الموضوع ليس موضع ترسيم الحدود العراقية- الكويتية. ليس في استطاعة أي طرف الحؤول دون ترسيم الحدود، بين البلدين، استنادا الى قرار متخذ في العام 1994 في الامم المتحدة. لا يمكن تجاهل القرارات الدولية، خصوصا بين العراق والكويت. معروف جيدا كم كلّف العراق تجاهل القرارات الدولية من جهة ورفضه الانصياع لحدّ ادنى من المنطق من جهة اخرى.
هل تغيّر العراق؟ هل عراق ما بعد صدّام حسين مختلف؟ الحدود العراقية- الكويتية امتحان للنظام الجديد في العراق. الموقف من الحدود يثبت هل هذا النظام مختلف، ام ان هناك تكرارا لمواقف سابقة عفا عنها الزمن؟
المسألة ليست مسألة ترسيم حدود. انّها ابعد من ذلك بكثير. ما هو اهمّ من ترسيم الحدود وجود نية للاعتراف بأن الكويت دولة مستقلة لا علاقة لها بالعراق. العلاقة هي علاقة بين دولتين لكلّ منهما سيادته على ارضه الوطنية. ليس ما يمنع في المستقبل ان تكون هناك تسهيلات للعراق في الكويت بما يمكّنه من التمتع بانفتاح اكبر على البحر. هذا الامر ممكن ولكن بعد ترسيم الحدود بين البلدين واعتراف كلّ منهما بهذه الحدود.
يفترض في مثل هذا الاعتراف المتبادل بأن يكون بعيدا عن أي نوع من الترهيب مثل استخدام الحجارة او الاسلحة النارية لمنع لجنة محايدة من ترسيم الحدود بين البلدين كما حصل قبل ايّام عندما منع عراقيون اللجنة من متابع عملها، بعلم السطات العراقية…او من دون علمها.
في العالم الذي نعيش في ظلّه، لم تعد الحدود مهمّة كثيرا. المهمّ الثقة المتبادلة والاعتراف بالآخر والامتناع عن ممارسة سياسات بالية تذكّر الكويتيين بصدّام حسين وما شابه ذلك من معتوهين لم يعرفوا يوما ان هناك حدودا لا بدّ من التزامها وأنّ العالم لا يستطيع تحمّل المغامرات المجنونة. وهي مغامرات لا يمكن في نهاية المطاف الاّ ان ترتد على اصحابها، مهما طال الزمن.
سبق لعبدالكريم قاسم الذي حكم العراق بعد الانقلاب العسكري المشؤوم الذي اطاح النظام الملكي في العام 1958، ان ادّعى ان الكويت ارض عراقية. معروف كيف انتهى قاسم الذي وجد امامه العالم كله يعترض على تهوّره وذلك في مرحلة كانت الكويت تستعد للتحول الى دولة مستقلة.
بعد ذلك، حاول البعث العراقي التحرّش بالكويت غير مرّة. في كلّ مرة تحرّش فيها بالكويت، كان يجد من يجعله يقف عند حدّه. حصل ذلك في مطلع السبعينات، حين كان البعث في حاجة الى الهرب الى الخارج بسبب عجزه عن معالجة مشاكل العراق. اراد البعث استخدام الكويت من اجل المزايدة. تبيّن ان مثل هذا الاسلوب في التعاطي مع الازمات لا يمكن الا ان يرتد على اصحابه عاجلا ام آجلا.
في العام 1990، استعاد صدّام حسين النغمة نفسها. لم يتعلّم شيئا من تجارب الماضي القريب جدا. لم يفهم ان الكويت ليست مكسر عصا وأنها دولة مستقلة ذات سيادة تتمتع قبل كلّ شيء بصيغة داخلية قائمة على التفاعل بين الاسرة الحاكمة والكويتيين. مثل هذا التفاعل قائم فعلا، على الرغم من كلّ المزايدات التي تظهر بين حين وآخر والتي تظهر الديموقراطية الكويتية أقرب الى الانفلات والتفلت من أيّ شيء آخر. لو كان هناك غياب للتفاعل بين الشعب والاسرة الحاكمة، بغض النظر عن التجاذبات التي نشهدها داخل الكويت، لما دُحر الاحتلال بالطريقة التي دُحر بها.
