يحسد العرب اللبنانيين على بلادهم، وعلى نظامهم الليبرالي (أو كانوا يحسدونهم)، ويحسد الإيرانيون اللبنانيين على بلادهم وعلى نظامهم الليبرالي (الذي مجّده الرئيس محمد خاتمي في خطاب شهير انسحب أثناء إلقائه ممثلو “حزب البزّاق”)! ولكن لبنان ونظامه الليبرالي “لا يعبّي عين” حسن نصرالله الخارج من أحد “زواريب” (“زاروب” تعادل “زنقة” باللبيبي!) فكر القرون الوسطى!
قبل أيام عيّر حسن نصرالله اللبنانيين بأنه، هو، يستشير “مراجعه” (في إيران) قبل اتخاذ قرار، “فمن هي “مراجعكم؟” وجوابنا أن المواطن اللبناني (أيا كان دينه، أو إلحاده!) هو “مرجعنا”! في الجمهورية المدنية الليبرالية الإنسان، والمواطن، هو “المرجع”! أما “الإسلام السياسي”، سواءً السنّي أو الشيعي، فلا ينتمي لا للإسلام ولا للسياسة!
احسن الدكتور سمير جعجع بردّه على قائد حزب البزّاق المتّهم باغتيال دزينة من الشخصيات اللبنانية والمتحالف، بأمر خامنئي، مع صدام حسين سوريا. في ما يلي بعض المقتطفات من المؤتمر الصحفي:
بدأ الدكتور سمير جعجع
بالقول إن “تسميم العقول والافكار اخطر من التفجيرات لذا من الضروري التوقف عند بعض الامور التي طُرحت في الاسبوع الماضي”.
تعذيب أطفال درعا وخطف العيسمي…
وقال :” لقد تطرق نصرالله الى طبيعة الصراع في سوريا ووضعه في إطار الدفاع عن لبنان والمقاومة وفلسطين في وجه الهجمة الاقليمية الدولية التكفيرية على سوريا وهو يحاول تصوير النظام في عقول الناس وكأنه مثل النعجة في سوريا يعمل لمصلحة شعبه وأن ثمة هجمة عليه من الدول الغربية والتكفيريين، بينما في الواقع ان هذا الكلام افتئات كبير على الحقيقة”، مذكراً “نصرالله واللبنانيين والعرب بطبيعة الصراع في سوريا حيث بدأت الامور بتعذيب الاطفال في درعا في آذار 2011 ثم جرت تجمعات شعبية رفضاً لذلك، وبالتالي من المعيب تشويه الحقائق وتزوير التاريخ، كما أُذكّر بقضية الطفل حمزة الخطيب الذي قضى تحت التعذيب بعد اعتقاله من النظام في نيسان 2011 وخطف شبلي العيسمي من لبنان في ايار 2011 من قبل المخابرات السورية، وفي تموز 2011 تم ذبح الشاعر ابراهيم القاشوش قائد التظاهرات في حماه ورُميت جثته في نهر العاصي من قبل قوات النظام، إضافةً الى تعرض الرسام الكاريكاتوري العالمي علي فرزات المناهض للنظام للضرب المبرح وتكسير أصابعه”.
وتابع ” خلال 6 أشهر كاملة كانت التظاهرات سلمية تماماً وتطالب بدولة تعددية مدنية، فهل هذه هي المؤامرة الدولية التي تكلمت عنها يا سيد حسن؟ إن تزوير التاريخ حرام، وهذا امر قام به الظالمون وغير مسموح ان يدّعي احد انه مظلوم ثم ينضم الى الظالمين.”
واستطرد ” منذ ان بدأت الثورة السورية كان لدينا مطلب عدم قتال اي طرف في سوريا وكان من المفترض ان ينتشر الجيش على كل الحدود بالتعاون مع القوات الدولية كي لا نتحول الى عراق ثانٍ، فمن كان يعارض هذا الطرح؟ الاكثرية الساحقة في مجلس الوزراء وتحديداً حزب الله، فلو ارادوا تجنيب “عرقنة” لبنان لكانوا وافقوا على هذا الحل لكن مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا هي التي تؤدي الى العرقنة”.
واذ تمنّى “لو ان كل الاحزاب تتجنب المناسبات الدينية لتتخذها متاريسَ بهدف تجييش الناس نحو موقف سياسي معين”، سأل جعجع نصرالله :”اي قانون يسمح لك بفتح “مشغل استراتيجي” على ذوقك؟ ان حزب الله هو تنظيم امني عسكري مسلح لا شرعي ولا قانوني”، مستشهداً بما ورد في الدستور “اذ لا يوجد ما يُشير الى “المقاومة” بأي شكل من الأشكال، وحتى في وثيقة الوفاق الوطني لا ذكر لها بتاتاً، فهذا غش وتزوير…”
وقال ” إن حزب الله يستميت على تعويذة “الجيش – الشعب – المقاومة” كي تكون ورقة تين له لكننا لن نعطيه اياها، فحزب الله لا يريد تحرير مزارع شبعا باعتبار أن تحرير هذه المنطقة كان يتطلب خطوة واحدة فقط لا غير وهي توقيع وثيقة بين لبنان وسوريا تنصُ على أن مزارع شبعا أراضٍ لبنانية ويجب تسليمها الى الامم المتحدة لاستكمال تنفيذ القرار 425، ولكن حزب الله تصرف كتنظيم مسلح غير شرعي وغير قانوني تماماً في السنوات الثمانية الاخيرة بهدف تعطيل الحياة السياسية والمثل الابرز هو استعماله القوة في 7 أيار2008، ما يؤكد أن ما يُسميه نصرالله مقاومة هو تنظيم مسلح لفرض الثلث المعطل في أي حكومة وفرض ما يريد”.
