سنة 2011 اطلقت المخابرات السورية 46 قياديا اسلاميا “جهاديا” من السجون والفروع الامنية في دمشق، إضافة لما يقرب من ١٠٠٠ معتقل اسلامي! كان هناك قناعة عند كبار ضباط المخابرات المشرفين على ملف الجهاديين السوريين ان فوائد الاسلاميين لاسيما جبهة النصرة اكبر بكثير من اضرارها بالنسبة للنظام، وهو ما ثيت صحته حتى الآن,
هكذا اطلقت القيادات الجهادية من السجون السورية مع معرفة اكيدة من ضباط المخابرات والنظام انها ستقوم بإقامة دويلات وإمارات اسلامية مستقلة! لم يحصل اتصال مباشر بين هذه القيادات والاجهزة الامنية، برأي خبير عراقي في الحركات الاسلامية. فلم يكن هناك اي حاجة لمثل هذا الاتصال. فهؤلاء الجهاديون يعرفون الدرس كاملاً وهو الدرس الذي يحتاجه النظام
الاسدي بالضبط لاغتيال الثورة من الداخل، بعدما عجز عن اغتيالها بطريقة المواجهة المباشرة.
لم ينتظر النظام اكثر من سنة ونصف حتى قبض الثمن:
1- قرار دولي ما زال سارياً حتى الآن رغم كل حديث معاكس، بعدم تسليح المعارضة السورية بحجة إمكانية وصول السلاح الى جبهة النصرة.
2- قناعة شعبية سورية لدى الاقليات خصوصا والبرجوازية الحلبية الدمشقية والبرجوازية السورية المهاجرة ان الاسلاميين من القاعدة وجبهة النصرة هم من سيحكمون سورية في حال سقط نظام الاسد! وهنا ابدع اعلام النظام في حشد الدلائل اليومية على ارتكابات القاعدة وجبهة النصرة، ليقنع العلويين والمسيحيين والدروز ان من سيحكمهم من بعده هم هؤلاء الاسلاميين قاطعي الرؤؤس! وهو الامر الوحيد الذي يجعل الاقلية العلوية تفضل الموت عن بكرة ابيها بملايينها، على ان تخضع لحكم القاعدة وجبهة النصرة،.
3- قناعة الكثير من ابناء الثورة ان الثورة انحرفت عن طريقها بتسليم قرارها العسكري الداخلي على الارض للجهاديين، وفتح باب الجهاد من قبل مؤسسات افتاء عربية خليجية وتصديرها اعلامياً على انها ثورة سنية ضد الاقلية العلوية.
4- خروج جبهة النصرة من مقاتلة النظام بعد استيلائها على مناطق واسعة من سورية المحررة، لتقوم بإنشاء إمارات اسلامية عليها وتتفرغ لسرقة البترول الذي بدأت ببيعه للنظام بناء على اتفاقيات بين الطرفين.
5- صمت جبهة النصرة والقاعدة والجهاديين مع بعض المعارضة السياسية في الخارج عن مساعي النظام السياسيةالاعلامية او السياسية العسكرية الجادة في تعزيز مناطق وجوده في الساحل، وانسحاب الجبهة عن القتال في حمص وطرطوس… واكتفاء الكتائب الاسلامية في جبال اللاذقية بالانتظار مع دعمها المشبوه، فيما يوحي أنهم موافقون على إقامة دويلة علوية!
صحفي وناشط
كيف اغتالت المخابرات السورية الثورة من الداخل؟
إذا كانت الإستخبارات السورية على هذا القدر من الذكاء وقوة التخطيط للمدى البعيد فعليكم وعلى المعارضة ومن يدعمها من دول أن “تضبّوا أذنابكم” وتنسحبوا بما بقي من حيل وفي جنح الظلام قبل أن نجعل من هزيمتكم فضيحة وعرساً.