عشية أي استحقاق، تشتد المعركة. قاعدة لا يتوقع أن يشذ عنها «حزب الله» هذه المرة. الاستحقاق هو «عيد التحرير» يوم غد السبت الذي ينتظر جمهور الحزب أن يطل عليه أمينه العام السيد حسن نصرالله ليخاطبه. والمعركة هي احتلال مدينة القصير. المفارقة أن الجهة التي تحتفل كل سنة بنصر تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، تعدّ العدّة لتحتفل بنصر احتلال أرض القصير السورية. ثمة اعتقاد قوي لدى متابعي الحزب من أن الساعات الفاصلة عن ذكرى التحرير ستشهد أشرس المعارك بغطاء ناري غير مشهود واستخدام جنوني لكافة أنواع الأسلحة، من الطيران الحربي الى القصف المدفعي والصاروخي ومحاولات التقدم بالآليات المدرعة بغية تحقيق إنجاز عسكري ملموس للحزب ليزفّه نصرالله بداية الى جمهوره الذي لم يستكين منذ الأحد الماضي وهو يستقبل قتلاه ويشيّعهم في القرى والبلدات الشيعية.
لكن الحزب الذي يتفاخر بتجربته في مقاومة إسرائيل، والتي تدرسها قوى التحرر للإفادة منها، فاته أن الحرب التي يشنها والنظام السوري على مدينة القصير اليوم تشبه كثيراً الحرب التي شنتها إسرائيل عليه في تموز 2006 على الجنوب، وأن المقومات والعوامل التي حققت صمود مقاوميه 33 يوماً في وجه آلة الحرب الإسرائيلية لا تنطبق على مقاتليه اليوم بقدر ما تنطبق على أبناء القصير وثوارها الذين يصمدون في وجه آلة الحرب السورية. أما صفة «النصر الإلهي» التي أطلقها حينذاك نصرالله على حرب تموز، انطلاقاً من إيمان مقاوميه بقضيتهم وبعقيدتهم، فإنها لا تستقيم مع غاز ومحتل مهما عظم شأنه.
ففي التقديرات التي كان الإعلام المؤيد للحزب والنظام السوري يبثها يوم بدء عملية القصير الأحد الماضي أن المعركة ستنتهي في غضون 48 ساعة، وأن القوات السورية باتت في ساحة المدينة، وأضحت في مرحلة «التطهير». لكنه ما أن انجلى غبار الحرب النفسية الاعلامية حتى ظهر أن مجريات المعركة مختلفة، وأن هجوم القوات النظامية بطرق الحرب الكلاسيكية على بعض محاور المدينة المطوقة منذ أسابيع، لا يمكنه أن يحسم المعركة في ساعات أو في أيام، فضلاً عن الكلفة العالية، حتى ولو اعتمد سياسة الأرض المحروقة، وهو إذا سيطر ميدانياً، سيكون أمامه تحدي مواجهة العمليات والهجمات ضده، حيث يتفوق عليه الثوار فيها في نمط حرب العصابات. أما الهجوم على المحاور الأخرى التي يقودها مقاتلو «حزب الله»، فلا يعتمد قواعد الحرب النظامية – الكلاسيكية تماماً كما هو واقع «الثوار» الذي يخوضون بدورهم حرب مدن، لكنهم يتفوقون عليهم بأنهم أبناء الأرض يدافعون عنها ويقاومون في وجه المحتلين والغزاة، حالهم حال مقاومي «حزب الله» الذين كانوا في يوم من الأيام، يقاومون محتلا قبل أن يتحولوا هم أنفسهم الى غزاة يواجهون مقاومة شرسة.
فشل الخطة الأولى التي كانت تعتمد على الهجوم المباغت ووقع الصدمة على مقاتلي القصير الذي دكهم النظام بشتى أنواع الصواريخ وبراميل البارود والقصف المدفعي للإطباق على الاحياء الجنوبية والشرقية والشمالية – الشرقية للمدينة، وشراسة المعركة وحجم الخسائر البشرية على أبواب استحقاق إطلالة نصرالله السبت، دفعت بالحزب الى البدء بسياسة تمهيدية توفر لنصرالله بعض المسوغات والعناصر لرفع معنوبات حزبه وبيئته وجمهوره.
