القانون يضمن حقوقا أساسية ولكن تشوبه ثغرات
(بيروت) ـ إن القانون الجديد الذي تبناه المشرعون الكويتيون في 24 يونيو/حزيران 2015 والذي صار يمنح لعاملات المنازل حقوقًا عمالية قابلة للتنفيذ يُعتبر قفزة كبيرة يتعين على باقي دول الخليج الإقتداء بها لسن تشريعات مماثلة. ويجب على السلطات الكويتية تنفيذ هذا القانون بشكل دقيق، ومعالجة الثغرات القانونية المتبقية التي تفرض تمييزا ضدّ عاملات المنازل وتجعلهن عرضة إلى الخطر.
يُعتبر القانون الذي تبناه مجلس الأمة أول تشريع يُنظم حقوق عاملات المنازل في الكويت. ويُقدّر عدد عاملات المنازل في الكويت بأكثر من 660 ألف عاملة، معظمهن من آسيا وأفريقيا. ونشرت صحيفة الجريدة الكويتية نص القانون الجديد الذي منح لعاملات المنازل حق التمتع بيوم راحة أسبوعيًا، وبعطلة لمدة شهر خالصة الأجر سنويًا، وحدد عدد ساعات العمل يوميًا بـ 12 ساعة مع استراحة، ونصّ على فائدة نهاية الخدمة التي قدرت بشهر واحد على كل سنة عمل عند انتهاء العقد، إضافة إلى حقوق أخرى.
قالت روثنا بيغم، باحثة في مجال حقوق المرأة في الشرق الأوسط: “لقد حقق البرلمان الكويتي خطوة كبيرة إلى الأمام بمنح عاملات المنازل حقوق عمالية قابلة للتنفيذ لأول مرة. والآن ينبغي تحويل هذه الحقوق إلى واقع في الكويت، وينبغي على دول الخليج الأخرى الاقتداء بالكويت لحماية حقوق عاملات المنازل فيها”.
تشكّل عاملات المنازل ثلث اليد العاملة في الكويت تقريبًا، ولكنهن مقصيات من قانون العمل الأساسي الذي يحمي حقوق العمال. يُذكر أن تقريرًا لـ هيومن رايتس ووتش في 2010 وثق عديد الانتهاكات في حق عاملات المنازل، ومنها عدم خلاص الأجور، والعمل لساعات طويلة دون راحة، والتعرض إلى اعتداءات جسدية وجنسية، وعدم وجود آليات انتصاف واضحة.
سيدخل القانون الجديد حيّز التنفيذ بعد أن يصادق عليه أمير الكويت بشكل رسمي ويصدر في الجريدة الرسمية. ثم يتعين على وزارة الداخلية إصدار تشريعات لتنفيذه في أجل لا يتجاوز ستة أشهر منذ صدوره.
يُعتبر القانون الجديد، كما نُشر في الجريدة، مهمًا لأنه صار لأول مرة يمنح عاملات المنازل حقوقًا عمالية قابلة للتنفيذ، ولكن مازالت تنقصه بعض أشكال الحماية الأساسية التي ينص عليها قانون العمل بشكل عام. ويحدد قانون العمل ـ القانون رقم 6 لسنة 2010 المتعلق بالعمل في القطاع الأهلي ـ عدد ساعات العمل أسبوعيًا بـ 48 ساعة، أو ثماني ساعات يوميًا، وساعة للراحة بعد كل خمس ساعات عمل. ولكن القانون الخاص بعاملات المنازل يحدد عدد ساعات العمل يوميًا بـ 12 ساعة ولا يُحدد عدد “ساعات الراحة”، مع يوم راحة أسبوعيًا. كما ينص قانون العمل على أحكام تتعلق بعطلة المرض، في المادة 69، ومنها 15 يومًا خالصة الأجر، ولكن قانون عاملات المنازل ينص فقط على أن يتكفل صاحب العمل بالعلاج الطبي.
كما يفتقر القانون الخاص بعاملات المنازل إلى أي آليات تنفيذ، من قبيل عمليات تفتيش العمل. ورغم أن القانون يحظر على أصحاب العمل مصادرة جوازات العاملات، وهو انتهاك متكرر، إلا أنه لا ينص على أي عقوبات ضدّ من يقوم بذلك. إضافة إلى ذلك، لا يضمن القانون الجديد حق العاملات في تكوين نقابة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الكويتية معالجة هذه الثغرات عندّ سن التشريعات التنفيذية.
