“الشفّاف” خاص- بيروت
الوثائق التالية التي وفرّها أحد المحامين في بيروت لـ”الشفاف” تثبت حصول تواطؤ ملطّخ بـ”الفساد”، بقيمة لا تقل عن 20 مليون دولار، بين جماعة “العونيين” في بلدية “الحدث” جنوب شرق بيروت و”حزب الله” لتسهيل استملاك الحزب لأراضي واسعة على نحو يؤمّن له تأمين “خط عسكري” بين الضاحية الجنوبية ومنطقة “القماطية”!
والمشكلة ليست في بيع أراضي يملكها “مسيحيون” لـ”شيعة”! فمن حق أي مواطن لبناني (أيا كانت طائفته) أن يشتري أرضاً من أي مواطن لبناني لا ينتمي إلى نفس طائفته. (وبالعكس، طبعاً، وهذا “العكس” مهم جداً). لكن الموضوع يتحوّل إلى مشكلة، ومشكلة خطيرة، حينما يمارس “حزب الله” الإيراني سياسة شراء أراضي في مناطق مسيحية لإقامة “مستعمرات” (على الطريقة الإسرائيلية) تشكل، في الوقت نفسه، “مستوطنات” وأيضاً “ثكنات عسكرية” لقواته التابعة لإيران (وليس للبنان!)؟
وهذا مرفوض.
وتتضاعف المشكلة حينما يتبين أن هنالك دوراً لـ”البنك اللبناني الكندي” الذي تبيّن مؤخّراً، من وئائق وزارة الخزانة الأميركية، التي وضعت إسمي جورج فضل الله شعيتلّي ومحمد زهير الخنسا على قائمة العقوبات، أنه كان أحد ممرّات أموال “كارتيلات المخدرات الكولومبية والبانامية” التي تبحث عن طرق شرعية لـ”تبييض أموالها”.
فهل تم شراء أراضي “الحدث” في ضاحية بيروت الجنوبية الشرقية بأموال “الباسداران” الإيراني عملاً بسياسة بناء “مستعمرات” إيرانية في لبنان؟ وهذا مرفوض!
أم تم شراء أراضي “الحدث” بأموال “كارتيلات المخدرات الكولومبية والبانامية”، التي يتولّى “حزب الله” تسهيل “تداولها” واستثمارها. وهذه جناية يُعاقِب عليها “القانون” (أو ما تبقّى منه في لبنان..). فلبنان ليس “غينيا بيساو” التي بات الحكم فيها بأيدي الكارتيلات الكولومبية!
وسؤال آخر: كيف تمّ دفع ثمن الأراضي؟ نقداً؟ وفي هذه الحالة، ما هو مصدر الأموال؟ أم بـ”شيكات”؟ وهل مصدر “الشيكات” هو، مرة أخرى، “البنك اللبناني الكندي”؟
أما حول دور عونيي “الإصلاح والتغيير” فهو، في “الحدث”، دور “فساد وتغيير نحو الأسوأ”، كما يتبيّن من الوثائق المرفقة
الشفاف
*
خاص بـ”الشفاف”
الوثائق التالية تثبت بيع اراضي مساحتها 70 ألف متر مربع لحزب الله في منطقة تابعة لبلدية الحدث – سبنيه – حارة البطم، بعد ان تحولت البلدية الى أنصار التيار العوني برئاسة جورج إدوار عون الذي كان عضوا في البلدية السابقة.
القصة بدأت ما بين عامي 2008 و 2009 حين باع اصحاب العقارات في منطقة “الوروار” العقارية وهم من بيت ضوميط (اصحاب شركة الترابة الوطنية في شكا)، وبيت “هاشم” اصحاب محلات الاحذية المشهورة، وأثيرت ضجة في ما بات يعرف في لبنان “بيع العقارات المسيحية لغير المسيحيين”، فاحت الروائح من قضية منطقة الوروار التابعة عقاريا لبلدية الحدث سبنيه حارة البطم. حيث تشكل المنطقة امتدادا للضاحية الجنوبية بمربعاتها الامنية ومراكز حزب الله القيادية فيها، في عمق المنطقة المسيحية التي تضم قرى وبلدات الحدث كفرشيما، بليبل، حومال، بسوس ووادي شحرور، وحارة الست.
