عبّر رئيس مجلس الامة الاسبق جاسم الخرافي عن موقف الرأي العام الكويتي من انتخابات مجلس الأمة الثانية خلال العام حينما أعرب عن الأمل في أن «يكون المجلس المقبل مجلس انجاز، وأن يحرص على الأمن والأمان في البلاد، ويبتعد عن دغدغة العواطف، وأن يكمل المدة المطلوبة منه»!
والواقع أن الإنتخابات الكويتية الجديدة تُدهِش بطابعها “الهادئ” والمتمدن، وبالغياب الكلي للمشاكل الأمنية بحيث تبدو الممارسة الديمقراطية كممارسة “روتينية” للمواطن الكويتي. ومقارنة مع دول أخرى، فإن حكومة الكويت بذلت، عبر وسائل الإعلام الحكومية، جهوداً جبّارة لتشجيع الناس على ممارسة حقّهم الإنتخابي. واستضافت وزارة الإعلام جمعيات الشفافية المحلية والدولية لمراقبة الإنتخابات وإبداء ملاحظاتها على سير العملية الإنتخابية.
كما بذلت وزارة الإعلام جهوداً مميزة لتشجيع الصحافة الدولية على تغطية جلسات “الدواوين” السابقة للإنتخابات ثم لتغطية العملية الانتخابية على مدار الساعة على نحو دقيق وسريع في مختلف المحافظات والمناطق ومتابعة عملية الفرز أولا بأول. وبفضل هذا الجهد الإعلامي الذي قاده الوزير الشاب سلمان الحمود فقد سهر الكويتيون حتى ساعة متأخرة لمتابعة “انتخاباتهم الديمقراطية” التي ما تزال سمة خاصة بالكويت في منطقة الخليج.
وأثبتت نسبة المشاركة المرتفعة رغم شهر رمضان (٥٢ بالمئة) والتنوّع السياسي في النتائج، ووصول وجوه شابة وجديدة (وهذه ظاهرة ملفتة، وقد تغيّر المشهد السياسي)، أن الكويتيين تعبوا من الصراع السياسي وأنهم يرغبون في فتح صفحة التنمية وسط أجواء سياسية هادئة.
وفي خلفية الصورة، فالأرجح أن التطوّرات المصرية وملامح سقوط “الإخوان المسلمين” لعبت دوراً في تهدئة الصراع السياسي في الكويت وإعادته إلى حالته “الطبيعية”.
طبعاً، استمر قسم من السياسيين المحترفين، من “شعبويين” لا تخلو مواقف بعضهم من ديماغوجية، ومن “إسلاميين” (قسم منهم وليس كلهم)، في “مقاطعة الإنتخابات” احتجاجاً على “قانون الصوت الواحد” (كل ناخب ينتخب مرشحاً واحداً فقط وليس أربعة كما في الإنتخابات السابقة)، ولكن معظم حلفائهم “القبَليين” السابقين تخلّوا عنهم وشاركوا بقوة. وانقسم الليبراليون بين مشاركين ومقاطعين.
ويتوقّع بعض المراقبين أن مجلس الأمة الجديد يمكن أن يعيد النظر في قانون الإنتخاب ليصبح قانون الصوتين، بدل الصوت الواحد، الأمر الذي يفسح المجال لقدر من التحالفات.
وربما تكون المفاجأة هي أن يتّسم عمل مجلس الأمة الجديد بقدر من التعاون والإيجابية يسمح ببقائه حتى انتهاء أجله القانوني!
وهذا ما يتطلّع إليه الكويتيون الذين يتوقون إلى مشاريع تنمية (المدن الجديدة) وتحسين للخدمات تعيد للكويت مكانتها التي تراجعت في السنوات الأخيرة بالمقارنة مع دول خليجية أخرى.
أخيراً، لا مفرّ من تسجيل ضعف التمثيل النسائي (نائبتين فقط) في بلد يشكّل النساء أغلبية ناخبيه!
أما بالنسبة لما قيل عن تراجع عدد النوّاب الشيعة، فالواقع أن عددهم في البرلمان الجديد وإن كان أقل منه في البرلمان السابق الذي جاء في ظروف إستثنائية (١٧ نائباً) فقد وصل إلى ٨ أي أنه أعلى من التمثيل الشيعي في البرلمان السابقة، حينما كان يصل إلى ٤ أو ٥ نوّاب فقط. الجديد فعلاً في التمثيل الشيعي هو سقوط الوجوه المحسوبة على التيار الإيراني في الكويت، وهذا إنتصار للشيعة والسنة.. والكويت!
بيار عقل من “الكويت”
*
حكومة الكويت تستقيل بعد إجراء الانتخابات البرلمانية
الكويت (رويترز) – قالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن حكومة الكويت أعدت يوم الأحد في اجتماع استثنائي كتاب استقالتها تمهيدا لرفعه لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وذلك بعد الإنتهاء من إجراء الانتخابات البرلمانية يوم السبت.
وأوضح الشيخ محمد العبد الله الصباح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء للوكالة أن هذه الاستقالة تأتي تطبيقا للمادة 57 من الدستور.
وتنص هذه المادة على إعادة تشكيل الوزارة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة (البرلمان).
