قرار الاتحاد الاوروبي ادراج ما سماه “الجناح العسكري” لحزب الله على لائحة الإرهاب ليس مستغربا. كان متوقعا. وقد استبق الامين العام لحزب الله صدوره بالقول في 25 ايار الماضي: “بللو وشربو ميتو”. لا بل إن عدم صدور القرار منذ زمن بعيد هو المستغرب لدى بعض اوساط الحزب. فـ”الاذعان الاوروبي للارادة الاميركية” في هذا الشأن قناعة راسخة لدى حزب الله في منظومة فهمه سلوك الاتحاد الاوروبي وسياسته. ليس هذا فحسب، بل حتى اسرائيل لها حصة في هذا القرار، ربما تعويضا عن قرار ازعجها صدر عن الاتحاد نفسه قبل ايام رفض الاعتراف بشرعية المستوطنات الاسرائيلية كمناطق اسرائيلية. قرار ميّز بينها وبين الاراضي الاسرائيلية في تعاملاته السياسية والتجارية.
في طبيعة الحال ثمة قرارات دولية صدرت عن مجلس الامن الدولي، 1559 و1701، وغيرهما من تلك المتصلة بالمحكمة الخاصة بلبنان، لم يهتز لها حزب الله. فهل صدور قرار مربك من الاتحاد الاوروبي لا يلزم لبنان، وغير واضح في ادانة حزب الله اوعدم ادانته بشأن الاتهامين بالارهاب في بلغاريا وقبرص، يمكن ان يربك حزب الله او يؤثر في خياراته وحركته في لبنان وسورية؟ لسان حال انصار حزب الله: “نحن حتى مجلس الامن وقراراته لم تؤثر فينا، فهل قرار الاتحاد الاوروبي سيهزنا؟”. ولا ينسى البعض ان مسؤولاً سوريا ازال اوروبا كلها عن الخارطة واعتبرها غير موجودة، هو وزير الخارجية وليد المعلم. الى ذلك، يضيف القرار الاوروبي لحزب الله ما يحب ان يضاف اليه: انّ “كل العالم يتآمر علينا وعلى المقاومة، وبالتالي ليس مفاجئا صدور هذا القرار ضدنا”.
واستنادا الى كل ما قيل لبنانيا عن القرار، من جهة حزب الله أولا، فلا نتائج عملية وقانونية له في المعادلة السياسية الداخلية. وهذا ما حرص على تظهيره الاتحاد الاوروبي، حين اكد اكثر من مسؤول رسمي داخله انه سيُبقي على دعمه لبنان، وعلى اتصاله بمسؤولي حزب الله، بواسطة سفيرته في لبنان. كما أنّ حزب الله حاول التخفيف من آثاره، الى حد يطيب السؤال: “لم كل هذه الضجة اذاً؟”.
لا نتائج عملية للقرار في المعادلة السياسية اللبنانية، ولن يغير من التزام حزب الله بشروط الفتوى الصادرة عن الولي الفقيه في ايران، بوجوب الانخراط في القتال السوري دفاعا عن نظام بشار الاسد، ولن يدفعه الى اعادة حساباته. كل ما في الامر اضافة ملف جديد الى ملفات دائرة “العلاقات الخارجية في حزب الله”، عنوانه القرار الاوروبي الاخير. وقد يندرج ايضا ضمن العناوين الخلافية بين الاتحاد الاوروبي وواشنطن من جهة، وايران من جهة ثانية.
إطمئنان حزب الله إلى تداعيات القرار الاوروبي لا يقلل من سلبية الآثار المعنوية على الحزب. هو بالتأكيد قرار سيحاول خصوم الحزب في الداخل استثماره، كذلك أعداؤه في الخارج. كلهم سيحاولون وضعه في إطار مسوّغات القيام بعدوان ما في وقت لاحق، على القوات الأوروبية في جنوب لبنان.
لكنّ بعض القريبين من حزب الله يحاولون الايحاء بأنّه هو من يحمي هذه القوات، من الاهالي حينا، ومن تنظيم القاعدة احيانا، وان هذه القوات سيصبح افرادها كالأيتام فيما لو قطعوا الاتصال والتواصل مع الحزب.
هذا ما يجري الايحاء به دوما. وهذا ما يمكن، في حال حصوله، ان يمهد لانسحاب قوات اليونيفيل من الجنوب. وهو ما يمكن ان يجعل الجنوب مشروع غزة ثانية. هذا إذا افترضنا أنّنا نعرف كيف ستكون الحال حينها، على الجنوبيين، وعلى لبنان، وعلى المنطقة بشكل عام.
alyalamine@gmail.com
البلد