد نتنياهو!
حتى أرييل شارون، في أسابيع الإنسحاب من غزة، قال كلاماً بدا كأنه “رسالة” مصالحة موجّهة للفلسطينيين! السيد نتنياهو يعيش في “نيويورك” وليس في “تل أبيب”! حكّامنا (نحن العرب) فاسدون وقتلة، صحيح. هل بنجامين نتنياهو أفضل من حكام
العرب؟
نعرف أن بين الإسرائيليين من يتظاهرون كل يوم في “ساحة إسحق رابين” (رابين، لم يقتله عربي!)، ونعرف أن أعداداً أكبر من الإسرائيليين يعرفون في قرارة أنفسهم أن ما يقوم به جيشهم هو “عقاب جماعي” لشعب “غيتو غزة”.
متى يقرّر شعب إسرائيل أن “يرحّل” بنجامين نتنياهو إلى نيويورك، وأن يستبدله برئيس حكومة راغب في العيش في.. الشرق الأوسط؟
( بالمناسبة، مظاهر العداء لليهود التي عبّر عنها متظاهرون “عرب” أو “مسلمون” في شوارع باريس ولندن وغيرها، والتعرّض لمساجد يهودية في هذه العواصم، لا تمثّلنا. ولا تمثّل الفلسطينيين. “العداء للسامية” ليس تقليداً عربياً. وما تسرّب منه إلى “عرب أوروبا” يُسأل عنه السيد القرضاوي ورعاته القطريون وقناة “الجزيرة”! ويُسأل عنه “اللوبي القطري” في أوروبا، وفي أميركا!)
بيار عقل
*
فلسطينيو غزة: “لا” مثلّثة لعبّاس، وحماس، وإسرائيل!
لوموند- ترجمة “الشفاف”
تعمل “أوريت بيرلوف” كباحثة في “معهد الدراسات الوطنية الإستراتيجية في تل أبيب”. وهي تتحدث العربية بطلاقة، وتتخصص في المجتمعات العربية التي تقوم بتحليلها انطلاقاً من
الشبكات الإجتماعية.
ومنذ بداية عملية “الجرف الواقي” في غزة، تقوم الباحثة الإسرائيلية بمراقبة الشبكات الإجتماعية الفلسطينية: إن ٣٥ بالمئة من الفلسطينيين (في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية معاً) يستخدمون الشبكات الإجتماعية. ما يمثّل مليون شخص.
سؤال: ما هي المشاعر الغالبة في غزة، حالياً؟
– الإكتئاب والخوف والرعب من ضرورة حساب أعداد الضحايا كل يوم. لم يعد الأمر مجرّد نقاش على الشبكات الإجتماعية، بل دخلنا في مجال العواطف، وتبادل الصور والمعلومات من قلب الحدث: من، وإين، وكيف؟ وحيث أنهم من صغار السن- ٧٠ بالمئة منهم تحت سن ٢٧ سنةن و٥٠ بالمئة تحت سن ١٨ سنة- فإن فلسطينيي غزة لا يعقلنون ما يحدث، بل يتحدثون بأحشائهم. هنالك مزيج من الحقد واليأس.
إنهم يعتبرون الجميع خونة: المصريين، والدول العربية التي تركتهم لمصيرهم، ومحمود عبّاس الذي يتّهمونه بالتواطؤ مع إسرائيل على حسابهم. وطبعاً إسرائيل التي يتّهمونها بارتكاب “مجازر” و”إبادة جماعية”.
وكلهم يشعرون أنهم وقعوا في فخ مطبق. فأين يذهبون؟ وأين يلجأون؟ إنهم لا يعرفون. ولهذا السبب، فإنهم يرفضون أن يعتبروا أنفسهم “دروعاً بشرية”. فهم هناك، وليست أمامهم مكان آخر يلجأون إليه. وهم يقولون “نحن في غيتو”، ويتحدثون عن “غيتو غزة”. وقد لفتتني بصورة خاصة تدوينة على “تويتر” جاء فيها: “أنا أريد أن أعيش، لكن إذا ما قتلت، فعليكم أن تعرفوا أنني لم أكن نصيراً لحماس، ولم أكن مقاتلاً، ولم أكن درعاً بشرية. لقد كنت في المنزل فحسب”.
سؤال: ما رأيهم في “حماس”؟
– أغلبية فلسطينيي غزّة لم تَعُد تؤيد حماس، أو على الأقل أغلبية من يستخدمون الشبكات الإجتماعية. والبقية القليلة المتبقية من التأييد لحماس تتبدّد يوماً بعد يوم، ومسؤولو “حماس” يعرفون ذلك. ويعود هذا الرفض لحماس بمعظمه إلى الوضع الإقتصادي في القطاع. والواقع أن فلسطينيي غزة يعلنو “لا” مثلّثة: لا لحماس، ولا لعبّاس، ولا لإسرائيل. وهم غير قادرين على التنبؤ بتطور الوضع، ولكنهم على الأقل يعرفون ما لا يريدونه.
