تأسست جمعية اللقاء الأرثوذكسي في 4/6/2010 على يد مجموعة من الشخصيات الأرثوذكسية المشهود لها بالنزاهة والإيمان، وتطالعك المادة الأولى في نظامها الأساسي بأنها غير سياسية ولا تتوخى الربح، ومن أهدافها المذكورة في النظام الداخلي أيضاً تفعيل وتثبيت الدور الريادي للشخصيات الأرثوذكسية في كافة الميادين وتفعيل الأرثوذكسية في الداخل والخارج ووقف القنص الآني والمتراكم لحقوق الأرثوذكس – وفي نفس الوقت تنادي هذه الجمعية بالإبتعاد عن الحصحصة السياسية الطائفية والمذهبية.
هذا في المبادىء المنقولة حرفياً عن نظام الجمعية الداخلي؛
أما في الواقع ، عن قصد أو عن غير قصد، عن معرفة أو عن غير معرفة، بطريقة عفوية أو ضمن مخطط إقليمي مدروس، تحوَّل هذا اللقاء بفضل بعض صقوره إلى حزب سياسي طائفي بامتياز فأنتج وتبنى وسوَّق – وللمفارقة عبر شخص ٍ واحد من أعضائه – وبالرغم من امتعاض شخصيات أرثوذكسية عديدة لها وزنها الفاعل في الساحة اللبنانية دينياً وسياسياً وإجتماعياً، سوَّق لمشروع إنتخابي طائفي ومذهبي بإمتياز أحدث شرخاً واسعاً في الحياة السياسية اللبنانية وحطّم فكرة دولة لبنان الكبير المتعدد الطوائف والمذاهب ورسالة لبنان – الأكبر من وطن – رسالة التعايش بين كل مكوناته في شرق أوسط رزحت دوله تحت وطأة أنظمة حديدية وطائفية ومذهبية، في شرق أوسط بدأ ربيعه يزهر (وسيزهر ولو بعد حين) فذهب هذا اللقاء بإسم الأرثوذكس والأرثوذكسية إلى الحصاد في وقتٍ بدأت معظم الدول بالرجوع منه وأصبح هذا اللقاء – شاء أصحابه ام لم يشاؤوا – مطية لمخطط يستهدف تفتيت المجتمع اللبناني غرائزياً طائفيا ومذهبيا وفي كل الإتجاهات والمجالات.
وما إن بدأ نجم هذا اللقاء بالأفول – بفضل وعي بعض الأطراف السياسية في هذا البلد – حتى سطع نجم أرثوذكسي آخر بالشكل والمضمون تحت عنوان “حزب المشرق الارثوذكسي” الذي أقام عشاءه السنوي الأول ليل السبت 9 آذار 2013 بحضور أرثوذكسي سياسي وديني من الطراز الرفيع ، حيث جذبت تسمية هذا الحزب بعض رؤساء الكهنة للحضور، حيث تمنى هذا الأخير في كلمته بإسمه وبإسم الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس لهذا الحزب الأرثوذكسي الهوية والإنتماء الخير للوطن دون أن ينسى تمني الخير للطائفة الأرثوذكسية بهذا الإنجاز العظيم وكأنها كيان مستقل عن هذا الوطن الذي كان ينقصه ان ينضم إلى لائحة أحزابه الطائفية حزب طائفي آخر.
والملفت في هذا الحفل الكلمة التي ألقاها رئيس الحزب الأستاذ رودريك الخوري والتي أشبعها بآيات من الإنجيل المقدس – جاءت في غير مكانها طبعاً- وبعبارات بكت إنطاكية وأورشليم والقسطنطينية مؤكداً عدم إستعداده مجددا للبكاء على الكورة والأشرفية وزحلة، فتخال نفسك أما خطاب حرب، حرب صليبية، وجهاد مقدس أرثوذكسي ينطلق من الكورة والأشرفية وزحلة لتحرير الأمم جمعاء بإسم الثالوث القدوس والمسيح المصلوب. فالارثوذكسية يا صديقي او بالاحرى المسيحية نشأت منذ الفي عام ومرت بمحن وشدائد لا تعد ولا تحصى، ولو شاء الله ان تنتهي لانتهت منذ زمن بعيد.
