لا تُناصر شيعة البحرين، سُنَّة سوريا، أقباط مصر، و«بدون» الكويت.. انصر الإنسان، فقط.
أكدت دراسة علمية للباحث المصري د. عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي في المجلس الأعلى للآثار، صحة العهدة النبوية، التي أعطاها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للنصارى، طبقاً لتعاليم الإسلام السمحة، يؤمّ.نهم فيها على أرواحهم وأموالهم وكنائسهم ومنازلهم، وأمر بكفّ. الأذى عنهم حيثما كانوا وحيثما حلُّوا.
طبعاً، لن نسأل: لماذا لا تتم مناقشة هذه الوثيقة وشرحها في خطب الجمعة؟.. ولا لماذا لا يتم اعتمادها في دساتير الدول الإسلامية لإظهار سماحة الإسلام وقبوله الاختلاف والتعدد، ونبذه للكراهية والعنف؟.. ولا لماذا لم يتفضّل أي من شيوخ الفضائيات بشرح قصة هذه الوثيقة ومناسبتها والدروس المستفادة منها، بدلاً من الفتاوى «الحلمنتيشية»، التي يخرجون بها؟.. ولا لماذا لا يتم تدريس هذه الوثيقة في مناهج التربية الإسلامية في بلادنا بدلا من دروس الإقصاء والتكفير؟!.. لكن، ما أود مناقشته هنا هو: إن كان النبي محمد أعطى المخالفين له في العقيدة عهوداً وأماناً وميزات مواطنة حين أسس أول دولة إسلامية، فلماذا لا تمنح دولنا مواطنيها الذين يمتلكون كل مؤهلات وصفات «المواطن» تلك الميزات؟ وما بالنا بأناس «منا وفينا» ولدوا وعاشوا على هذه الأرض، ومنهم من افتداها بروحه. فألصقنا بهم تسميات «دونية»، وحرمناهم من أساسيات حقوقهم الإنسانية، وعندما تجرأوا وطالبوا بها، واجهناهم بالهراوات وخراطيم المياه والقنابل الدخانية وقمعناهم بكل قسوة وعنف!
بعد حضوري اعتصام «البدون» (خارج ساحة الإرادة)، بعد أن منعوا من دخولها، شعرت بالاختناق، وبغصة في حلقي، توقعت أن يكون الدعم أقوى، والتأييد أشد. عدت بخيبة أمل وبدمعة وبشعور بالعجز. مئات القصص المؤلمة كانت تخرج من الحناجر تشكو وجعها، وليس هناك من يسمعها ويخفف من ألمها غير ثلة قليلة ممن يؤمنون بالإنسانية وحقوقها. أما نواب مجلس الأمة، فبعد أن كانوا يتكالبون على الميكروفونات للصراخ والعويل وشق الثياب و«قط العقل»، في اعتصامات سابقة، اختفوا فجأة، وكأن قضية أكثر من مائة ألف إنسان على هذه الأرض لا تعنيهم! وأكاد أجزم بأنهم لو كانوا مائة ألف قطة لانشغلوا بها أكثر!.. لكنها الحسابات السياسية التي تعمي البصيرة قبل البصر، فــ «البدون» لا يملكون أصواتا انتخابية، وليس لهم سوى الله!
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. امنحوا الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 ولأسر الشهداء والأسرى كحد أدنى، ومكّنوا «البدون» جميعاً من ممارسة حقوقهم المدنية والإنسانية الأساسية من دون نقصان، فمهما تجاهلتم قضيتهم ومهما سوّفتم الحلول، ومهما قمعتم، فإن قضيتهم لن تُنسى ولن تختفي، فــ «البدون» في النهاية ليسوا سوى بشر مثلنا!
*
بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح – عليه السلام – أتمنى لكل مسيحيي العالم، وأخص «مسيحيينا»، عاماً جديداً سعيداً آمناً في أوطانهم، وكل عام وأنتم بخير.
d.moufti@gmail.com
* كاتبة كويتية