من صنعاء إلى بنغازي، ومن القاهرة إلى الدار البيضاء، تبنّت الجماعات الجهادية الجديدة نفس الإسم في الأشهر الأخيرة. هل كل ذلك مجرد صدفة؟
ثمة اتجاه جديد يكتسح عالم الجهادية. فبدلاً من تبني أسماء متفردة، تفضل الجماعات على نحو متزايد أن تسمي نفسها “أنصار”. وفي العديد من الحالات تسمي نفسها “أنصار الشريعة” الإسلامية حيث تؤكد بذلك رغبتها في إقامة دول إسلامية. غير أنه برغم حقيقة أن تلك المجموعات تتشارك في الإسم والأيديولوجية إلا أنها تفتقر إلى هيكل قيادة موحد أو حتى قائد واحد مثل القيادة المركزية لـ تنظيم «القاعدة» (أو ما تبقى منه) والذي يُعتقد أن مقره في باكستان. وتحارب هذه التنظيمات في أراضي مختلفة باستخدامها وسائل متنوعة لكنها جميعاً تتحِد في الغاية، وهو النهج الذي يتناسب أكثر مع التقلبات التي تولدت عن الانتفاضات العربية.
وفي الأسبوع الثاني من أيار/سبتمبر تناقلت الأخبار اسم “أنصار الشريعة” في أعقاب الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في ليبيا، وذلك بعد اتهام تنظيم محلي اسمه “كتيبة أنصار الشريعة” بارتكاب الهجوم، وهي التهم التي أنكرتها الجماعة. ويبدو أن الكثير من التقارير قد خلط بين “أنصار الشريعة” في بنغازي وجماعة ليبية أخرى مقرها في درنة.
وفي الواقع فقد بدأ اتجاه التسمية هذا في اليمن عندما أسس “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” – وهو الفرع المحلي القوي والطموح لـ تنظيم «القاعدة» – جماعة وكيلة عنه في نيسان/أبريل 2011 تسمى “أنصار الشريعة في اليمن”. وربما كان هذا قد تولد عن قريحة أسامة بن لادن فيما يخص إعادة تسمية تنظيم «القاعدة». وعلى الرغم من ذلك فلا شيء من الأسماء الواردة في المستندات التي تم العثور عليها في مسكن زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل قد ذكر اسم “أنصار الشريعة” كمثال محتمل. ومؤخراً وضع أحد أبرز المنظرين الجهاديين العالميين وهو الشيخ أبو المنذر الشنقيطي ختم موافقته على الموجة الجديدة لجماعات “أنصار الشريعة”.
وكان الشنقيطي ذو الأصل الموريتاني قد نشر مقالة في منتصف حزيران/يونيو بعنوان “نحن أنصار الشريعة” داعياً فيها المسلمين إلى إقامة جماعاتهم الدعوية المسماة بـ “أنصار الشريعة” كلٌ في دولته ثم الاتحاد في كتلة واحدة. وتجدر الإشارة إلى أن معظم جماعات “أنصار الشريعة” قد تم إنشاؤها بالفعل مسبقاً، وأبرز هذه التنظيمات تلك التي في اليمن وتونس وليبيا إلى جانب النسخ الأحدث في مصر والمغرب على مدى أقل.
ويؤشر صعود تلك الجماعات التي تسمى “أنصار الشريعة “على نهاية الجهاد العالمي الأحادي القطب لـ تنظيم «القاعدة» على مدار العقد الماضي والعودة إلى نطاق جهادي متعدد الأقطاب بما يشبه فترة التسعينيات مع اختلاف واحد رئيسي هو أن الجماعات الجهادية هي الآن أكثر تجانساً من الناحية الفكرية. ففي التسعينيات كان الجهاديون يفكرون محلياً وينفذون محلياً بينما الكثير منهم الآن يتحدثون عالمياً وينفذون محلياً. وتلك الجماعات الأحدث هي أيضاً أكثر اهتماماً بتقديم خدمات وحوكمة لرفاقها المسلمين.
والتفريق بين تلك الجماعات المختلفة أمر حاسم للتوصل إلى فهم أفضل للمعالم الجديدة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك مسار الجماعات الجهادية السلفية التي لا تنتمي بالضرورة إلى استراتيجيات أو تكتيكات تنظيم «القاعدة». ورغم أنه لم تُعرف روابط رسمية أو عملياتية بين هذه المنظمات المختلفة إلا أنها قد تحاول الاتصال في المستقبل على أساس تقاربها الفكري أو غاياتها المشتركة. ومع ذلك ففي الوقت الراهن سيكون دمجها معاً أمراً سابقاً لأوانه.
وفيما يلي دليل عن الجماعات الرئيسية التي تستخدم نفس الاسم.
