موقع الجمهور
وجد وريث عرش الجمهورية السورية بشار الأسد، على مدى السنوات الماضية، طوق نجاته في رجل الأعمال الأميركي سوري الأصل، جمال دانيل.
دانيل هذا كان له فضائل عديدة على الأسد، بإخراجه من مآزقه واحدا تلو الآخر، وقد فتح أمامه أبواب الولايات المتحدة وإسرائيل.
تعرف الرئيس السوري على صديقه الثري غربي الميول؛ عندما كانا في مدرسة الشويفات بدمشق، وزادت وتيرة التواصل عام 2006، اثناء قيام السفير السوري في واشنطن حينها، عماد مصطفى، بترتيب الإجراءات الخاصة بزيارة الأسد لحضور اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، وهي الزيارة التي لم يكتب لها النجاح.
ولتلافي الضغوط الأميركية في تلك الفترة على النظام السوري، جاءت النصيحة من الصديق المقيم في ولاية تكساس جمال دانيل، وهو صديق أيضا عائلة جورج بوش الأب، بالترويج لحملة اعلامية عن دبلوماسية الرئيس السوري، على أمل فتح صفحة جديدة مع إدارة بوش الابن، وتحسين صورة سورية لدى الرأي العام الامريكي.
وفي اطار تلك الحملة، قامت الاجهزة الاعلامية السورية بتسريب معلومات عن (صفقة سورية- امريكية) تقول إن بعض أجنحة الإدارة الأميركية ترى ضرورة تدشين حوار جاد مع دمشق، وأن واشنطن تحتاج الى مساعدة النظام السوري، لتكريس الاستقرار في العراق.
واستند مروجو هذه المعلومات، إلى حصول تطورات ايجابية على خط الحوار المقطوع رسمياً بين الامريكيين والسوريين، والتي انعكست عملياً بتراجع التهديدات والضغوط الامريكية تجاه سورية.
وتجاوزت دمشق اللوبي السوري التقليدي المتمثل بجيمس بيكر وادوارد جرجيان وداريل عيسى، وحاولت دخول البيت الابيض من خلال عائلة بوش واقرب المقربين إلى الرئيس السوري، الذي أصبح يعرف برجل سورية في الولايات المتحدة، وهو رجل الأعمال دانيل.
قام دانيل ايضا في ذلك الوقت بتمهيد الطريق أمام السفير السوري في واشنطن لعقد اتفاقية مع شركة العلاقات العامة نيو بريدج ستراتيجيز (هي اكبر لوبي للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة ومقربة من اللوبي الصهيوني) وذلك بعد التشاور مع فريق الرئيس الاسد للعلاقات الخارجية، وليد المعلم وبثينة شعبان وعماد مصطفى.
ارتبط اسم رجل الاعمال الامريكي السوري بعائلة بوش عام 2003 من خلال قضية تخص نيل بوش، شقيق الرئيس الامريكي السابق، وهي قضية طلاقه من زوجته الاولى شارون.
يومها كشف نيل امام المحكمة ان بعض مداخيله تأتيه من عمله كمدير مساعد في شركة (كريست) للاستثمارات، التي يديرها ويملكها دانيل، واعترف نيل بأنه يتقاضى 60 ألف دولار، مقابل استشارات هاتفية يقدمها لدانيل ايضا.
وبينت التحقيقات ان العلاقة بين نيل بوش وجمال دانيل قديمة جدا، وان رجل الاعمال السوري تعرّف على شقيق الرئيس ومن خلاله على العائلة، في اواخر ثمانينيات القرن الماضي.
ويتردد في أوساط المقربين من دانيل ان صاحب الفضل في ربط الشريكين هو نجاد فارس نجل نائب رئيس الحكومة اللبنانية سابقاً عصام فارس (المقرب من الحزب السوري القومي الاجتماعي) والذي يتمتع بصداقة مع عائلة بوش الأب.
لعب نجاد دور صلة الوصل الأولى بين جمال دانيل ونيل بوش الذي سبق ان ارتبط بشراكة تجارية مع فارس في عالم النفط.
وتمتد الشراكة بين دانيل ونيل بوش الى مجالات غير تجارية، ابرزها ما تكشّف عن علاقة صداقة بين الرجلين وبابا الفاتيكان السابق بنيديكتوس السادس عشر، عندما كان كاردينالا واسمه الحقيقي جوزف راتزنغر، وهو أكبر مساعدي البابا يوحنا بولس الثاني قبل ان يخلفه.