ورغم تبني هذا القانون الجديد، توجد في الكويت سياسات من شأنها تعريض عاملات المنازل إلى خطر الاستغلال والانتهاك. وعلى سبيل المثال، يمنع نظام الكفالة عاملات المنازل المهاجرات من تغيير صاحب العمل دون موافقته قبل أن ينتهي عقد العمل الأصلي. وتسببت هذه السياسة في وضع العديد من عاملات المنازل في أوضاع مسيئة. وعملا بهذا النظام، تعتبر عاملات المنازل اللاتي يغادرن أعمالهن قبل انقضاء العقد ودون موافقة صاحب العمل “في حالة فرار”، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الكويتي. وقد تتعرض العاملات إلى الاعتقال التعسفي، أو تفرض عليهن غرامات أو يواجهن عقوبات بالسجن. وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه العقوبات في حق العاملات اللاتي يهربن من أصحاب عمل مسيئين هي بمثابة معاقبة الضحية.
قالت روثنا بيغم: “إن هذا القانون الجديد هو البداية، ولكن تبقى عاملات المنازل عرضة إلى الخطر. ولذلك يتعين على الكويت الاستمرار في تعزيز حمايتهن وذلك بالقطع مع السياسات التي تضعهن في قبضة أصحاب عمل مسيئين أو التي تفرض عليهن عقوبات عند الفرار من هذا الوضع”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الكويتية، كي تضمن تطبيق القانون الجديد بشكل فعال، أن تعمل على توعية عاملات المنازل وأصحاب الأعمال به. كما يتعين عليها معاقبة أصحاب الأعمال الذين ينتهكون القانون، مع ضمان مراجعة المحاكم للتظلمات المتعلقة به بشكل فعال.
كما تبنى مجلس الأمة قانونًا ينص على تعويض وكالات التوظيف الخاصة لعاملات المنازل المهاجرات بشركات ذات مساهمة عامة. واستنادًا إلى تقارير إخبارية، سوف يكون للجمعيات التعاونية (مؤسسات اجتماعية ذات ملكية مشتركة) 60 بالمائة من هذه الشركات بينما تبلغ مساهمة الوكالات الحكومية 40 بالمائة. ويفرض القانون على هذه الشركات تدريب عاملات المنازل قبل أن يغادرن بلدانهن الأصلية. وفي الوقت الحالي، كثيرا ما تفرض وكالات التوظيف على العاملات دفع مصاريف. وصار القانون الخاص بعاملات المنازل يمنع وكالات التوظيف والعاملين فيها من استلام أي أموال من العاملات، وإن لم تلتزم الشركات بذلك، فإن السلطات بإمكانها توجيه تهمة الابتزاز لها.
لقد قطع الكويت مسافة أطول من جيرانه الخليجيين في حماية حقوق عاملات المنازل بالقانون، فقطر والإمارات وعمان مازالت تستبعد عاملات المنازل من قوانين العمل الخاصة بها.
ورغم أن قانون العمل البحريني لسنة 2012 صار يمنح لعاملات المنازل عطلة سنوية ويسمح لهن بالحصول على وساطة في نزاعات العمل، إلا أنه فشل في فرض أي حماية أخرى، مثل أيام الراحة الأسبوعية، والحد الأدنى للأجور، أو تحديد ساعات العمل.
كما تبنت السعودية قانونًا في 2013 يمنح عاملات المنازل تسع ساعات من الراحة في كل 24 ساعة، ويوم راحة أسبوعية، وعطلة مدفوعة الأجر لمدة شهر بعد العمل لمدة سنتين. ولكن العاملة قد تجد نفسها مجبرة على العمل لمدة 15 ساعة يوميًا بينما ينص قانون العمل السعودي على أن لا تتجاوز عدد ساعات العمل ثماني ساعات في اليوم.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الكويت ودول الخليج الأخرى المصادقة على اتفاقية العمل الدولية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين. وتنص هذه الاتفاقية على المعايير الدولية المتعلقة بحقوق عاملات المنازل، وتؤكد على أن تكون الحماية المتوفرة لهن هي نفس الحماية التي يتمتع بها بقية العمال.
وقالت روثنا بيغم: “لقد حققت الكويت سبقًا مهما مقارنة بجيرانها الخليجيين من خلال الموافقة على حماية حقوق عاملات المنازل بالقانون، وينبغي على الدول الخليجية الأخرى أن تحذو حذوها”.