أنصار الشريعة في اليمن
في حين أن جماعات “أنصار الشريعة” الأخرى ليست لديها روابط عملياتية معروفة بتنظيم «القاعدة» إلا أن “جماعة أنصار الشريعة في اليمن” تعتبر جزءا من إعادة صياغة “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية”. وقد عبر الشيخ أبو زبير عادل بن عبد الله العباب – الرمز الديني الرئيسي في “تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية” – عن هذا التغيير في نيسان/أبريل 2011 بقوله “إن اسم «أنصار الشريعة» هو ما نستخدمه لتقديم أنفسنا في المناطق التي نعمل بها لتعريف الناس بما نفعله وبأهدافنا.” ومنذ ذلك الحين أصبحت الجماعة لاعباً محلياً رئيسياً في جنوب اليمن بعد أن استولت على أجزاء من المحافظات اليمنية الجنوبية – أبين وشبوة – في أواخر ربيع 2011، بل ولم تتخل عن إمارتها في حزيران/يونيو 2012 إلا بعد هجوم مضاد شنته عليها الحكومة اليمنية والميليشيات المحلية المدعومة بهجمات جوية أمريكية. ورغم أن تنظيم “أنصار الشريعة في اليمن” قد تم إخراجه من المدن إلا أنه لم ينته بعد بل وعلى الأرجح سينبعث من جديد.
وقد كان من النجاحات الكبيرة لتنظيم “أنصار الشريعة في اليمن” قدرته على توفير الخدمات مما جعله يسد الفراغ الذي خلفه عجز الحكومة المركزية أو عدم رغبتها في فعل ذلك. وقد تفاخر “أنصار الشريعة في اليمن” بما وفره من كهرباء ومياه وأمن وعدالة وتعليم في نشرته وسلسلة من الفيديوهات التي عرضها بعنوان “عيون على الأحداث” والتي أصدرها عبر “وكالة مدد الإخبارية” التابعة له. ورغم أن طريقة الحكم لدى تنظيم “أنصار الشريعة في اليمن” كانت مرتكزة على فهمه الضيق والمتشدد للشريعة إلا أن توفيره الحوكمة قد لقي ترحيباً شعبياً. وفي حين أن رسالته المتطرفة ربما لا يكون لها دوي دائماً في مدن مثل عزان أو زنجبار إلا أن مواطنين يائسين ربما يرحبون بالجماعة.
أنصار الشريعة في تونس
في آذار/مارس 2011 وبعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي تم الإفراج عن مجموعة متنوعة من المساجين السياسيين وآخرين مدانين بتهم الإرهاب بعفو من الحكومة الانتقالية التونسية. وكان من بين أولئك الأفراد سيف الله بن حسين (المعروف باسم أبو عياض التونسي)، المشارك سابقاً في تأسيس “الجماعة التونسية المقاتلة في أفغانستان” والتي ساعدت على تسهيل اغتيال أحمد شاه مسعود قبل يومين من هجمات 11 أيلول/سبتمبر. وبعد إطلاق سراحه من السجن نظم أبو عياض أول ما يُعتبر الآن بأنه المؤتمر السنوي الذي أسس “أنصار الشريعة في تونس” في نيسان/أبريل 2011 حيث زاد حضور المؤتمر من بضعة مئات في 2011 إلى ما يصل إلى 10,000 شخص في 2012 مما أكد تزايد شعبية التنظيم رغم أنه ما يزال على الهامش.
ومنذ تأسيسه و”أنصار الشريعة في تونس” لديه أيديولوجية انفصامية وهي دعوة الناس إلى طريق الإسلام “القويم” في تونس وتحريض الأفراد على الانضمام إلى الجهاد في أراضي أجنبية. ويبدو أن عدم اتخاذ “أنصار الشريعة في تونس” المسؤولية عن الهجمات على السفارة يوم الجمعة الرابع عشر من أيلول/سبتمبر إلا أن الكثير من أعضاء التنظيم كانوا على أقل تقدير مشاركين في الاحتجاجات. وقد تورط “أنصار الشريعة في تونس” في بعض التصرفات السلفية الأكثر عدوانية في تونس على مدار العام ونصف الماضي بما في ذلك “يوم الغضب” الذي جاء عقب قرار قناة محلية بث فيلم “برسيبوليس”، كما تورط بعض أعضاء “أنصار الشريعة في تونس” في هجمات ضد السفارة الأمريكية في تونس ومدرسة أمريكية بجوارها. وقد قدم “أنصار الشريعة في تونس” أيضاً خدمات في العديد من المدن التونسية من المياه إلى الملابس إلى هدايا رمضان.
