في حساب حصص الحقائب الوزارية ثمة قراءات عدة بين من نال مكاسب ومن تراجعت حصصه على ضفتي قوى 14 آذار وقوى 8 آذار. وداخل كل فريق أيضا تمتد قراءة الارباح والخسائر في الحصص. لكن هذه المرة تبدو الجلبة أقل على ضفة قوى 14 من 8.
إعتراض جمهور 8 اذار لم يعد خافياً، والمواقف المنددة، من اللواء جميل السيد والوزير السابق وئام وهاب والمسؤول في الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد، تشير الى حجم الاستياء. ربما تعكس مواقفهم استياء النظام السوري بسبب ارتباط هؤلاء الثلاثة المعروف والصريح بالنظام.
بين سورية وايران، كانت الكلمة الاخيرة لايران في هذا الشأن لا للنظام السوري. وهي، منذ ان تنازل حزب الله عن معادلة (996) لتشكيل الحكومة، بدأت توجه رسائل إيجابية، إحداها تسهيلها عملية التأليف، في مسعى إلى تحسين وضعية التفاوض مع الغرب، وسط اولوية القتال الإيراني في سورية لحماية النظام السوري. من هنا فإن حزب الله، في القراءة السياسية، أظهر جدية في تأليف حكومة تجمعه مع قوى 14 آذار وتيار المستقبل. وهو قدم تنازلات في الصيغة الحكومية لاسباب سياسية.
وفي المقابل انهى تيار المستقبل عملية الربط بين مشاركته في اي حكومة مع حزب الله وبين خروج هذا الحزب من سورية. فاﻷخير يريد حكومة تجمعه الى خصومه الآذاريين، مع عدم استعداده للخروج من سورية، أملا في بعض الغطاء لوجوده هناك. فيما سيبتلى تيار المستقبل بمسؤولية امنية في مواجهة العمليات الانتحارية والتي فشل حزب الله بايقافها.
وفي القراءة السياسية فإن عملية تأليف الحكومة، وما احاط بها من مفاوضات، اعادت الرئيس سعد الحريري بقوة إلى موقع “الرجل الاول” داخل الطائفة السنية، وطوت هذه الحكومة العملية الاقصائية التي قادها حزب الله عبر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل ثلاث سنوات. وأعادت قوى 14 آذار الى معادلة صناعة القرار الرسمي. وواكبت هذه العودة استمرار التصويب على دور حزب الله مع ممارسة سياسة انفتاح على بقية المكونات اللبنانية، ترجمها الحريري بتبنٍ واضح وعلني لوثيقة بكركي . تلك الوثيقة التي توازي في وقعها واهميتها بيان المطارنة الموارنة في العام 2000، التي اسست سياسيا لانهاء الوصاية السورية على لبنان. فالوثيقة الاخيرة تضمنت اشارات لا تخفى على القارىء لجهة ضرورة انهاء السلاح غير الشرعي والحد من التدخلات الخارجية وتثبيت مشروع الدولة مع الانتباه الى صمت حزب الله حتى الآن حيال هذه الوثيقة.
إلى هذا التبني انفتح الرئيس الحريري على بناء علاقة مع العماد ميشال عون وتياره، كشفت الايام الاخيرة قبل تشكيل الحكومة مستوى متقدمٍ فيها. ولم يتوقف عند هذا الحد بل كانت رسائل الود المعلنة باتجاه الرئيس نبيه بري في خطابه اﻷخير صريحة في مدّ اليد، مع استمرار عملية الاشتباك مع حزب الله.أما على خط 8 آذار فالصورة تبدو في غير حال. إذ لا يمكن الحديث عن الارباح والمكاسب، من دون ان تطالعنا حال التصدع داخل هذه القوى. فهي فاوضت هذه القوى متفرقة في ملف الحكومة. لم تكن قوة واحدة. ظهر العماد عون غير مهتم بقضايا حزب الله الاستراتيجية. كان هاجسه العنوان المسيحي. فاوض كطرف مسيحي مستقل.
فمع تصدع محور الممانعة في المنطقة بعد خروج حركة حماس منه، وغرق النظام السوري في ازماته الداخلية، ومع اتخاذ ايران خيار الحوار مع “الشيطان الاكبر”، لم يعد من المنطقي، ضمن نظام المصالح الاقليمي الذي يتبدل، الا يعيد التيار الوطني الحر حسابات نظام مصالحه. وهو نظام فرض عليه وسيفرض لاحقاً اكثر فتح قنوات في اكثر من اتجاه من دون ان يعني ذلك الخصومة مع حزب الله، بل اعادة الانفتاح على خيارات داخلية وخارجية، لم تكن مفتوحة في السابق كما هو اليوم.
alyalamine@gmail.com
البلد