حقيقة الامر كما تظهرها الوثائق المرفقة أن المنطقة تم بيعها على غفلة لعدد من المالكين الشيعة وتتجاوز مساحتها 80 الف مترا مربعا، ما دفع المجلس البلدي السابق للتحرك لوضع ضوابط تحول دون سوء استخدام العقارات لإنشاء ما يصطلح على تسميته “محميات أو مستوطنات لحزب الله في عمق المناطق المسيحية”. فبادر المجلس البلدي الى تصنيف المنطقة المعنية قيد الدرس بموجب القرار رقم 16/م.ب. بتاريخ 15/2/2010 ، مرفق ربطا نص القرار:
ويشير القرار البلدي الى أنه “نظرا للفوضى التي يشهدها قطاع البناء حاليا بتنفيذ أبنية وخصوصا تجمعات سكنية لم يراع فيها الحد الادنى من الشروط القانونية المفروضة إن لجهة متانة البناء وأسس السلامة العامة والمحافظة على البيئة فضلا عن التعديات الحاصلة على الاملاك العامة والتراجعات “.
قرر المجلس البلدي ما يلي :
“وضع المنطقة المحددة
Zone C1
والملونة بالازرق على الخريطة المرفقة منطقة قيد الدرس لاعادة تصنيفها وفقا للشروط العامة والخاصة المرفقة بهذا القرار والذي تعتبر جزءا مكملا له”.
فور صدور القرار البلدي تلقى رئيس البلدية السابق الدكتور انطوان كرم إتصالا من احد النواب العونيين الشيعة تعرض له فيه بالتهديد المباشر جراء إقرار المجلس البلدي، وحذره من مغبة إحالة القرار الى المجلس الاعلى للتنظيم المدني لاقراره.
على الأثر دخل نواب المنطقة على الخط، وطلب النائب العوني حكمت ديب في إجتماع مسجل من رئيس البلدية الدكتور كرم إحالة المشروع فورا على المجلس الاعلى للتنظيم المدني، كما قام عدد من أعضاء المجلس البلدي من بينهم رئيس المجلس البلدي الحالي جورج إدوار عون، بتوجيه كتاب الى رئيس البلدية السابق بتاريخ 22/آذار 2010 يطالبونه فيه بإحالة قرار المجلس البلدي رقم 16/م.ب. الى المديرية العامة للتنظيم المدني، مستند رقم
وجاء في الكتاب، :”جئنا بكتابنا هذا طالبين منكم المبادرة فورا الى إحالة القرار رقم 16/م.ب. الى المديرية العامة للتنظيم المدني ليأخذ مجراه القانوني والاداري، حفظا لحقوق الحدثيين والبلدية والمصلحة العامة ….”.
وبالفعل تمت إحالة القرار المذكور الى المجلس الاعلى للتنظيم المدني الذي أقره في الجلسة التي عقدها بتاريخ 18/8/2010 تحت بند “وضع قسم من منطقة الحدث تحت الدرس” حيث أشار القرار الى ان “المنطقة اصبحت تخضع لنظام (30% و 0.9 بإرتفاع 12 مترا). محضر رقم 33/2010 مستند
الانتخابات البلدية التي جرت في أيار/مايو من العام 2010 حملت تغييرا في هوية المجلس البلدي حيث تحول الى هيمنة العونيين وتولى العضو إدوار عون المحسوب على التيار العوني رئاسة المجلس البلدي فانقلبت المقاييس وتغييرت مصلحة الحدثيين لغاية في نفس يعقوب,
فقد عقد المجلس البلدي برئاسة جورج عون جلسة بتاريخ 29/11/2010 ، أي بعد قرابة ستة أشهر على توليه مهامه، وأصدر قرارا حمل الرقم 267/م.ب. أقر فيه وقف العمل بالقرار السابق رقم 16/م.ب. والقاضي بتصنيف منطقة الوروار قيد الدرس والطلب الى المجلس الاعلى للتنظيم المدني وقف العمل بالقرار. مستند
وبتاريخ 12/1/2011 طلبت بلدية الحدث من المجلس الاعلى للتنظيم المدني وقف العمل بوضع منطقة الوروار تحت الدرس ، حيث جاء في المحضر، “تطلب بلدية الحدث سبنيه حارة البطم، بقرارها رقم 267/م.ب. تاريخ 29/11/2010 وقف العمل بمضمون قرار المجلس الاعلى محضر رقم 33/2010 بموجب قرار المجلس البلدي رقم 16/م.ب. بتاريخ 15/2/2010 المؤكد بالقرار البلدي رقم 82/2010 والمتضمن طلب وضع قسم من منطقة الحدث العقارية (منطقة الوروار) تحت الدرس وإخضاعها لنظام بناء (30% 1.05 بإرتفاع 10.5) مع وضع شروط خاصة لجهة مواصفات السكن ووجهة الاستعمال والطوابق السفلية”. مستند رقم
وعند هذا الحد تبدأ حكاية الإصلاح والتغيير، حيث وفور إثارة الضجة بشأن بيع الاملاك والإشتباه بوجهة الإستعمال، تدخلت الرابطة المارونية وأنشأت لجنة طوارىء برئاسة انطوان واكيم وعضوية الوزير السابق ميشال اده وآخرين حيث بادر إده مع المطران بولس مطر وسائر الاعضاء لجمع الاموال لإعادة شراء الاراضي.