من المفيد استعادة بعض فصول الماضي، حتى لا نقول مآسيه، كي يدرك العراقيون ان عليهم التخلص نهائيا من عقدة الكويت. فالحدود بين البلدين سترسّم استنادا الى القرار الدولي الصادر عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة. ما كان لهذا القرار ان يصدر لولا الاحتلال العراقي للكويت ولولا وقوف المجتمع الدولي مع الدولة الصغيرة التي تحرّرت أوّلا بفضل الحلف القائم بين العائلة الحاكمة ممثلة حاليا بامير الدولة الشيخ صباح الاحمد والشعب الكويتي. لم يوجد كويتي واحد يقبل بالتعاون مع المحتلّ. ولأنّه لم يوجد مثل هذا الكويتي، فشل العراق في ضمّ الكويت وتسبّب ذلك في رحيل صدّام حسين عن العراق والكويت في آن.
لا بدّ من تسمية الاشياء باسمائها. وهذا يعني في طبيعة الحال، التساؤل: هل تغيّر العراقيون… ام أن كل نظام يأتي على استعداد لتكرار خطيئة النظام الذي سبقه، اي خطيئة الهرب الى الكويت؟
للمرّة الالف، الكويت دولة مستقلة ذات سيادة لا تحتاج الى اعتراف عراقي من أيّ نوع كان. في المقابل، هناك حاجة لدى العراق، بعد كلّ الذي مرّ فيه، خصوصا منذ ثمانينات القرن الماضي، الى التصالح مع نفسه أوّلا. يحتاج العراق أوّل ما يحتاج الى التصالح بين مكونات المجتمع كي يقيم علاقات صحّية مع الكويت ومع كلّ دول الجوار.
في السنة 2013، الحدود مهمّة وغير مهمّة في الوقت ذاته. انها مهمة جدا بالنسبة الى دولة صغيرة مثل الكويت عانت في الماضي القريب الامرّين من الجانب العراقي. وليست مهمّة في حال وجود جار عراقي مسالم على استعداد للاعتراف بالحدود واقامة علاقات حسن جوار، كما الحال بين أي دولة اوروبية ودولة اوروبية اخرى، اي بين فرنسا والمانيا، اللتين خاضتا حروبا طويلة في ما بينهما، على سبيل المثال وليس الحصر.
يظلّ السؤال في النهاية، هل يريد النظام الجديد في العراق، وهو نظام لم يتكوّن بعد، الاستفادة من اخطاء الماضي القريب…ام يريد تكرار هذه الاخطاء، بما في ذلك ان يتذكّر ان مقتل صدّام حسين كان في الكويت وليس في أيّ مكان آخر؟
إعلامي لبناني
المستقبل
عن الحدود بين العراق والكويت…(( بيان )) فرسان العدالة والقانون :- موقفنا واضح وصريح بصدد الخروقات والتجاوزات من قبل دول الجوار وبالاخص موضوع ميناء الامبارك … نحن مع قرار الشعب العراقي الرافض وكانت لنا تصريحات واضحه وجريئة من خلال البيان رقم 4 ورقم 5 في شهر آب 2011وتم ايقاف الحشد الجماهيري استجابة منا لطلب بعض الشخصيات الشعبية والعشائرية والسياسية ذلك واننتظار نتائج المباحثات الرسميه بين الحكومة العراقية والحكومة الكويتيه حول المساءل العالقه بين البلدين واهمها مشكلة ميناء الامبارك وكذلك المباحثات التي جرت خلال القمة العربيه . وكان لنا الثقة بالحكومة العراقيه والكويتيه ان يراعوا من خلال الاتفاق حل المشاكل المتعلقه… قراءة المزيد ..