ليس التمديد اغتيالا للديموقراطية في لبنان، كما توهم 100 شاب و شابة هم بقايا المجتمع المدني الذي انكشف هزاله يوم الجلسة الشهيرة. فمن ذا الذي يغتال ميتا؟ ألم تنحر الديموقراطية قبل ذلك بـ 5 سنوات؟ إلا اذا كانت 7 ايار حفلة “هالوين” ، أو كانت عراّضة “القمصان السود” احتفالا بعيد الموسيقى، أو خطب الأمين العام، وإصبعه المتأرجح، مشهد حكواتي في مقاهي زمان.
أهم ما كشفته جلسة التمديد، ان لا مجتمع مدنيا في لبنان. تصفية الديموقراطية اللبنانية لم تحرك اكثر من مئة لبناني. اقرار زواج المثليين في فرنسا دفع بآلاف الى الشارع. قطع 600 شجرة في ساحة اسطنبول حرك عشرات الآلاف. أما في بيروت فالإعتراض على تصفية الديموقراطية كان أقرب الى إشهار موت معلن لمجتمع مدني بالكاد ولد.
شأن آخر عرّته لحظة العار، هو ان الحزب الحاكم يستمر في رسم قواعد اللعبة التي يريد: يترك للآخرين ان يلعبوا في الحواري الداخلية، بين حكومة لم تمت، و أخرى لا مكان لولادتها، ويزعم لذاته حق اتخاذ القرارات الكبرى، كدوره الاقليمي الفارسي، ولو تلطى بفلسطين، أو بفزاعة الإمبريالية الأميركية والمؤامرة الصهيونية، أو باستعادة أحقاد الماضي الديني ممزوجة بأسطرة تكبل المعتقدين وتأسرهم.
فضحت جلسة التمديد، كون لبنان يسير على توقيت الحزب إياه: يفرض الفعل والحدث مسلحا بمجتمع متراص، برهبة السلاح والهيمنة والمصالح المتشابكة، والتخويف المصطنع. ألم يقل هتلر”إذا أردت السيطرة على الناس، أخبرهم أنهم معرضون للخطر، ثم حذرهم أن أمنهم مهدد، ثم خوّن معارضيك، وشكك في ولائهم ووطنيتهم”. يبدو أن النازية لم تنته مع هتلر.
في مقابل الحزب خصم بلا استراتيجية سوى الحد من الخسائر بالصمود على الموقف. لكن ذلك يجره أحيانا إلى السير عكس ما يريد:كيف يمكن إجراء الانتخابات فيما تتجول التفجيرات الأمنية في طول البلاد وعرضها، وفيما يشترط حزب السيد أن تستنسخ “التوازنات نفسها في المجلس الجديد”، ويدعو للنزال في الأرض السورية التي يستبيحها بفتوى الولي الفقيه؟
بين الإثنين، اولئك الذين يتباكون من التمديد، وعلى قانون الستين، ويراهنون على قصر ذاكرة اللبنانيين: لكن أليسوا هم انفسهم من ربت على كتف ناحري الديموقراطية في “اليوم المجيد”، وعادوا من الدوحة مهللين باسترجاع حقوق المسيحيين، مشيحيين بعيونهم عن دم الديموقراطية ومؤسساتها، ولما يزلوا، معميين بحلم كرسي بعبدا التي ستمسي بلا قوائم مع استمرار الحال على راهنها؟
لكن، من يحاكم عقول العصافير؟! ومن يعطي البصيرة لمن لا يريد أن يرى أبعد من أنفه، ولا ينوي أن يفهم أنه يصطنع بطولة بطواحين دون كيشوت؟!
31 أيار تتمة طبيعية لـما كان في 7 أيار. ومن يهن يسهل الهوان عليه.
rached.fayed@annahar.com.lb