حسب جريدة “الكنار أنشينيه” الفرنسية (التي تتمتّع بمصداقية جيّدة):
“في “سبها”، الواقعة على بعد ٤٥٠ كلم من طرابلس في جنوب ليبيا، هنالك ٣ معسكرات لتدريب “المرشّحين للجهاد” قبل رحيلهم إلى شمال “مالي” مروراً بـ”النيجر”. وحسب عسكريين يتعاطون بـ”التنصّت” على هذه المنطقة، فإن سلفيّين ليبيين ومصريين يديرون مراكز “الجهاد” هذه. وأن بضع عشرات من المتطوّعين غادروا المعسكرات الثلاثة قبل أيام في طريق إلى “تومبوكتو” و”غاو”.
وتقدّر “مديرية الإستخبارات العسكرية” الفرنسية أن ٣٠٠ من “المجاهدين” الجُدُد التحقوا بالجماعات الإسلامية الثلاث التي تحتل شمال “مالي” وهي: “القاعدة في المغرب العربي” (إختصاراً “أقمي”)، وحليفيها “أنصار الدين” والـ”موجاو” (“حركة الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا”=”موجاو”). وهم من الجزائر، والسودان، والسنغال، والنيجر، وموريتانيا، وتونس، وساحل العاج، ومصر، وجميعهم مجهّزون تجهيزاً جيداً. مما يثبت أن هنالك نوعاً من “أممية جهادية”.
وتقدّر الإستخبارات الغربية إن هنالك ٦٠٠٠ إسلامي في جمهورية شمال “مالي” الصغيرة.
ويبدو أن “جماعة القاعدة في المغرب العربي” بدأوا يستعدون لعواقب القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي في ١٢ أكتوبر، والذي أعطى “المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا” (إختصاراً “سيداوو”) و”الإتحاد الإفريقي” ٤٥ يوماً لحشد ٣٣٠٠ جندي وزجّهم في القتال. وكان وزير الدفاع الفرنسي، “جان-إيف لو دريان” قد تسرّع بقبول هذه المهلة الصغيرة حسب تقييم وزير الخارجية “لوران فابيوس”.
ويقول ديبلوماسي فرنسي أن إعلان وزير الدفاع الفرنسي هو “إعلان غير مسؤول. إن الحديث عن تدخّل عسكري خلال ٤٥ يوماً ليس حديثاً جدياً. كيف سينظر إلينا الناس (إذا لم نكن جاهزين) في آخر شهر نوفمبر؟” فالجنود الأفارقة لم يجهزوا بعد، ولم يتم تدريبهم على القتال في الصحراء، ولم يتم تعيين هيئة أركان تتولى التنسيق بين الوحدات العسكرية الآتية من عدة بلدان. أما الجيش المالي نفسه “فلا قيمة عسكرية له”، حسب القيادة العسكرية الفرنسية.
وفي باريس، كما في “باماكو”، يتشاور العسكريون الأميركيون والفرنسيون والأوروبيون حول نوع الدعم الذي ينبغي توفيره للأفارقة قبل إرسالهم لمهاجمة الشمال المالي. ويشمل ذلك المعدات العسكرية، ووسائط مراقبة العدو، وربما قاذفات القنابل. وقد أنشأ الفرنسيون “مركز تنصّت” متخصصاً بمتابعة “القاعدة في المغرب العربي” في “باماكو”.
ولا يصعب فهم أسباب استعجال الغربيين في إطلاق هذه العملية العسكرية: فلا مفرّ من البدء قبل نهاية شهر مارس ٢٠١٣ وحلول موسم الأمطار. وسيتوجّه فرنسوا أولاند إلى الجزائر خلال أسبوعين بحثاً عن “نجاح ديبلوماسي” حسب تعبير مستشاريه. وكان سبقه إلى الجزائر الجنرال “كارتر هام”، قائد القوات الأميركية في إفريقيا. وسيقول أولاند لبوتفليقة أن بلاده ستكون معرّضة للتهديد إذا لم تتحرّك ضد الوجود الجهادي على حدودها.