والملفت أيضاً العبارات الطنانة التي إستعملها رئيس الحزب الذي “سيقاوم” الظلام بالنور والباطل بالحق والظلم بالعدل والهدم بالبناء والذي أعلن “ثورة”، ثورة الأحرار على العبيد وثورة الأبرار على اللصوص، وثورة الشجعان على الجبناء، وثورة الأحياء على الأموات، وثورة المؤمنين على التكفيريين، مع العلم أن الكتاب المقدَّس بشقيه العهد القديم والعهد الجديد لم يأت مرة واحدة على ذكر كلمتي “ثورة ومقاومة” بل بشّر بالمحبة والمحبة فقط.
لم يخبرنا رئيس الحزب في كلمته الثورية من هم أصحاب الظلمة والباطل والظلم والهدم، ومن هم اللصوص والعبيد والجبناء والأموات والتكفيريين، وهل الأرثوذكسية الحقة تقضي بتوجيه هذه النعوت لشركائنا في الوطن، وهل بهذه الطريقة نبني ما تهدم في البلد وننشر العدل ونبشر بالحق كما بشَّر به السيد المسيح؟
” الأرثوذكسية الحقة”، وعذراً الأجدى القول “المسيحية الحقة”، هي أن تعيش المسيح في حياتك اليومية فتغفر للذين لا يدرون ماذا يفعلون وتدر خدك الأيمن إذا ضربوك على خدك الأيسر وتغفر للص اليمين وتحب عدوك كنفسك وتشهد للحق وتسامح من أخطأ إليك وتنشد مع الجنود “إني أنا مدينتك يا والدة الإله أكتب لك رايات الغلبة يا جندية محاربة “…. هذا الكلام المقدس تترجمه في السياسة بالانفتاح على الآخرين لبناء وطن لجميع ابنائه لا بالتقوقع على الذات. تترجمه بتأسيس حزب تسميته وطنية ومبادؤه اكبر من طائفة وبحجم وطن، حزب عابر للطوائف والمذاهب.
بالله عليكم أيها الأرثوذكس الجدد، لم يعد ينقص لبنان أحزاب طائفية مقدسة – كما تظنون انفسكم – لأنه بإسم الأحزاب الطائفية الإلهية المقدسة سيسقط الهيكل على رؤوس الجميع، وعلى رؤوسكم أيضاً. وعندها سيتطلب بناؤه عشرات السنوات وليس ثلاثة أيام كما تدَّعون. فالله وحده يبني بثلاثة ايام… وهل تشبهون انفسكم بالله؟
……عذرا لآنكم بأنطلاقتكم هذه ستهدمون ما تبقى من هذا البلد
” الأرثوذكسية الحقة” هي محبة وتعاون ومشاركة وانفتاح، أين أنتم من أرثوذكسية شارل مالك وإيلي سالم وجورج حاوي وفؤاد بطرس وأنطون سعادة وغيرهم كثر؟ هؤلاء الكبار رفعوا الأرثوذكسية إلى أعلى المراتب فيما أنتم تستغلونها لتحقيق أهدافكم الشخصية ، الإجتماعية والسياسية.
أحبائي! ما يدور داخل الطائفة الأرثوذكسية لا يوحي بالخير وينذر بعواقب وخيمة. فالتشرذم واضح والتفتيت مستمر وصمت القيمين على الطائفة مخيف.
آن الأوان لموقف أرثوذكسي موحَّد من كل ما يجري من هرطقات بإسم الأرثوذكسية التي يتقاسمون حصصها كما تقاسموا ثياب السيد بينهم.