عدا أنه “خاسر” تعيس لا يعترف بالخسارة في معركة إنتخابية حرّة، فإن زعيم “الإخوان” الليبيين يقول: “استفادت التيارات العلمانية من ثورات الربيع العربي ورفعت راية المرجعية الإسلامية”! أي أن التيارات العلمانية سارت “وراء” ثورات الربيع العربي “الإخوانية”، وهذه كذبة لم يجرؤ عليها حتى “الإخوان” المصريون والتونسيون! “الإخوان” المصريون والتونسيون، والجماعات السلفية كلها، تعترف بأن الذين بدأوا الثورات العربية، بما فيها ثورة ليبيا، كانوا من الشباب الليبرالي والعلماني، وليس من “التيارات الإسلامية”. والجميع يعترف بأن “الإخوان المصريين” مثلاً “التحقوا” بانتفاضة الشعب المصري بعد تردد.
مشكلة السيد “صوان”، الذي عاد من أميركا قبل أسابيع، هو أنه حسب أن سقوط السلطة في أحضان الإسلاميين هو مثل “تفاحة نيوتن”! أي أن السلطة هي “حق طبيعي” للإخوان المسلمين! وإذا حدث أن أخفقوا في إنتخابات حرة، فذلك يعني أن “الآخرين” قد خدعوا الناخبين! أو أن الناخبين لم يحسنوا الإختيار!
الغريب أن زعيم “الإخوان” الليبيين يقول أن محمود جبريل تعاون مع نظام القذافي، ولكنه هو نفسه، أي السيد “صوان” كان قد اعترف في تصريحات سابقة بدخوله في مفاوضات مع “سيف الإسلام القذافي”!
هل يعترف السيد “صوان” بحق الليبيين في “القرف” من “الإيديولوجيات” بعد أن أشبعهم القذافي ما يكفي منها خلال ٤٠ سنة؟ هل يعترف بحق الليبيين بالخروج من عصر “الجماهيرية” إلى عصر “الجمهورية” العصرية، مثلهم مثل كل شعوب الأرض؟
أم أن الله أورث الأرض وأهلها لجماعة “الإخوان المسلمين”؟
الشفاف
*
طرابلس (رويترز) – رفض رئيس أكبر حزب إسلامي في ليبيا يوم الاربعاء الاعتراف بالهزيمة في اول انتخابات حرة في البلاد منذ نصف قرن تقريبا واتهم منافسه الليبرالي الرئيسي “بخداع” الناخبين بالتزامات خادعة بالإسلام.
وفي مقابلة مع رويترز وصف محمد صوان زعيم الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا وقت الانتفاضة بانه حليف سابق للزعيم الراحل معمر القذافي وقال إن حزب جبريل قد يفقد تصدره للانتخابات بعد صدور النتائج الكاملة.
وفي حين كانت جماعة الاخوان المسلمين تدير حملة انتخابية جيدة في الانتخابات التي اجريت السبت الماضي الا انها مثل الأحزاب الليبية الأخرى الليبي حديثة عهد بالديمقراطية.
وقال صوان “جبريل لم يقدم نفسه للشعب الليبي على أنه ليبرالي. قدم نفسه على ان له مرجعية إسلامية. استفادت التيارات العلمانية من ثورات الربيع العربي ورفعت راية المرجعية الإسلامية … صوت الليبيون لجبريل باعتبار انه إسلامي أيضا.”
وكشفت نتائج جزئية للانتخابات أن تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه جبريل واصل تصدره في انتخابات المؤتمر الوطني مستفيدا من شهرته كواحد من أهم الشخصيات في انتفاضة العام الماضي لانهاء حكم القذافي الذي استمر 42 عاما.
ولكن المكاسب المبكرة لجبريل الذي تلقى تعليمه في الغرب لا تترجم تلقائيا إلى أغلبية في المؤتمر الوطني الذي يضم 200 مقعد لأن المرشحين على القوائم الحزبية مخصص لهم 80 مقعدا فقط.
وقال صوان إن حزب العدالة والبناء من المتوقع أن ينال مكانته بعد ظهور نتائج المقاعد المستقلة التي تعتمد على الاتصالات والمكانة الاجتماعية.
وقال “ربما تظهر النتيجة النهائية أن حزب العدالة والبناء هو الحزب المتصدر.”
لكن على الرغم من هذا التفاؤل الا ان صوان بدت عليه نظرة خيبة أمل. وكان يتوقع على نطاق واسع ان حزبه سيحقق أداء قويا في الانتخابات مدعوما بصعود جماعة الاخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة الإسلامية في تونس في أول انتخابات بعد الثورة.
ويتألف فريق حملة جماعة الإخوان المسلمين الانتخابية من ليبيين تلقوا تعليمهم في الخارج وحملت اللافتات الضخمة رمز الحصان الذهبي. ودفع مرشحو الاخوان أيضا بناتهم للمساعدة في العلاقات العامة.
واستقال صوان من رئاسة جماعة الإخوان المسلمين وانتخب لرئاسة حزب العدالة والبناء المستقل اسميا قبل الانتخابات.
ورغم هذه الجهود ناضل الإخوان لإقناع الليبيين القلقين من التدخل الأجنبي بان الجماعة ليس لها اي ارتباطات مالية أو إدارية بالجماعة التي تحمل نفس الاسم في مصر.
وثمة عقبة أخرى واجهت جماعة الإخوان المسلمين وهي ان زعيمها ومرشحيها غير معروفين بين الليبيين.
وقال صوان “سبب ان بعض الناس لم يختاروا كتلة العدالة والبناء ان هناك تشويها للإسلاميين فالناس لا تعرف حقيقة الاخوان المسلمين أو العدالة والبناء ولذلك هناك نوع من الفوبيا عند الناس. لكن الدليل على ان الإسلاميين هم الذين تفوقوا ستبينه القوائم الفردية وسيكتشف الجميع ان المائة وعشرين الذين ترشحوا على الفردي جلهم من الإسلاميين.”
وجبريل الذي أظهر نفسه كشخصية تسعى لتوحيد الصف دعا في وقت سابق من هذا الاسبوع الاحزاب إلى الانضمام لتحالف كبير.
لكن صوان لم يظهر حماسا يذكر لذلك. ووصف جبريل الذي شغل منصب وزير في عهد القذافي على انه اختيار الموالين للقذافي وقال صوان إن حزبه سيختلف مع حزب جبريل على دور الدين في السياسة.
وقال صوان “بالنسبة لهم المرجعية الإسلامية تعني إقامة الشعائر الإسلامية وأن تستند بعض قوانين الأحوال الشخصية إلى الشريعة لكن وجهة نظرنا هي أن الإسلام هو منهج حياة كاملة.”