رئيس المجلس البلدي جورج ادوار عون كان في عداد لجنة الطوارئ التي تفاوض اصحاب العقارات. ومع انه غيّر وجهة الاستثمار في العقارات المشار اليها، إلا أنه لم يبلغ اللجنة بهذا الامر بل تكفل به السيد أدهم طباجة رئيس لجنة تجار البناء في الضاحية الجنوبية ووكيل أحد أصحاب العقارات في اجتماع في مكتب مدير البنك اللبناني الكندي جورج زرد ابو جودة، حين فاجأ الوزير السابق إده بأن نسبة الاستثمار تغيرت وان سعر الارض إرتفع الى 55 مليون دولار، بدلا من 35 مليون دولار كانت اللجنة جمعتها لإسترداد الاراضي، بعد مفاوضات مع اصحاب العقارات أسفرت عن تحديد مبلغ 35 مليون دولار أميركي ثمنا للعقارات، بعد إحتساب نسبة الفوائد ومصاريف التسجيل ونسبة ربح طبيعية جراء العملية.
الرابطة المارونية قصدت العماد عون إثر فشل الصفقة في “البنك اللبناني الكندي”، وأخبرته بأن النائب حكمت ديب المكلف من قبل عون متابعة الملف وقع “مدونة تفاهم واتفاق” مع نظيره من حزب الله علي عمار ورئيس البلدية وأصحاب العقارات، وأن رئيس البلدية رفع نسبة الاستثمار في العقارات خلافا لقرار المجلس البلدي السابق. فما كان من الاخير إلا أن سحب الملف من يد النائب ديب، وأوكله الى النائب العوني ألان عون الذي يعمل حاليا مع أصحاب العقارات على إعادة درس سعر الارض من جديد بالتنسيق مع لجنة الطوارىء في الرابطة المارونية ، حيث ما زالت المفاوضات مستمرة في ظل عجز الرابطة عن دفع مبلغ 55 مليون دولار أميركي لاسترداد الاراضي، وتشبص أصحاب العقارات
وللعلم فإن نظام البناء الذي طلب المجلس البلدي السابق أنطوان كرم إدراج المنطقة من ضمنه يتيح بناء ما يقارب 450 فيلا سكنية بمواصفات عالية الجودة إضافة الى مراعاة المساحات الخضراء والحدائق العامة والبنى التحتية، في حين ان وقف العمل بهذا القانون بناء على طلب الرئيس الحالي جورج ادوار عون يقضي بزيادة حوالي 60000 متر من الباطون أي ما يعادل بناء 1550 وحدة سكنية شعبية، إضافة الى قرابة 500 محل تجاري، و240 الف مترا مربعا من المستودعات المتصلة بعضها ببعض، وعمليا فإن تغيير التصنيف يعني السماح لاصحاب العقارات المطالبة بزيادة السعر بقيمة 20 مليون دولار أميركي، من جهة، كما انه يقضي بإدخال حوالي 10000 شخص الى منطقة الوروار من غير مكونات المجتمع الحدثي الثقافي والاجتماعي والبيئي، ضيف حسب ما جاء في كتاب رفعه عضو المجلس البلدي السابق فادي خليفة الى رئيس البلدية
ولا تتوقف الحكاية عند هذا الحد بل تمتد الى ما خفي من إتفاق عقده رئيس البلدية الذي يبدو أنه تأثر ب “ورقة التفاهم” بين التيار العوني والحزب الالهي فعقد “مدونة تفاهم” بتاريخ 6 تشرين اول 2010 مع مالكي العقارات، والمستغرب ان المدونة وقع عليها النائبان علي عمار وحكمت ديب.
