كشفت مصادر فاتيكانية لـ”الشفاف” الليلة أن البابا بندكتوس كان قد تعرّض لأزمتين قلبيّتين في الآونة الأخيرة! وهذا ما كانت مصادر الفاتيكان الرسمية قد امتنعت، لأسباب ما، عن الإشارة إليه حينما فاجأ “البابا بندكتوس” العالم بإعلان استقالته!
ولكن “مفاجأة إستقالة البابا (الثانية منذ قرون) أعقبتها “مفاجآت” أخرى الليلة، أوّلها سرعة اختيار البابا الجديد الذي لم يتوقع أحد أن يتم مساء الأربعاء. وهذه السرعة “يُمكن” أن تشير إلى أن البابا بندكتوس لعب دوراً مؤثّراً في اختيار خَلَفه!
فمساء الأربعاء، أعلن الكاردينال الفرنسي جان-لويس توران عن انتخاب البابا الجديد باللغة اللاتينية، قائلأ “انونتيو فوبيس غوديوم ماغنوم، هيبيموس بابام” (أعلن لكم نبأ عظيما، (أصبح) لدينا بابا)”! والبابا الجديد هو خورخيه برغوليو، أسقف عاصمة الأرجنتين، بيونس إيرس”.
ويشكل الإسم مفاجأة كبرى لأنه أول “بابا يسوعي” منذ تأسيس السلك اليسوعي، على يد “أغناطيوس دي لويولا” في باريس قبل ٤٧٥ عاماً. (عدد اليسوعيين في العالم حالياً يقارب ١٤٠٠٠ راهب أو “آب”، ويصعب إحصاء عدد الجامعات والمعاهد والمدارس التي أسسوها في أنحاء العالم، وبينها “الجامعة اليسوعية في بيروت”). ويُطلَق على رئيس اليسوعيين لقب “البابا الأسود” تمييزاً له عن “بابا الفاتيكان” الذي يكنّ له “اليسوعيون” طاعة مطلقة.
الأب سمير خليل: “اليسوعي” مُلزَم برفض المناصب الأسقفية إلا إذا أمره البابا!
وفي حديث مع “الشفاف” بعد إعلان إسم البابا الجديد، أشار “الأب اليسوعي سمير خليل” (يجد القراء عدداً من مقالاته على “الشفاف”) أن “الأمر مفاجئ لأن “القديس إغناطيوس دي لويولا” كان قد فرض على الآباء اليسوعيين قاعدةً تُلزِمهم برفض المناصب الأسقفية إلا إذا فرض عليهم البابا (الذي يكنّون له طاعة مطلقة) قبولها. وفي حال إصرار “البابا” على تعيين “الأب اليسوعي” أسقفاً، فإنه يطرح الموضوع على “الأب العام” لليسوعيين، الذي يقبل عادة إذا اعتبر أن ذلك في مصلحة الكنيسة”. (سبب رفض المناصب الكنسية هو أن بعض المناصب كانت “تُباع” في القرن الخامس عشر!)
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الكاردينال اليسوعي الذي أصبح “بابا” ملزماً بسؤال “الأب العام لليسوعيين” قبل قبول منصب البابا، أجاب “كلا، أولاً لأنه لا يستطيع الخروج من المجمع قبل انتخاب بابا جديد، ولأنه كان قد حاز ثاني أعلى نسبة من الأصوات بعد الكاردينال راتزنغير الذي أصبح “البابا بندكتوس” في العام ٢٠٠٥. وعندها، فقد انسحب لصالح راتزنغير”.
وأضاف الأب اليسوعي سمير خليل:
“المفاجأة الثالثة، هي أن “فرنسوا الأول” سيكون أول بابا من أميركا اللاتينية، أو حتى من القارة الأميركية.
ويضيف:
“المفاجأة الرابعة هي أنه أول “بابا” يعتمد إسم “فرنسيس” نسبة للقديس فرنسيس أو فرنسوا الأسيزي (القرن ١٣) الذي زار بلاد الشام، وأسّس سلك “الفرنسيسكان”. وهذا الإختيار ينسجم مع ما عُرف عن البابا الجديد من قُرب من الفقراء والمتواضعين، إلى درجة أنه باع مقر أسقفية العاصمة الأرجنتينية وسكن في شقة عادية، وأنه يستخدم النقل العام “مثل عامة الناس”!
