في بيان أذاعه من تلفزيون “العربية” دعا الجنرال مناف طلاس السوريين إلى التوحد في “سوريا ما بعد الأسد”! وكانت تلك الإشارة الوحيدة إلى “الأسد” ونظامه في البيان الذي قال فيه طلاس أنه يتحدث كـ”مواطن” وليس كـ”مسؤول”، مع أنه كان واضحاً أنه تحدّث كمسؤول، أو على الأقل كضابط، في الجيش السوري. وحتى مع الإشارة إلى “شهداء الثورة”، فقد امتنع طلاس عن اتخاذ موقف “معارض” من النظام بشكل واضح. ولم يتحدّث، مثلاً، بكلمة واحدة ضد “بشار الأسد” وشقيقه “ماهر”، كما لم يوجّه انتقاداً للنظام “الأمني” و”المخابراتي” السوري!
بيان مناف طلاس ليس بياناً “ثورياً”! إنه بيان إنتقال قسم من ضباط الجيش – أو من سمّاهم “الشرفاء في الجيش العربي السوري”- إلى “ما بعد الأسد” بحكم صعود الثورة السورية. ولا ينبغي التوقّف كثيراً عند تعبير “الشرفاء في الجيش السوري”، وهو لا ينطبق حتماً على آل طلاس أباً وأبناء! فأهم من فيه هو أنه مؤشّر إلى أن “أقرب المقرّبين” إلى طاغية سوريا فقدوا الأمل بنجاته، وببقائه في السلطة.
ذلك لا يعني أنه ينبغي رفض مبادرة مناف طلاس. بالعكس، ينبغي الترحيب بها إذا كانت تسهّل خروج الأسد من السلطة، وقيام نظامٍ جديد. أي، إذا كانت بداية انهيار نظام البعث العسكري-الأمني! وللمقارنة، فقد لا يكون مناف طلاس أسوأ من السفير السوري في بغداد الذي رحّبت المعارضة بانشقاقه، مع أنه باعترافه لعب دوراً أساسياً في تسهيل العمليات الإنتحارية التي تسبّبت بمقتل ألوف العراقيين الأبرياء.
للتذكير، كان د. عبد الرزاق عيد قد طرح فكرة حكومة إنتقالية يشارك فيها أطراف من النظام، ويرأسها رياض سيف، بعد الأزمة التي دخلتها سوريا في أعقاب إغتيال الرئيس الحريري.
مبادرة مناف طلاس مقبولة إذا كان الهدف منها “تفكيك” نظام الأسد بدون التسبّب بإراقة المزيد من الدماء! وينبغي التعامل معها على هذا الأساس. خصوصاً أن المرحلة التي وصلت إليها الثورة السورية، والمناخ العام للثورات العربية، تجعل من شبه المستحيل على مناف طلاس، أو غيره من الضباط، تحقيق “عملية إنقلابية” تستبدل نظام البعث بنظام عسكري!
السؤال الآن هو: هل يؤثّر خروج طلاس على الأسد في إقناع مزيد من الضباط “السنّة” بالخروج على النظام؟ وبصورة خاصة، هل يشكل وجوده في حكومة إنتقالية نوعاً من “تضمين” أو “ضمانة” لضباط علويين ناقمين على الأسد للخروج على النظام؟ وهل يملك مناف طلاس أي تأثير على “أجهزة الأمن”، بحيث يسهّل إنشقاق بعضها، أو بعض ضبّاطها؟
طبعاً، يبقى سؤال أساسي: ما العلاقة بين تزامن خروج طلاس مع إنفجار دمشق، خصوصاً إذا كان بشار الأسد، وليس المعارضة، وراء تصفيات شخصيات أمنية، أهمها آصف شوكت، ليس بينها “علوي” واحد! وهل هنالك علاقة بين الحدثين وعملية بلغاريا ضد السواح الإسرائيليين، التي لا يستفيد منها إلا بشار الأسد؟
الشفاف
*
العربية.نت
أعلن العميد مناف طلاس انشقاقه رسمياً عن الجيش السوري داعيا كل “الشرفاء” لخدمة سوريا ما بعد الأسد.
وقال طلاس في أول ظهور له “أطل عليكم والدماء البريئة تسيل في بلادنا، أطل عليكم كأحد أبناء الشعب السوري، أطل عليكم كأحد أبناء الجيش السوري الرافض للنهج الإجرامي”.
ودعا طلاس في بيان انفردت بإذاعته “العربية” إلى التوحد لبناء سوريا ديمقراطية حرة قائلا: “دعوتي ورجائي أن نتوحد، أن نعمل من أجل سوريا موحدة ومؤسسات ذات استقلالية”.
وأضاف “شرفاء الجيش العربي السوري لا يقبلون هذه الجرائم”.
ومن جانبه وصف العميد مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري السوري من اسطنبول موقف مناف طلاس بـالموقف المشرف الذي يستحق الاعتزاز والتقدير.
وبدوره رحب بسام جعارة المتحدث باسم الهيئة العامة للثورة السورية في اوروبا بموقف طلاس، مؤكداً أنه بذلك اختار أن يكون في صفوف الشعب السوري.
وتعقيباً على إعلان طلاس انشقاقه رسمياً، توقع سمير النشار عضو المجلس الوطني السوري من اسطنبول أن ينحاز الكثيرون من ضباط الجيش السوري لصفوف الشعب، مؤكداً أنه لم يتم أي اتصال مباشر رسمي حتى الآن بين طلاس والمجلس الوطني.