وفي هذا السياق، تندرج الرسالة التي وجهها مقاتلو الحزب أمس والتي نشرت على وسائط الإعلام الرديف للحزب ومنها «شبكة أخبار الضاحية الجنوبية» تحت عنوان «رسالة المجاهدين الى أهلنا في لبنان» والتي خاطبتهم بالقول «لا تتخيلوا ضراوة المعارك التي نمر بها، إلإ أنها سرعان ما ذهبت الى «أدلجة» الصراع عبر الإشارة الى أن ثوار القصير يقاتلون «بسلاح إسرائيلي وان خوابير الرصاص الفارغ كلها مختومة باللغة العبرية»، داعية اياهم الى التيقن «ان اسرائيل وضعت ثقلها في هذه المعركة».
لكن اللافت في الرسالة المفترض انها آتية من أرض المعركة ما يضعه مقاتلو الحزب من سقف زمني لإنجاز مهمتهم، إذ انهم توجهوا الى نصرالله بالقول: «نحن كما وعدنا وكما تعلم اننا على العهد وكما عرفتنا في تموز لن ندع تموز يأتي دون أن تنتصر سوريا»، في إشارة الى طول المعركة التي ستستغرقها عملية احتلال القصير وستتجاوز المدة التي استغرقتها حرب تموز في أيامها الـ 33. ففي المعلومات المتداولة أن الحزب انتقل الى الخطة الثانية التي تعتمد على النسق البطيء في الهجوم والمرتكز على سياسة القضم والتقدم خطوة خطوة وشبر شبر وبيت بيت، وتضييق الخناق على الثوار، الأمر الذي يحتاج فيه الى وقت أطول ويمكنه من التقليل من الخسائر البشرية بعدما مني بخسائر عالية في الخطة الأولى.
على ان اللافت أيضاً في الرسالة «المفترضة من أرض المعركة» ذلك البعد السياسي الذي يوصي به المقاتلون نصرالله أن يضمنه خطابه في 25 أيار، فيقول للشعب اللبناني ان رجاله يقاتلون عن السنة والمسيحيين والدروز في سوريا ويحمونهم من الإبادة، وأنهم يردون عن لبنان الهمجية والموت القادم الى الشرق، من دون أن ينسوا الطلب إليه بأن يقول «للقدس في يوم التحرير اننا قادمون، وان يقول للشيعة في لبنان: نحن ابناء ذاك الإمام الذي وقف وحيداً في كربلاء ينادي ابا الموت تهددني يا ابن الطلقاء ان الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة».
وعليه، فان ملامح خطاب نصرالله السبت يمكن رسمها مسبقاً من هذه الرسالة: الوعد بالنصر الآتي في تموز والأهداف النبيلة السامية لاحتلال حزب الله القصير وتورطه في سوريا الذي ربما يفوته أيضاً أن رهان أبناء القصير هو الصمود في أرضهم والدفاع عنها، وأن الصمود هذا كفيل بأن يبهت المكسب السياسي يوم يتحقق – وإذا تحقق – ذلك ان حرب الاستنزاف من شأنها ان تحدث انهياراً معنوياً وتوقع مزيداً من الخسائر في وجه مقاومين هم أبناء الأرض محصنين بإجراءات دفاعية وخنادق وتفخيخ طرق تعلموها من مدرسة «حزب الله» يوم كان مقاوماً حقيقياً على الجبهة ضد إسرائيل.
وستبقى العبرة في صمود ثوار القصير ليس 33 يوماً بل 3 و13 و23 يوماً في وجه آلة القتل السورية التي لا تقل شراسة عن آلة القتل الإسرائيلية مدعومة بغزاة تحولوا، بين ليلة وضحاها، في نظر المجتمع الدولي الى ارهابيين مثلهم مثل «جبهة النصرة»، وينتظرون مصيرهم الآن ليوضعوا على لائحة الارهاب الدولية، بعدما كان «تفاهم تموز» عام 1996، والذي ساهم في صناعته الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد شرّع مقاومتهم أمام العالم أجمع.
rmowaffak@yahoo.com
إعلامية لبنانية
اللواء
حرب تموز وحرب “القصير”: ماذا لو صمد مقاومو “القصير” ٣٣ يوماً؟
لقد سفط نصر الله من حسابات المسلمين كمجاهد يدافع عن ارضه ضد اسرائيل لغاز يحتل مدنسوريا وحرب لاناقه له فيها ولاجمل وان كان سقوط الاسد حتمي واكيد فانه الذي فعله كسب عداء السوريين لاجيال وكره اللبنانيين له لزج بلدهم في جبهه كان المفروض ان يدخر سلاحه لاسرائبل مع الاسف لقد خدعنا بالرجل
حرب تموز وحرب “القصير”: ماذا لو صمد مقاومو “القصير” ٣٣ يوماً؟
The Fig Leaf had dropped.