يضيف الأب سمير خليل: “هذه كلها أمور “لا سابقة لها”، ولكنها تغييرات تتم بهدوء، بدون فضائح، وبدون احتجاج. إنها أسلوب الكنيسة التي تتقدم، وفقاً لضميرها، بدون “ثورات”، وإنما بخطى صغيرة ومدروسة”!
ويستطرد الأب سمير “اليسوعي” قائلاً أنه “أعجبه في “أول بابا يسوعي” أنه لم يُشِر في خطابه إلى انتمائه للسلك “اليسوعي”!
لماذا؟ “لأن الإنتماء للسلك اليسوعي هو مسألة شخصية! مثل قرار الفرد أن يتزوّج أو أن لا يتزوّج”!
ضد “لاهوت التحرير”
ماذا عما يُقال عن تصلّب البابا الجديد ضد “لاهوت التحرير”، (يُقال أن عدداً من “اليسوعيين” لم يكونوا يحبّون كاردينال بيونيس إيرس “اليسوعي” لهذا السبب؟ وماذا عن موقفه المتصلب ضد “تبنّي المثليين للأولاد”؟
يجيب الأب سمير خليل: “البابا الجديد على نفس خط البابا بندكتوس بالنسبة لهذه القضايا”! وفي ما يتعلق بالإصلاحات المطلوبة في الكنيسة، فهو مثل البابا بندكتوس، أي “مع التغيير الهادئ بدون خضّات”.
ويضيف: ” في عهد البابا بندكتوس تم قبول كهنة أنغليكان متزوجين، وتم قبول كهنة أرثوذكس متزوجين في كنائس كاثوليكية أوروبية. مع أن الكنيسة الكاثوليكية تقوم على مبدأ عدم زواج الكهنة منذ عهد القديس بولس!”.
وهذا كله يعني، في نهاية المطاف، أن البابا الجديد سيتّبع منهج البابا بندكتوس، وقد يعتمد على الكرادلة أنفسهم الذين كان البابا بندكتوس يعتمد عليهم!
خسارة فريق “سودانو” و”برتوني” و”ساندري” و..”الراعي!
وبكلام آخر، فالأرجح، وحسب مصادر فرنسية هذه المرة، أن اختيار “فرنسيس الأول” لن يكون في صالح الكرادلة الذين راهنوا على انتخاب “كاردينال ساو باولو” (الكاردينال “شيرير”) للمنصب البابوي، وأولهم
الكاردينال “سودانو”، عميد المجمع المقدّس، والكاردينال “راي”، وكذلك خصمهما القديم، وزير خارجية الفاتيكان السابق، الكاردينال “برتوني”. وكان الكاردينالان “راي” و”سودانو” قد عيّنا “شيرير” على رأس أبرشية “ساو باولو” في العام ٢٠٠٧. وكذلك الكاردينال الأرجنتيني “ساندري”، رئيس “مجمّع الكنائس الشرقية”، والصديق الحميم للكاردينال “سودانو”، والذي كان يمكن، لو انتُخِب الكاردينال “شيرير”، أن يصبح وزيراً لخارجية الفاتيكان.
بابا للشعب السوري!
لكن، لماذا خصّصنا السوريين في العنوان؟ لأن أحد أشهر مناضلي الثورة السورية هو “الأب باولو اليسوعي“، الذي ينتمي إلى نفس سلك “اليسوعيين” الذي جاء منه البابا الجديد!
وبعكس، عدد من الكهنة المرتبطين بنظام بشّار الأسد، وبعكس دعاة “حلف الأقليات”، فقد انخرط “الأب باولو اليسوعي” (وهو إيطالي من عائلة مرموقة في إيطاليا، ولكنه قضى معظم حياته في سوريا) في الثورة السورية، وعبّر له السوريون عن امتنانهم وتقديرهم في مظاهرات حاشدة رفعوا فيها صوره!
*
إقرأ أيضاً:
”لاءات” أبو كسم: اعتدال الكنيسة يحفظها والبابا بندكت مع زواج الكهنة!
“فرنسيس الأول”: “من آخر الدنيا” بابا “يسوعي” للفقراء والإصلاح.. والسوريين!
ربّما يجب التريّث قليلا وعدم الافراط في التفاؤل نظرا للدور المزعوم والملتبس بعض الشيء الذي قد يكون أن لعبه سابقا البابا الجديد أثناء حقبة الدكتاتورية في الأرجنتين (1976 1983)
http://www.20minutes.fr/monde/1118163-20130314-ete-role-pape-francois-durant-dictature-argentine