ليس مصادفة أن تشهد منطقة الطريق الجديدة، عند مدخليها، الشرقي (قصقص)، والغربي (المدينة الرياضية)، حادثين أمنيين بفارق أيام، بعد “شيطنة” عرسال ومحاولة عزلها، وتسعير اشتباكات طرابلس، واسناد “الموبقات” التسلحية لـ”تيار المستقبل”.
حتى التظاهر سلميا، لم يلق رضى “المشيطنين”، كما حدث في قصقص، فكان للرصاص المجهول، ومن وراء أكتاف عناصر الجيش، أن صرع المواطن حسام الشوا بـ”تهمة” عبور الشارع إلى بيته، وكاد الأمر يعيد بوسطة عين الرمانة، لكن بين الجيش والأهالي، بدل طرفين مدنيين مسلحين.
وعند المدخل الغربي، “اعتقلت” جماعة من الجوار شابا لساعات من الإعتداء والتعذيب، تلاه عتاب وتهديدات بين أهل الضحية والمعتدين، انتهى بتهدئة بذلها الجيش، ليستيقظ الجوار،فجرا، على نيران تستهدف بيوتهم ومحالهم.
توقف الاعتداء بعد 5 ساعات على بدئه، إثر تدخل الجيش ، وسقوط خليل الحنش وهو يتلطى للوصول إلى بيته، وتدمير بيوت ومحال.
انطلقت، فورا، جوقة الترويج: بداية، اتهِم السلفيون بالاعتداء على المهاجمين، ثم نبه “المايسترو” “المغني” إلى عدم تجاهل “تيار المستقبل”، باعتباره اللون السياسي الأغلب في المنطقة، فتغيرت “النوطة”، ووارت خلفها دور “سرايا المقاومة” و”حركة أمل”، في الاعتداء بالأسلحة المتوسطة، وحولت “عابرا” بين مراحل حرب 1975- 1990 السابقة، وذيولها، إلى واجهة إعتادت استخدامها.
كاد الحادث الأول أن يضع الجيش في وجه المنطقة، فيما سعى مفتعلو حادث المدينة الرياضية (“لاستكشاف” امكانات “الخصم”) إلى إعطائه صورة اشتباك بين ابناء المنطقة الواحدة. وإذا أضيف، حصار “الأهالي”، المعروفين، لعرسال، وصولا إلى خنقها، لولا تعزيز الجيش فيها، واستمرار تأجيج الوضع في طرابلس، من خلف “يافطة” علي عيد ومواجهوه، فإن المتابع لا بد أن يلحظ غياب طرف رئيس عن كل هذا المشهد، على تعدد صوره.
إنه الحزب اياه: يقاتل في سوريا، ويعمل، داخليا في صياغته للبنان التي يحتاج إلى إضعاف قوى التوازن الميثاقي كي يمررها، إذاحالفته النهايات.
في خلال الحرب اللبنانية، تفتتت مؤسسات الدولة، لاسيما الأمنية والعسكرية، وخرجت من حياة المواطنين، فكانت أقرب إلى شرطي سير، فلا تسيّر أمرا إلا إذا ناسب سلطات الأمر الواقع، وإذا ناسب طرفا من دون آخر، تكرس انقسامها جهارا.
اليوم، تستكمل الصياغة: تٌشعل أصابع غير مجهولة مناطق ذات غالبية معينة بنيران حرب متعددة الأوجه، وتدفعها لتكون في مواجهة الدولة ممثلة بالجيش، أو في مواجهة مزعومة بين أبنائها، فيما الحزب يزعم الحرص على السلم الأهلي ليدعي “نزاهة” سلاحه، ويحتكر خطاب الذود عن الوطن، ليغطي سكوته على قصف النظام السوري الأراضي اللبنانية، ويشهر الدفاع عن الدولة لتكريس “هضم” سلطتها.
وإلا من هو المسؤول الأمني في أي حزب غيره، إستُقبِل من أي وزير في حكومة المصلحة الوطنية؟
نصف الدولة يحتاج نصفه الآخر؟
rached.fayed@annahar.com.lb
بيروت