شباب الكويت مترف، مرفه، بطران، «دلوع»، لا يهتم إلا بلبسه وأكله وتسليته، بعيد جدا عن قضايا أمته، لا يفقه شيئا في عالمه. نعم هذه هي الصورة النمطية لشباب وشابات الكويت في عيون الناس، كويتيين وغيرهم. لكن دعوني اقل لكم سرا صغيرا.. ما رأيت من شباب الكويت أخيرا، لا يفرح القلب ويسعد الروح وحسب، بل يستدعي كل فخر بهذه الأرواح الشابة النضرة.
ثلة من اجمل وأروع الشباب الكويتي التقيت بهم في رحلة «ليان».. الحملة التي أطلقوها لإغاثة اللاجئين السوريين في لبنان. كانوا براعم ورد حقيقية، جاؤوا من مختلف أطياف المجتمع، بكل اختلافاتهم المذهبية والفكرية والاجتماعية، اجتمعوا على هدف واحد: الإنسانية.
«ليان»، طفلة سورية لم يتجاوز عمرها السبعة أشهر، تعاني مرضا في القلب، ونظراً إلى تدهور حالتها الصحية، فر والداها بها الى الحدود اللبنانية في محاولة لإنقاذ حياتها. اجتازوا المعابر والنهر البارد تحت الثلوج، وبعد 3 أيام من المشي المتواصل وصلوا الى «وادي خالد» في لبنان. لكن حالة ليان الصحية تسوء، يقرر الأطباء حاجتها لعملية جراحية عاجلة، التكاليف غير متوافرة، والمستشفيات ترفض اجراء العملية. اتصلت المستشفيات بالشباب في الخليج طلبا للمعونة، وافق الشباب لكن كان عليهم التحقق من الحالة على أرض الواقع، فسافروا إلى لبنان. لكن القدر لم يمهل ليان، وحلقت عصفورا في الجنة قبل ان تصل المساعدات إليها.
هكذا انبثقت حملة «ليان».. حتى لا نفقد ملاكاً صغيراً آخر، قام أعضاء الفريق برحلة استطلاعية للكشف عن أوضاع اللاجئين السوريين في الأراضي اللبنانية، ووضعوا تقريراً مفصلاً عن أحوال النازحين.. أعدادهم، طرق فرارهم، طبيعة سكنهم وغذائهم، العناية الطبية اللازمة، انتهاء بالرؤية المستقبلية لحالتهم. وكونوا فرق عمل مختلفة: الإعلامي واللوجستي والطبي وغيرها، كل له وظيفة محددة، وكل يعمل من اجل هدف واحد.. انقاذ الانسان والانسانية.
عاد الفريق إلى الكويت محملا بإصرار لإيصال الصورة الحقيقية للواقع المؤلم لمعاناة اللاجئ السوري في لبنان. فجاءت فكرة الرحلة الاعلامية المدعومة بضيوف من الكويت والبحرين والسعودية. وبتخطيط دقيق ومعاصر بتوظيف أساليب ذات مهنية عالية، اتفق الفريق على رحلة يتم فيها اصطحاب ضيوف من خلفيات وتخصصات متنوعة: إعلاميين، فنانين،برلمانيين، ورياضيين مشهورين لدعم القضية وإثارة الرأي العام من اجل هؤلاء الأبرياء. وهكذا تحققت الفكرة على الواقع بنجاح، ومنها ستخرج حملات جمع تبرعات وإغاثة لمصلحة المنكوبين.
للعلم فقط، الفريق بمجمله من المتطوعين الشباب من دون أجر، يعملون ليلاً نهاراً من دون منة ولا ترويج لأنفسهم. شباب وشابات ابتعدوا عن حياتهم، عائلاتهم، اهتماماتهم ومشاغلهم، ونذروا انفسهم لنصرة الانسان.
فهل هناك من سيصف بعد الآن شباب الكويت بـ«الدلوع»؟.
d.moufti@gmail.com
كاتبة كويتية