هل انتبه مفتي ليبيا إلى أنه يتحمّل “بعض المسؤولية” في تشجيع الجماعات المتطرّفة، المرتبطة بقطر؟ وهل انتبه إلى أن هجماته المتكررة ضد “العلمانية”، وتدخّلاته غير المقبولة (والخرقاء) في الإنتخابات النيابية لم تخدم سوى الجماعات القريبة من “القاعدة”؟
أم لعلّه خاف من “النفور الذي سادفي أوساط العامة من المسلمين في الآونة الأخيرة من الجماعات الإسلامية، وصارت تخسر معاركها مع العلمانية بسبب ما يتبناه بعضها من العنف أو ينسب إليها زورا وبهتانا”؟
حسناً، فعل مفتي ليبيا بإدانة الجريمة البشعة التي ارتكبها أصدقاؤه! أن تصل متأخراً ، أفضل من أن لا تصل أبداً!
المؤكد في أي حال هو أن شعب ليبيا لا يريد العودة إلى قائمة دول الأرهاب التي فرضها عليه القذافي!
الشفاف
*
وصفت دار الإفتاء الليبية الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في بنغازي والذي نتج عنه مصرع السفير”جي كريستوفر ستيفنز”مع عدد من مرافقيه بأنه ”أمر مستنكر،وهو مؤشر خطير لانفلات الأمن وتحدٍّ لسلطة الدولة بقوة السلاح،يرفضه ويستهجنه كل الليبيين الحريصين على وطنهم، بل كل العقلاء،فضلا عمَّن يتسمّون باسم الإسلام،وينتسبون إليه”. بحسب قولها.
وقالت دار الإفتاء في بيان أصدرته أن ما حدث”هو عمل غير مسؤول،لا ينصر الإسلام،ولا يخدم الملَّة،بل يضر بالمصلحة العليا للوطن ضررا شديدا، يستنفر عليها الأمم، ويستعدي عليها الدّول،ويعطيها المبرر لتصنيفها في قائمة الإرهاب،وللتدخل في شؤونها، وانتهاك سيادتها وحرماتها، كما أنَّه يُسيء إلى الإسلام إساءة بالغة، يؤلب عليه أعداءه، ويغري به خصومه، وينفّر منه المقبلين عليه، والراغبين في نصرته حتى مِن أبناء جلدته”.
وأدانت الدار بشدة في بيانها”استفزاز مشاعر المسلمين بإنتاج أفلام أو صور أو مقالات تسيئ إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أو إلى أي نبيٍّ من أنبياء الله المرسلين من غير استثناء،في أي بقعة من بقاع الأرض، من قبل غلاة متطرفين في أمريكا، أو في غيرها”مستنكرة”ما حدث في القنصلية الأمريكية ببنغازي،وما صار إليه الأمر من قتل السفير الأمريكي وبعض أعضاء السفارة ومن كان معهم من الليبيين في الحراسة”.
حرمة القتل
وجرم البيان – الذي ذيله المفتي العام لليبيا الدكتور الصادق الغرياني بتوقيعه – كل اعتداء بالسلاح من أية جماعة كانت خارج شرعية الدولة.معلنا بأنَّ النبي محمدا صلى الله عليه وسلم هو الذي حرَّم قتل السفراء والرسل والمستأمنين والمعاهدين،فقد كان صلى الله عليه وسلم أحفظ الناس للعهد، وأوفاهم للذمم، وأبعدَهم عن الغدر، قال صلى الله عليه وسلم”من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة”،وسُنَّة تحريم قتل الرسل أمر قديم،اتفقت عليه أمم الأرض قاطبة،في الجاهلية وفي الإسلام،فلم يقتل الرسول صلى الله عليه وسلم سفيري مسيلمة وقد شهدا عنده بأن مسيلمة الكذاب رسول الله، وقال لهما:لو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما”.
نفور المسلمين من “الجماعات” لصالح.. العلمانية!!
وأبدى مفتي ليبيا أسفه في هذا البيان لما قال إنه نفور ساد”في أوساط العامة من المسلمين في الآونة الأخيرة من الجماعات الإسلامية،وصارت تخسر معاركها مع العلمانية بسبب ما يتبناه بعضها من العنف أو ينسب إليها زورا وبهتانا،وأصيبت الدعوة بذلك في مقتل،لابتعادها عن هدي الله تعالى في امتلاك قلوب المخالفين.
وترى دار الإفتاء أن”ما حدث في القنصلية الأمريكية هو نتيجة متوقعة لأحداث العنف الدامية المتواصلة التي كنا نراها ونتفرج عليها طول الشهور الماضية،ولا نحرك ساكنا،مرورا بالجماعات المسلحة التي تتقاتل خارج شرعية الدولة على الأضرحة والقبور،وما سقط فيها من ضحايا قريبا في الرجمة والعجيلات،وقبلها في زليطن وفي مصراتة وطرابلس وغيرها،حتى صار هذا النوع من الخروج المسلح مألوفا لكثرة ما تعودنا عليه”.
يشار إلى أن السفير الأمريكي في ليبيا”جي كريستوفر ستيفنز”وثلاثة من موظفي السفارة لقوا مصرعهم في هجوم بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة على القنصلية الأمريكية في بنغازي احتجاجا على فيلم أميركي عرض في الولايات المتحدة الأمريكية يسيء للرسول صلى الله عليه وسلم.