كما وافقت الحكومة على مشروع مرسوم بدعوة البرلمان الجديد للإنعقاد في السادس من أغسطس اب المقبل
*
ليبراليون وقبائل صغيرة يفوزون في انتخابات الكويت بعد مقاطعة المعارضة
الكويت (رويترز) – حصل ليبراليون ومرشحون من بعض من أكثر القبائل تهميشا في الكويت على مقاعد في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) الذي ربما يكون أكثر تعاونا مع الأسرة الحاكمة بعد أن قاطعت المعارضة الإسلامية والشعبوية الانتخابات.
والانتخابات التي جرت يوم السبت هي السادسة التي تجري في الكويت منذ عام 2006 في البلاد حيث أدى السجال السياسي والبيروقراطية إلى تعطيل الأغلبية العظمى من المبادرات في خطة التنمية الاقتصادية وحجمها 30 مليار دينار (105 مليارات دولار) والتي أعلنت عام 2010.
ولدى الكويت أكثر الأنظمة السياسية انفتاحا في منطقة دول الخليج العربية لكن مجلس الأمة تم حله بشكل متكرر بسبب نزاعات حول الإجراءات أو لتحديه الحكومة التي يتولى فيها أفراد أسرة آل صباح الحاكمة أكبر المناصب.
وقال كريستيان أولريكسون من معهد بيكر للسياسة العامة ومقره واشنطن “العدد الكبير من النواب الجدد يعطي أملا في أن يجد مجلس الأمة بعد حصوله على دعم شعبي اكبر طريقة لتحسين العلاقات مع الحكومة” في إشارة إلى ارتفاع نسبة الإقبال 12 في المئة عن آخر انتخابات.
وأضاف “هذه الزيادة في نسبة الإقبال… تشير إلى أن الكثير من الكويتيين مستعدون لوضع الماضي القريب وراءهم وللمضي قدما.”
وما زالت نسبة الإقبال في الانتخابات التي اجريت في نهار رمضان أقل من عدة انتخابات قبل 2012 عندما بلغت نسبة المشاركة نحو 60 في المئة.
وشهدت الكويت احتجاجات في الشوارع خلال العامين المنصرمين وبينها احتجاجات بسبب تغييرات في نظام الانتخابات لكن نظام الرعاية الاجتماعية والتقبل النسبي للمعارضة ساعد على حمايتها من اضطرابات شهدتها دول عربية أخرى قامت بها انتفاضات شعبية.
وشكا ناخبون من قلة التنمية في الكويت وهي بلد به أحد أكبر نصيب للفرد من الدخل القومي في العالم.
وقال عيسى الكندري وهو من النواب الجدد في إشارة للحكومة والبرلمان إن البلاد تعاني من تدهور الخدمات ونحتاج لمداواة الجراح لبدء مرحلة جديدة مع تعاون حقيقي بين السلطتين.
وذكر كامل العوضي النائب الجديد أنه سيعمل على كل المشاريع التي تجعل الاقتصاد يتحرك للأمام بما في ذلك مشاريع الإسكان والبنية الأساسية. والكثير من هذه المشاريع كانت مقررة في 2010 ولم تنفذ.
وقاطعت المعارضة الإسلامية والشعبوية الانتخابات احتجاجا على نظام الصوت الواحد وهو نظام جديد أعلن عنه في العام الماضي وقالت المعارضة إنه سيحرمها من تشكيل أغلبية.
وقالت وسائل إعلام محلية إن الشيعة الذين تقدر نسبتهم بما بين 20 و30 في المئة حصلوا على ثمانية مقاعد فقط في مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعدا مقارنة مع 17 في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في ديسمبر كانون الأول بعد أن كثف السنة في مناطقهم الحملة للفوز بالمقاعد.
ويحظر إنشاء أحزاب سياسية في الكويت لذلك فإن المرشحين يشنون حملاتهم الانتخابية كمستقلين او بناء على صلتهم بحركات سياسية.
وقبل الانتخابات عمل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد على استمالة فئات غير راضية عن نظام التصويت الجديد وشجع عددا من القبائل المحافظة اجتماعيا في البلاد على تأييد الانتخابات.
وأجريت الانتخابات المبكرة بسبب حكم من المحكمة الدستورية في يونيو حزيران يقضي بأن العملية التي ادت إلى آخر انتخابات انطوت على عيوب قانونية. كما أيدت المحكمة النظام الانتخابي الجديد في حكم أدى إلى انقسامات في المعارضة.
ومن الموضوعات التي طغت على الحملات الانتخابية محاربة الفساد والإعفاء من القروض وإبداء القلق من تقديم مساعدات لمصر بلغت قيمتها أربعة مليارات دولار لمصر بعد أن عزل الجيش الرئيس محمد مرسي.
وتقبلت دول خليجية مثل الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عزل بمرسي بسبب الخوف من نفوذ الإسلاميين على أنظمة الحكم في هذه الدول.
وأدلى نحو 52 في المئة من بين 439715 شخصا يحق لهم التصويت بأصواتهم طبقا لإحصاءات أولية أجرتها رويترز استنادا إلى أرقام المصوتين التي نشرت في موقع تابع لوزارة الإعلام الكويتية.
وهذه النسبة أعلى من النسبة التي شاركت في ديسمبر كانون الأول عندما بلغت 40 في المئة في ظل مقاطعة للمعارضة. وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات سابقة نحو 60 في المئة.
ويمكن للمجلس أن يمرر تشريعات ويستجوب وزراء لكن أمير البلاد له القول الفصل في شؤون الدولة ويمكنه حل البرلمان. وهو يعين رئيس الوزراء الذي يختار أعضاء الحكومة.