وتوجت تلك العلاقة عام 1999 عند تأسيس جمعية (مؤسسة البحوث والحوار بين الأديان والثقافات) في جنيف، وانتمى لمجلس ادارتها نيل بوش وجمال دانيل الى جانب الكاردينال راتزنغر والحاخام اليهودي رينيه صموئيل سيرات، والامير الأردني الحسن بن طلال وأغا خان (الإسماعيلي)، ولايزال دانيل عضوا في الجمعية إلى اليوم، إذ يعتبر هو وعائلته من النشطاء في الكنيسة الارثوذكسية في جنيف، حيث أقامت الأسرة إقامة دائمة في سويسرا بعد خروجها من دمشق.
وتقول المصادر إن جمال دانييل يملك مشاريع استثمارية عدة في سورية، منها مشروع لتخزين الارز في مرفأ طرطوس، فضلا عن شركات عقارية وسياحية، وتمتد علاقاته التجارية لشراكة مالية مع رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري، واستثمارات اخرى في دبي وأوروبا.
نجح جمال دانيل في تخفيف حدة الضغوط الأميركية على سورية، والتي توجت في النهاية بعودة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وواشنطن، وتعيين روبرت فورد سفيرا للولايات المتحدة في دمشق أواخر العام 2010.
ومع اندلاع الثورة السورية وعودة التوتر بين واشنطن ودمشق، استمرت خدمات جمال دانيل السخية لبشار الأسد، وكان منها تنسيق مقابلاته مع وسائل الاعلام الأميركية مثل “وول ستريت جورنال” وتلفزيون “سي بي اس”، وكذلك سهل اجراء مقابلات لرامي مخلوف مع صحيفة نيويورك تايمز، وعمل على تحسين صورة النظام بطرق عدة إقليميا ودوليا.
قام دانيل عام 2011 بشراء أسهم من صحيفة السفير اللبنانية بمبلغ تجاوز 10 ملايين دولار، بعد ان أوقف سعد الحريري الدعم عنها، وبعد أن فشل طلال سلمان بالحصول على تمويل من رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم.
أصبحت السفير بوقا مخابراتيا مدافعا عن نظام بشار الأسد.
وفي 2012 أسس دانيل موقعا اخباريا داخل الولايات المتحدة أطلق عليه اسم (المونيتور)، ليعنى بقضايا الشرق الأوسط.
حظي الموقع بعد شهرين على انطلاقته، باهتمام وسائل الاعلام الأميركية، التي وصفته بأبرز موقع أميركي متخصص بأخبار الشرق الأوسط.
كرس الموقع جهده للدفاع عن نظام الأسد والترويج لسياساته، وتشويه الثورة السورية، كما استخدم ليكون وسيلة تواصل بين النظام السوري والإسرائيليين، إذ أن من بين كتابه الدائمين الكاتبين الإسرائيليين اليمينيين بن كاسبت “المقرب لدوائر الامن الاسرائيلية” وشلومي إلدار.
هذا الموقع تطبيعي بامتياز، فهو يجمع بين صحفيين من بيروت وتل أبيب في منصة إعلامية يملكها شريك بصحيفة السفير، التي تصدر ملحق فلسطين للربح أيضا، وبتمويل من رجال أعمال فلسطينيين.
لا يزال دانيل يشكل حلقة وصل مهمة وقناة اتصال خلفية بين النظام السوري وبين واشنطن وتل أبيب، وذلك بحكم صداقاته مع أمريكيين وإسرائيليين نافذين، وبحكم شبكة المصالح التجارية والنفطية التي يديرها، والتي كان لها اثر في تجنيب سورية ضربة عسكرية أميركية، خصوصا بعد استخدام نظام الأسد السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطتين الشرقية والغربية لدمشق يوم 12 اب/ أغسطس الماضي.
يومها قاد دانيل حملة علاقات عامة، وروج عبر الصحف ومن خلال موقع (المونيتور) افتراءات ضد المعارضة السورية، وساهم في دفع المسؤولين الاميركيين والراي العام الأميركي لقبول صفقة نزع الكيماوي، بدل الدخول في حروب جديدة بالشرق الأوسط.
ومن أهم خدمات جمال دانيل لصديقه بشار الأسد، اقناعه الإسرائيليين بضرورة التمسك بل والدفاع عن استمرارية الحكم القائم في دمشق، على اعتبار أن الأسد “يمثل أكبر ضمانه للحفاظ على امن إسرائيل”، وأن من مصلحة حكام تل ابيب بقاء هذا الأخير، ليحافظ على استقرار جبهة الجولان، ويجنب إسرائيل مواجهة نظام جديد سيكون معاديا لها
كلنا شركاء