أنصار الشريعة في ليبيا
في ليبيا تستخدم عدد من الجماعات مجموعة متنوعة من اسم “أنصار الشريعة”. وثمة اثنتان من أبرز الجماعات هما “كتيبة أنصار الشريعة في بنغازي” التي يُنظر إليها على أنها المشتبه بها الرئيسي في الهجوم الأخير على القنصلية وأخرى أقل بروزاً وهي “أنصار الشريعة في درنة” بقيادة سجين غوانتانامو السابق أبو سفيان بن قومو. وكلتا الجماعتين قد تم تأسيسهما عقب موت الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لكنهما غير مرتبطتين ببعضهما البعض. وقد أعلنت “أنصار الشريعة في بنغازي” عن نفسها للمرة الأولى في شباط/فبراير 2012 بقيادة محمد الزهاوي الذي كان في السابق سجيناً في سجن سيئ الصيت يدعى “أبو سليم” في زمن القذافي. وقد استضافت الجماعة ما تمنت أن يكون أول مؤتمر سنوي في حزيران/يونيو حضره ما يقرب من ألف شخص من بينهم عدد من الميليشيات الأصغر كلهم يدعون الدولة الليبية إلى تطبيق الشريعة. والأرجح أن بضعة مئات من أولئك المشاركين كانوا من أعضاء “أنصار الشريعة في بنغازي”.
ومثل “أنصار الشريعة التونسيين” كان “أنصار الشريعة في بنغازي” يقدمون أيضاً خدمات اجتماعية حيث قام أفرادها بتنظيف الطرق وإصلاحها وقدموا صدقات خلال شهر رمضان وكانوا مؤخراً يساعدون في توفير الأمن في مستشفى بنغازي. ورغم أن الجماعة تقر بأنها هدمت الأضرحة والمقابر الصوفية في بنغازي إلا أنها حاولت أن تصوغ لنفسها توصيفاً محلياً بأنها مدافعة عن تفسير صارم للإسلام مع المساعدة في ذات الوقت على توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع. وبناءاً على تصريحاتها – التي تطورت من تأكيدات أن أفراداً منها كانوا متورطين بشكل فردي في الهجوم إلى إنكار صريح لأي تورط – يبدو أن تنظيم “أنصار الشريعة في بنغازي” قد فهم أنه تخطى الحدود ولذا فهو يحاول إنقاذ سمعته.
أنصار الشريعة في مصر والمغرب
وعلى خلاف الجماعات في اليمن وتونس وليبيا لم تعلن “أنصار الشريعة في مصر” عن نفسها كجماعة منظمة على الأرض بينما تم إنشاء تنظيم مغربي منذ عشرة أيام فقط. وقد استخدمت جماعة “أنصار الشريعة في مصر” اسم “أنصار الشريعة” فقط على الإنترنت عندما قدمت بيانات لـ”مؤسسة البيان الإعلامية” المرتبطة بالمُنظر الجهادي الشيخ أحمد عشوش الذي أصدر مؤخراً فتوى تدعو إلى قتل أولئك المتورطين في إنتاج فيلم “براءة المسلمين”. ولعشوش تاريخ عميق في الحركة الجهادية حيث انخرط في الجهاد ضد السوفييت في الثمانينيات، وكذلك هو عضو في “جماعة الجهاد الإسلامية المصرية”. وقد تم القبض عليه في أوائل التسعينيات في حملة ضد الإرهاب شنتها الحكومة ضد 150 عضواً في “جماعة الجهاد الإسلامية المصرية” وتم الإفراج عنه فقط بعد سقوط نظام مبارك. وبناء على أدلة معروفة سيكون من السابق لأوانه اعتبار “أنصار الشريعة في مصر” جماعة مكتملة الأركان.
وأما “أنصار الشريعة في المغرب” فما تزال تنظيماً وليداً يهتم فقط بالأنشطة الدعوية. وقد ذكرت في البيان الأول والوحيد لها حتى الآن أنها غير مرتبطة بالجماعات في اليمن أو تونس أو ليبيا أو مصر. والعبرة من وجود “أنصار الشريعة في المغرب” هي نشر كلمة الله وشريعته وتوفير الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للمحرومين وتعرية انحطاط الغرب وتحرير المجتمع من قبضته. ومثل الجماعات المتطرفة الأخرى على مستوى المنطقة والتي تتقاسم اسم “أنصار الشريعة” فإن هذه الجماعة تستحق أن تُراقب عن كثب.
هارون ي. زيلين هو زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن.
تعرّف على أنصار الشريعة في بلدك!
الى اخواني الافاضل حفضكم الله والله ثم والله انكم اعندنا اغلى من ارواحنا التي التي بين جنبينا اسال الله ان ينصركم ويثبتكم