سؤال: لماذا لا يتظاهرون للتعبير عن رفضهم لحماس؟
– لقد شاهدوا حصيلة ثورات المنطقة، حيث عمد رؤساء الدول العربية إلى إراقة الدماء. وهم يشاهدون ما يجري في سوريا، وفي ليبيا، وفي العراق. وبالتالي فهم خائفون، وهم يعرفون أن “حماس” لن تتردّد في إطلاق النار عليهم. وهم يدركون أن حكومة “حماس” لن تستسلم بسهولة. ولا ينبغي أن ننسى أن الفلسطينيين انتفضوا قبل سنوات من “الربيع العربي”. وهم يعرفون معنى النزول إلى الشارع، وكيفية التظاهر. ولكنهم، اليوم، متعبون وأكرّر أنهم خائفون. النظام في غزّة ليس نظاماً ديمقراطياً. الذين ينتقدون “حماس” ينتهون إلى السجن. وهذا عدا أنهم لا يؤمنون بالمقاومة العنيفة. وهذا سبب عدم نزولهم إلى الشارع، في الضفة الغربية كذلك. وثبت ذلك من مظاهرة “رام الله” في ٢٤ يوليو. فلم يشارك أكثر من ١٠ آلاف شخص في ذكرى “النكبة”، في حين توقّع المنظمون أن يشارك فيها ٤٨ ألف فلسطيني.
والسبب الآخر الذي يحول دون انتفاضة فلسطينيي غزة على حماس هو أنهم لا يرون من يمكن أن يحلّ محلها.
سؤال: لماذا لا تشكل السلطة الفلسطينية بديلاً في نظرهم؟
– يعتبر فلسطينيو غزة أن السلطة الفلسطينية فاسدة كلياً. بنسبة ١٠٠ بالمئة، حسب أقوالهم. وحينما اقترعوا لـ”حماس”، فذلك كان لأنهم اعتبروهم أقل فساداً. والآن، باتوا يعتبرونها فاسدة بقدر فساد السلطة الفلسطينية. وقد اكتشفوا أن الأنفاق المحفورة في غزة كانت تستخدم لنقل الأموال لحماس، في حين كانوا في السابق يعتقدون أنها تستخدم لنقل المواد الغذائية. لقد تبدّدت كل آمالهم. وباتوا يعتقدون أنه ما أن تصل جماعة إلى السلطة، فإنها تصبح فاسدة مثل الآخرين.
سؤال: هل تشعرين أن هنالك تضامناً قوياً بين فلسطينيي الضفة الغربية وفلسطينيي غزة؟
– ليس قبل الحرب الحالية. فالضفة وغزة كيانان منفصلان. أما الآن فهنالك تضامن بين الضفة وغزة. في الظروف “العادية”، تتّجه أنظار أهل الضفة الغربية إلى الأردن أولاً، في حين تتجه أنظار الغزاويين نحو مصر. أما فلسطينيو القدس الشرقية فيتطلّعون نحو العرب الإسرائيليين.
سؤال: هل تعتقدين أن الفلسطينيين باتوا على أبواب إنتفاضة ثالثة؟
– كلا، لا أعتقد ذلك. فليست هنالك أعداد كافية مؤيدة لانتفاضة جديدة. لقد بات الناس منهكين، في غزة أولاً ولكن في الضفة الغربية كذلك. ثم أن الإنتفاضة سلاح يفقد تأثيره في نهاية المطاف. بالمقابل، أشعر أن هنالك إرادة لمزيد من التحرّك بين عرب إسرائيل. ولا يخفي ممثّلوهم أنهم يعيشون إحباطاً كبيراً.
باختصار، الشعب الفلسطيني بات منهك جداً وقادتُه ضعفاء. وهذا ما يفتح الباب لجميع أنواع المتطرفين.
حماس ..الخلط بين مفهومى الجهاد والمقاومةمقدمة ضرورية : ( “حتى لا يتم فهم موضوع المقال على غير مقصده” فإننى أذّكر بأننى ضد كل من يحاول تبرير ما تقوم به إسرائيل من هجوم بربرى على غزة واعتبر أن كل أشكال المقاومة هى صد للعدوان ونضال مشروع لتحرير الأرض، وأى تبريرللهجوم الاسرائيلى بذريعة خطف وقتل الشبان الثلاثة فى منطقة خارج سلطة حماس والتى أنكرت صلتها بالحادث هو مجرد ذريعة اسرائيلية وأن المتتبع للأحداث يعلم أن إسرائيل كانت مبيتة النية للهجوم وتبحث عن أى حجة تبرره، لذا فإن أى موقف من حماس مبنى على كونها فرع للإخوان المسلمين فى غزة لإعطاء ذريعة للهجوم… قراءة المزيد ..