مثل الشيخ حافظ سلامة، زعيم “المقاومة الشعبية” في بورسعيد، الذي تحفّظ منذ البداية على حكم “الإخوان” ومحمد مرسي، فإن عبّود الزمر هو أحد “رموز” السلفية الجهادية في مصر، وخارجها. وحتى لو تبرّأت “الجماعة الإسلامية” من موقفه الجديد، فموقفه يعني أن هنالك “نقاشاً” ضمن الجماعات الجهادية حول تجربة “الإخوان” في الحكم، وحتى حول موقف “مقاطعة” الإنتخابات.
*
هذه قواعد عامة مستقرة في النظم الإدارية في الدول والمؤسسات , فإذا وقع الأمير أو الرئيس في الأسر ومنع من مزاولة سلطاته فإنه يتم انتداب من يقوم مقامه حتى يرجع , فإن لم يتمكن أحد من إنقاذه فإن الواجب هو اختيار رئيس جديد وليس ترك الأمر فوضى لخطورة ذلك على مستقبل الوطن .
ولقد عشنا في السجون بعد رحلة قيادة لتنظيمات وجماعات وانتهت ولايتنا الشرعية على من هم خارج الأسوار ولم يبق لنا إلا دور التناصح وتقديم المشورة عند الطلب , وهو أمر يتفق مع صريح العقل والمنطق. فكيف لأسير ممنوع من متابعة الأحوال ومعرفة مايدور في الواقع أن يبقى قائداً كما كان, وكذلك الرئيس المعزول فلا يمكنه القيام بمهامه ولا يصح له أن يتدخل في إدارة المواقف بأي صورة كانت. فالأسير دائماً تحت ضغط نفسي يجعل قراراته بعيدة عن الصواب, ونفس الحالات تتكرر مع القائد الجريح في المعركة فلا يسمح له بالاستمرار بل يتم إخلاؤه على الفور, ولقد شاهدت أكثر من حالة لإخلاء القادة المصابين. أخطر هذه المواقف كان في مركز قيادة الجيش الثاني الميداني حيث أصيب الفريق سعد مأمون بأزمة قلبية على إثر فشل تطوير الهجوم شرقاً وكان الرجل وطنياً وخشي عواقب ذلك الأمر فقررت القيادة العامة بالدفع بالفريق عبد المنعم خليل ليحل محله لإدارة الجيش في هذه الفترة العصيبة.
وقد يتساءل أحد القراء عن أسباب تناولي لمثل هذا الموضوع أقول له يا أخي لقد تكلمت كثيراً بالإشارة حول تقويمي للمشهد الختامي وخطورة الاستمرار في الصراع الدائر دون وجود حل سياسي للأزمة فجاءتني بعض المعاتبات عن كيف أنني أتكلم في المصالحة ودماء رابعة والنهضة لم تجف. فقلت وهل هناك إستعمال للصلح ورأب الصدع إلا في مسألة الدماء، فمن ثبت أنه قتل أحداً حوسب, أما من سقط دون أن يدري أحد من هو قاتله فله دية كاملة من خزانة الدولة سواء كان مواطناً أو جندياً في الجيش أوالشرطة فكل هؤلاء دماؤهم معصومة لا يجوز استهدافها.
ولقد تكلمت مراراً حول وجوب تقويم تجربة الإخوان لمعرفة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى نزع السلطة على هذا النحو السريع وفقدان مواقع كثيرة على مستوى العمل النقابي أو الاجتماعي ودخول أعداد كبيرة من الإخوان إلى السجون , كما لاحظت أن الإخوان مشغولون في أمور لا تصب في الاتجاه الصحيح ففكرة الانسحاب الكامل من الحياة السياسية بعدم المشاركة في انتخابات مجلس الشعب الذي تم حله بحكم قضائي سيضيف سلبية كبرى على الأداء التنظيمي للتحالف عامة والإخوان خاصة وسيعطي الفرصة لغير المرغوب فيهم أن يصلوا إلى البرلمان ويشرعوا لنا لمدة خمس سنوات كاملة !!
إنني أرى أنه على الإخوان أن تعيد هيكلة الأوضاع وتتخلى عن الصدارة لأن العقوبات المتلاحقة التي نشاهدها تحل بالإخوان تحتاج إلى تعديل لقواعد الانطلاق , وأيضاً لابد من التعاقد على إعلاء كلمة الله ورفع الظلم واستيفاء شروط الطوائف المنصورة بإذن الله , ولكن الحاصل أن الإخوان تتهرب فيما أعلم من إجراء تقويم حقيقي بل تجدهم من حين لآخر يلقون بأسباب الفشل على غيرهم دون أنفسهم وهو خلل منهجي لابد من معالجته فقيادة الإخوان ما بين أسير وجريح تجعل الإنسان غير قادر على الاختيار الصحيح .
أسأل الله تعالى أن يوفق قادة الإخوان والتحالف إلى التمركز بشكل يسمح بأداء دور وطني مشارك في صناعة المستقبل لأن الأمر جد خطير , وعلى الجميع أن يقدم ما لديه من أجل مصر .
*
من الويكبيديا:
عبود الزمر (مواليد19 اغسطس 1947 قرية ناهيا، بمحافظة الجيزة) مقدم (سابق) في الجيش المصري مُدان بمشاركته وتنفيذه اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في 6 أكتوبر 1981 خلال عرض عسكري بعد توقيع السادات معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل “اتفاقية كامب ديفيد”.
هو من أشهر وأغنى عائلات محافظة الجيزة بمصر، وكان على علاقة بعائلة الرئيس السادات بحكم عمله في المخابرات الحربية، وقد حاول اغتيال الرئيس السادات مرتين بدون جدوى، وقام السادات في إحدى خطبه بتحذيره، وكان ذلك في سبتمبر؛ أي قبل شهر واحد من اغتياله في أكتوبر 1981[بحاجة لمصدر].
صدر عليه حكمان بالسجن في قضيتي اغتيال السادات 25 عاماً وتنظيم الجهاد 15 عاماً على اعتبار انه كان العقل المدبر لعمليه الاغتيال. وقد تم الإفراج عنه بعد ثورة 25 يناير 2011.