وتابع :”ان هذا التنظيم المسلّح متهم بعمليات اغتيال، عدا عن أن ما يقوم به تجاه اسرائيل لا يجري انطلاقاً من مصالح لبنان بل من مصالح ايران الاستراتيجية كما جرى في قضية طائرة ايوب التجسسية، فضلاً عن تورط الحزب في عمليات إرهابية خارج لبنان من قبرص وتايلاند واذربيجان وغيرها وآخرها التدخل الذي تخطى الحدود في سوريا…”
سرقات المرفأ والكهرباء والماء
وأردف ” لم يكتفِ حزب الله بهذا القدر بل تخطاه الى استغلال قوته وقدرته العسكرية ووهج السلاح ليعيث فساداً داخلياً كمثل إدارته لممرات غير شرعية في المرفأ، والبناء غير القانوني وعدم دفع رسوم الكهرباء والمياه وسواها من التجاوزات دون القدرة على محاسبته ما جعل المناطق التابعة له خارجة عن القانون”.
وأكّد جعجع “أن السيد نصرالله ليس لديه اي تفويض لادارة استراتيجية لبنان، فوجود حزب الله العسكري مخالف لكل القوانين ويضرب الميثاق ومفهوم الدولة ما يجعل منه تنظيماً غير شرعي”، لافتاً الى أن ” طبيعية وجود حزب الله بشكله الحالي تمنع قيام حياة طبيعية تحت سيادة القانون.”
وفي ملف تشكيل الحكومة، شرح جعجع عدم قبول 14 آذار لصيغة 9-9-6 التي تُعطي فريقي 8 و14 آذار ثلثين معطلين، فالحكومة السابقة كانت معطلّة بثلث معطّل واحد، فكيف بالأحرى الآن مع ثلثين معطّلين داخلها؟ فكيف ستكون مثل هذه الحكومة منتجة؟ ماذا سيجري ان جمعنا 14 و8 في حكومة واحدة فعلامَ يتفقان؟! ”
وانتقد جعجع القول بأن السعودية لا تريد تشكيل حكومة جديدة بأنه “كلام غير صحيح لا بل خرافة، فالحل يكمن في تشكيل حكومة لا تضم لا 8 ولا 14 آذار…”
نصرالله “الموريتاني”
واستغرب ما قاله نصرالله حين تحدث عن انه ليس بحاجة لغطاء لوجوده في سوريا وان المقاومة باقية شاء من شاء وابى من ابى، وفي الوقت عينه يدعونا الى الشراكة، فاذا جمعنا كل هذه المواقف وجمعنا معها تصرفات حزب الله ألا يحق لنا ان نسأل: ما هي علاقتنا كلبنانيين ببعضنا البعض؟ هل نصرالله موجود في صحراء موريتانيا ام في لبنان؟ فيا سيّد نصرالله انت موجود في ارضنا وارضك ونعم انت بحاجة لغطائنا لان افعالك تنعكس علينا أيضاً”.
وحمّل جعجع حزب الله مسؤولية ضرب الصيغة والميثاق الوطني “لذلك بتنا نعيش في دولة معدومة الوزن وستستمر على هذا المنوال اذا ما أكمل الحزب بتلك التصرفات.”
ونوّه جعجع بكلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان حين دعا الى عدم الانغلاق ومحاربة التقوقع والانعزال لانهما ليسا من شيم المسيحيين، عدم الذوبان المتعارض مع غنى خصوصية المسيحيين ،عدم الاعتماد على الحمايات الاجنبية الوهمية والانظمة المتسلطة ،عدم الركون الى فكرة تحالف الاقليات”.
وختم جعجع بطمأنة اللبنانيين:” لا تخافوا، لن يموت ما صنعه اجدادنا وبناه ابناؤنا، لن تسقط الفكرة اللبنانية التي بدأت مع قدموس وصور وصيدا وجبيل، ولن يسقط لبنان الامام الأوزاعي وجبران خليل جبران وشارل مالك، لا تخافوا صورة الوطن الذي لاجله سقط شهداؤنا، صورة التنوع والانفتاح والتقدم والرقي والثقافة والفنون والحضارة والازدهار والامن والاستقرار والاقتصاد والبحبوحة هذه الصورة لن تمحى لحساب صورة الاسود والحرب ولحسابات الاخرين على حساب لبنان وشعبه وشبابه. لن يستطيع اي سلاح ان يحجب الشمس واي ليل اسود ان يمنع النهار فكونوا واثقين بأنه ” لا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر” . والسلام…