ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل
تواصل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تقدمها على الأرض في العراق المقسم فعلياً إلى ثلاثة أجزاء بين الكورد والسنة والشيعة على خلفية السياسات الشيعية التي انتهجها رئيس الحكومة العراقي الشيعي نوري المالكي. داعش التي سيطرت على أكبر مصافي النفط في البلاد (بيجي) تعزز تحكمها على الحدود مع الأردن وسوريا.
*
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي توجه إلى “هولير” (أربيل) بعد زيارته إلى بغداد, حثَّ الكورد على الانضمام إلى حكومة ائتلافية جديدة في العراق, لكن الكورد والسنة أبدوا معارضتهم الشديدة قائلين: إذا وُجِدَ المالكي، فلن نكون مع الحكومة مجدداً. فيما يرفض المالكي الاستقالة، والعيون على توافق بين طهران والرياض.
في العراق المُقسَّم فعلياً حالياً إلى ثلاثة أجزاء بفعل السياسات الشيعية الموجهة التي انتهجها رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي منذ 2006 وإلى الآن, ويواصل تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام تقدمه على الأرض. بعد الموصل وتكريت وفلوجة والرمادي التي سيطر عليها تنظيم (داعش)، قام بالسيطرة أيضاً على أكبر مصافي النفط في البلاد (بيجي), وهو إضافة إلى ذلك يعزز هيمنته على مناطق الحدود مع سوريا والأردن.
المسؤول الرئيسي عن الأزمة في العراق الذي يتم الإشارة إليه هو رئيس الوزراء المالكي بانتهاجه لسياسات خاطئة, ويشدد السنة في العراق الذين لم يعودوا يراهنون على أي أمل في بغداد على أن سياسات المالكي خدمت المشروع الأمريكي لجهة تقسيم العراق على أسس إثنية ومذهبية.
وزير الخارجية الأمريكي الذي اجتمع في المنطقة الخضراء ببغداد مع قيادات سنية وشيعية, انتقل لاحقاً إلى هولير ( أربيل ) وحثَّ الزعماء الكورد على الانضمام إلى حكومة ائتلافية جديدة, لكن الكورد والسنة أعربوا عن عدم استعدادهم للانخراط في أي حكومة يوجد فيها نوري المالكي, وقد أعرب رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني للوزير كيري عن انتظار الكورد إلى 1 يوليو / تموز كموعد نهائي من أجل تأسيس حكومة جديدة وحماية وحدة العراق, ” فإذا لم يحدث تطور إيجابي في بغداد إلى ذلك الحين, فإن الكورد سيرسمون طريقهم الخاص “, وكرر البارزاني الدعوة إلى عدم الخلط بين مطالب سنة العراق وإرهاب داعش, داعياً أيضاً إلى الأخد بعين الاعتبار الحالة الجديدة واتخاذ خطوات سياسية في سبيلها.
السنة في العراق يطالبون باستقالة المالكي الذي يتصاعد منسوب دكتاتوريته, وتشكيل حكومة جديدة على أساس توافق وطني، سيما وأن القيادي السني ورئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي قد أعرب خلال لقاءه مع كيري في بغداد عن عدم ثقتهم بالمالكي وعدم استعدادهم للاستمرار معه. وكان النجيفي قد بعث في وقت سابق رسالة إلى المرجع الشيعي آية الله السيستاني دعاه فيها إلى التدخل لوضع حد لسياسة المالكي القائمة على الإقصاء والتصفية، داعياً إياه إلى لعب دور في اختيار رئيس الحكومة العراقية.
رئيس الوزراء نوري المالكي المدعوم من طهران, ورغم تعرضه للضغوط من السنة والكورد والولايات المتحدة يرفض تقديم استقالته. ولهذا فإن الأنظار توجهت مجدداً إلى تقارب سعودي – إيراني. وقد أوضح وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتانماير في تصريح له أن حل الأزمة العراقية مرتبط ببدء اللقاءات بين طهران والرياض ” سيكون حل الأزمة العراقية صعباً للغاية إذا لم يحدث تفاهم سعودي – إيراني”.
وزير الخارجية الأماني فرانك والتر شتانماير الذي قيَّم التطورات في المنطقة بعد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ), أجاب على سؤال صحيفة “بيلد ” Bild ” هل يمكن إنقاذ العراق ؟. ” بـ ” نعم, ولست وحدي في هذه الفكرة “, وقال الوزير الألماني: “أظهرت اللقاءات التي أجريتها في تركيا ودول الخليج ذلك, وأغلب دول الجوار ترى ذلك, والبدائل الأخرى في المنطقة أن بلدانها يديرون الحرب فيها بالوكالة عن طريق لاعب ثالث نتيجة لغياب الحقوق فيها, وقد تحولت إلى ساحة لصراع المجموعات الإرهابية والإسلامية المتطرفة والجهاديين والمتعصبين, ولا أحد يريد ذلك”.
ورداً على سؤال: “هل تفعل الإدارة الأمريكية وأوباما ما هو الصواب في المنطقة؟”، قال الوزير الألماني: إذا كان مطلوباً أن أجيب دبلوماسياً فإني أقول نعم. ولدى السؤال عن رأيه الشخصي حول ذلك، انتقد الوزير شتانماير السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة في العراق، إذ أن “حرب الولايات المتحدة في العراق قد غيرت موازين المنطقة، وقد ترك الأمريكيون خلفهم بانسحابهم من العراق دولة مقسمة وغير مستقرة، ولا تزال المنطقة تتسلح بالمخالب كنتيجة مباشرة للحرب في العراق”.
رغم تصريح رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون عن أن بلاده لن ترسل جنوداً إلى العراق ولن يشاركوا في أي عملية عسكرية داخل العراق, توجهت الأنظار إلى انكلتره, فقد أعلن نائب رئيس الوزراء دونكان سميث أن الولايات المتحدة في حال قررت تنفيذ ضربات جوية في العراق, فإن بإمكانها استخدام القواعد البريطانية في قبرص, وقد أبدى سميث – بحسب صحيفة مترو الإنكليزية – استعداد بلاده لدعم الولايات المتحدة في حال اتخاذها لقرار التدخل ضد تنظيم داعش, وإدخال قواعدها العسكرية في قبرص تحت تصرف الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد الزعيم الديني الشيعي آية الله علي السيستاني الذي يعد من أكثر الزعامات الدينية الشيعية نفوذاً، أصدر آية الله مكارم شيرازي وهو أحد القيادات الدينية الشيعية الإيرانية البارزة فتوى للجهاد ضد داعش. وقد دعا شيرازي – الذي يعد مرجعاً شيعياً مقبولاً لدى الشيعة – إلى حماية الأماكن الشيعية المقدسة في العراق وكذلك الدفاع عن وحدة الأراضي العراقية، وأن واجب الجهاد على عاتق من يحب الإسلام وأهل البيت، وأن الشهداء في هذا الدرب سيبلغون شهداء كربلاء الذين ضحوا من أجل الحسين. شيرازي الذي وصف داعش بـ”الإرهاب التكفيري” قال أن ” ملايين الناس من كل مكان سيدخلون العراق ويحاربون إلى جانب الجيش العراقي ضد داعش “.
• المصدر : صحيفة يني شافاق التركية YENİ SAFAK