في خلال الأحداث الأخيرة التي أدّت الى توتّر الأوضاع الأمنية، لا سيما في منطقة الشمال بأمر عمليات سوري – ايراني موصوف يتناوب على تنفيذه عملائهم في لبنان، في محاولة لنقل التوتّر من سوريا الى لبنان بهدف الضغط على المجتمع الدولي ومن أجل الإيحاء أن النظام السوري يواجه “القاعدة” في سوريا ولبنان، ظنّت قوى 14 آذار انه حان الوقت مجدّداً لطرح موضوع استقالة الحكومة.
في هذا السياق، عقدت قوى 14 آذار اجتماعاً استثنائياً في “بيت الوسط” صدر على اثره بيان تضمّن شرطاً إلزامياً للمشاركة في الحوار، يتمثّل باستقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والسعي الى تشكيل حكومة انقاذية حيادية قادرة على مواكبة المرحلة الحالية.
اليوم، اريد أن أنقل لك يا صديقي نصير الأسعد تفاصيل ما جرى لأنك كنت غائباً عن اجتماع “بيت الوسط”، بسبب ظروفك القاهرة، وعن مواكبة المرحلة الحالية. وذلك إيماناً منّي بأنك لا تزال من علياك ساهراً علينا جميعاً ومُلهِماً لكل ما نقوم به.
يا صديقي نصير، ويا رفيق الدرب الطويل؛ لقد تنبّهت قوى 8 آذار الى انها ستفقد السلاح “الشرعي” الاساسي الذي تملك، والمتمثّل بحكومة الرئيس ميقاتي، وقامت بسلسلة خطوات هدفت الى إنعاش الوضع الحكومي الحالي، أذكر منها ما يلي:
1- الإفراج عن الشاب شادي المولوي وتأمين عودته الى طرابلس في سيارة وزير المال محمد الصفدي، وكان في استقباله في مدينته الرئيس ميقاتي، ممّا أدى الى تراجع الإحتقان الذي كان سائداً المدينة، ورفع الإعتصام في ساحة النور.
2- الإيحاء أن الجيش اللبناني والقضاء العسكري يأخذان على عاتقهما رفع الإلتباسات التي رافقت “عملية إعدام” الشيخين السنّيين على حاجز للجيش في بلدة الكويخات في عكار.
3- تأمين الغطاء الكنسي لحكومة الرئيس ميقاتي الذي زار الصرح البطريركي الماروني الأربعاء الماضي مذخّراً بعطور قديسي جبل لبنان.
4- الاتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على سلسلة خطوات من تعيينات وترتيبات تخص ملف الإنفاق.
5- لقاء جمع سفير المملكة العربية السعودية علي عوض العسيري مع دولة الرئيس نبيه برّي الذي طلب تدخّل المملكة من أجل اطلاق مبادرة تجمع اللبنانيين وتجنّبهم الحرب الأهلية بعدما أطلّت برأسها من الشمال. وتلت الإجتماع رسالة وجّهها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز يناشد فيها رئيس الجمهورية عقد طاولة حوار.
6- اطلاق رئيس الجمهورية دعوة الى الحوار، وارسال دعوات مكتوبة تضمّنت جدول أعمال ملتبساً.
7- اندفاع رئيس الجمهورية في اتجاه الرياض واجتماعه مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتخلل الزيارة غداء مع الرئيس سعد الحريري في دارة وزير الخارجية الامير سعود الفيصل.
8- وقد وردت الى 14 آذار نصائح، من المعنيّين بشؤون المنطقة شدّدت على وجوب المشاركة في الحوار تحت عنوان “تسارع الأحداث الإقليمية”.
9- في الموازاة، تدخل على الخط الهيئات الاقتصادية بعدما تلقّت تشجيعاً للضغط على قوى 14 آذار كي تشارك في الحوار.
10- هناك مذكّرة ستقدّم لرئيس الجمهورية قبل موعد الحوار لشرح وجهة نظر سياسية، ووصف قواعد الحوار المتمثّلة بالاستناد الى اتفاق الطائف نصاً وروحاً.
11- يذهب “حزب الله” الى أبعد من ذلك طارحاً مؤتمراً تأسيسياً وطنياً جديداً، ممّا سينسف مبدئياً مرجعية اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية من اجل حلّ ازمة السلاح.
يا رفيقي، هذه هي معطياتنا لهذا الاسبوع.
آه، كدت أنسى. لقد أرجأتُ اجتماع الأمانة العامة لهذا الأسبوع تجنّباً لإحراج الإجابة عن سؤال: هل تشاركون أو لا تشاركون في طاولة الحوار؟
نصير، نحن في مرحلة انتقالية حتميّة تفصلنا عن سقوط النظام السوري بالمعنى المشهدي. وهناك وجهتا نظر في أوساطنا:
ثمّة من يدفع في اتجاه عدم استجابة 14 آذار للإبتزاز التقليدي الذي يفرضه علينا “حزب الله” كلّما شعر بقلقٍ ما. وهناك من يقول ان المرحلة بحاجة الى تقطيع الوقت الى حين الإنفراج الأخير.
اليوم الوضع هو التالي: 14 آذار تطالب باستقالة الحكومة وتتمسّك باتفاق الطائف ، فيما 8 آذار تتمسّك بالحكومة وتطرح الإطاحة باتفاق الطائف.
في ظلّ هذه المعادلة يدخل لبنان المرحلة الإنتقالية.
كنت أتمنّى أن تكون معنا، وأعدك أننا ماضون على طريق 14 آذار وسنحافظ عليها كما لو كنت بيننا.
فارس سعيد