أبرز ما في المدونة ان رئيس البلدية توافق مع المالكين على تحديد 31 كانون الثاني 2011 كمهلة يكون فيها الرئيس مفوضا بإيجاد مشتري يحظى بموافقته للعقارات في الوروار على ان يكون سعر المبيع 650 دولارا للمتر المربع في العقارات التي تفوق مساحتها عشرين الف مترا مربعا و 700 دولار للمتر المربع للعقارات ما دون 20 الف مترا مربعا ما يجعل من السعر الاحمالي للعقارات 55 مليون دولار أميركي.
وفي البند 3 من المدونة : “تلازما وتزامنا مع ما هو متفق عليه في البند السابق يقوم الفريق الاول أي البلدية بالعودة عن قرار وضع المنطقة قيد الدرس ومباشرة وبعد التوقيع على هذا التفاهم وفي خلال مدة لا تتعد العشرين يوما بحيث تبقى على تصنيفها الحالي (50% مساحة سطحية، و1.65 إستثمار عام) كما يمنح الفريق الثاني الرخص المطلوبة لانشاء الابنية السكنية…..
كما تضمنت المدونة تفويض رئيس البلدية بيع الشقق لمن يرتأي على أن يؤمن بيع ما نسبته 4 % من الشقق شهريا اي قرابة 65 شقة شهريا بسعر لا يقل عن 1000 الى 1100 دولار أميركي للمتر المربع الواحد للشقق السكنية، وفي حال تخلف الرئيس عن بيع النسبة المطلوبة يحق للفريق الثاني التدخل بائعا للشقق لمن يريد!
وعندما تتضح هوية أصحاب العقارات، تزداد الشكوك، حيث وقـّع “مدونة الاتفاق” مع رئيس البلدية جورج عون، السيد “أدهم طباجة” وهو وقـّع بوكالته عن السيد ناصر عباس سويدان، بصفته مالك العقار رقم 830 منطقة الوروار العقارية.
كما ان اصحاب العقار 832 من المنطقة نفسها والبالغة مساحته 21220 مترا مربعا هم دون الثلاثين من العمر، مما يرجّح أنهم أسماء “وهمية” نيابةً عن أسماء أخرى “حقيقية”.
وهنا يصح التساؤل هل أصحاب العقارات هم فعلا من إشتراها ودفع ثمنها، أم أنهم واجهة لقطاع البناء في حزل الله؟
وكما يظهر في المستند رقم 6 الذي يوضح هوية أصحاب العقارات، أعلى الصفحة لجهة اليسار.فإن البنك اللبناني الكندي ضالع في عملية تمويل شراء الاراضي،
Crediteurs: Banque Libano Canadian: 7.200.000 L.L.
في ضوء ما سبق لا بد من سوق تساؤلات عدة برسم “الإصلاح والتغيير”:
من المستفيد من وقف تصنيف الارض لرفع السعر بنسبة عشرين مليون دولار؟
وما علاقة النائبين علي عمار وحكمت ديب، وهل يحق لهما التوقيع على مذكر تفاهم بين البلدية وأصحاب عقارات؟
هل يحق لرئيس مجلس بلدي ان يوقع تفاهما مع أصحاب عقارات من دون تفويض من المجلس؟
وإذا كانت القرارات السابقة للمجلس البلدي بتصنيف العقارات وسواها قد تم تذييلها بتوقيع غالبية الاعضاء لماذا لم يوقع المجلس البلدي على “مدونة التفاهم”؟
وهل هكذا يدافع العونيون عن مصالح المسيحيين ويمارسون الإصلاح والتغيير؟
ملاحظة: اللائحة أعلاه تشمل أسماء مالكي العقارات وارقامها في منطقة الوروار علما ان من بينهم من هم دون الثلاثين من العمر.
*
إقرأ أيضاً:
جورج فضل الله شعيتلّي ومحمد زهير الخنسا تتّهمهما واشنطن بـ”تبييض أموال المخدرات”
أراضي “الحدث” في جنوب بيروت: اشتراها “الباسداران” أم “الكارتيلات الكولومبية” بتواطؤ العونيين؟
المقال غير علمي وغير دقيق ويفتقر الى الصدقيّة، ومن المعيب أن نضع تداول الأراضي بين المواطنين في خانة السياسة أو الطائفيّة.
اللبناني لبناني بغضّ النظر عن إنتمائه الطائفي، والحري بنا ان نعمل على إلغاء الطائفيّة والسير قدمًا نحو مجتمع مدني علماني.
وبغير ذلك، وبمثل هذا المقال السخيف نحن نتّجه الى نهاية الكيان اللبناني