استبعد وزير الخارجية الفرنسي السابق أوبير فيدرين في محاضرة له في بيروت اليوم الخميس، أن يطول الوضع في سوريا الى حد التأثير على لبنان، ورأى أن “النظام السوري يضعف نفسه أسرع فأسرع بسلوكه المرعب”، مشيراً الى “بعض السيناريوات” تلحظ إمكان “ان تؤدي روسيا دورا في الحل في سوريا”.
وحاضر فيدرين صباح اليوم الخميس في المعهد العالي للأعمال في بيروت عن “الوضع الجيوسياسي الجديد عالمياً واقليمياً وموقع لبنان فيه، في ظل الربيع العربي”، بدعوة من معهد التوقعات الاقتصادية للعالم المتوسّطي والمعهد العالي للأعمال، وبالتعاون مع مجموعة “بادر” (برنامج الشباب المبادر).
، تحدث فيدرين فعرض بسرعة للوضع الدولي العام منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، فلاحظ أن “الغرب تأخر 15 سنة ليفهم أن الدول النامية نمت فعلاً، وأنها ليست أسواقاً ناشئة بل قوى ناشئة لها أجندتها الخاصة”. ورأى أن “العالم العربي ككيان لم يكن له، قبل الثورات الحالية، أي ثقل في هذا العالم الذي يتسم بالتنافس المتعدد القطب”. وتوقع أن يؤدي “قيام أنظمة ديموقراطية وتتمتع بالمشروعية في دول المنطقة، الى تعزيز حضور العالم العربي على الخريطة الدولية واعطائه ثقلاً أكبر، في حال تمت ادارة عملية الانتقال الى الديموقراطية بشكل جيد”.
واعتبر أن تعبير “الربيع العربي” غير ملائم، لأن “الانتقال من الديكتاتورية الى الديموقراطية ليس عملية سهلة وبسيطة كتفتح الأزهار في الربيعن بل هو عملية طويلة ومعقدة“. وأضاف “لا يمكن الانتقال من الديكتاتورية الى الديموقراطية بسهولة فالديموقراطية ليست قهوة سريعة الذوبان بل هي عملية طويلة، ففرنسا احتاجت الى 150 سنة لتنتقل من الانتخابات الأولى في العام 1795 الى اقتراع النساء في 1945”. وذكّر بأن “نشوء الديموقراطية في التاريخ الأوروبي كان عملية طويلة جداً ومعقدة ومرت بثورات دموية في غالب الأحيان وبمراحل توقف”.
وتابع “إن تعبير الربيع يوحي انها عملية واحدة في كل العالم العربي، في حين أن الوضع يختلف من دولة الى أخرى ويجب النظر الى كل حالة على حدة”. وقال ان ما يحصل “عملية مهمة وواعدة وتحمل في الوقت نفسه مخاطر كبيرة، وهي عملية لن تتوقف في الاجمال، مع أنها قد تشهد توقفاً موقتا هنا أو هناك”.
ورأى أن “حصول الثورات كان أمرا حتمياً ولكن في الوقت نفسه لم يكن ممكناً توقعه”. ولاحظ أن هذه الثورات “تثير آمالاً ومخاوف متفاوتة، ومن بين المخاوف ما اذا كان في الامكان الانتهاء من ديكتاتورية من دون الوقوع في ديكتاتورية اخرى اسلامية”.
وقال “حتى الآن، لا يوجد حزب اسلامي معتدل وصل الى السلطة بواسطة الانتخابات وغادر السلطة بعد أن خسر الانتخابات. قد يحصل ذلك ولكن حتى الآن لا دليل تاريخياً على هذا الأمر”.
واذ أشار الى أن “الأحزاب الاسلامية تفوز في الدول التي تشهد انتخابات”، اعتبر أن “مسألة الاسلام المعتدل في السلطة احتمال ممكن ولا سبب للقلق سلفاً بان هذا لن يحصل”. ولم يستبعد “احتمال ان تشهد الاحزاب الاسلامية التي تصل الى السلطة تحولا وأن تتمكن من ايجاد حلول للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية”. وقال “قد نصل الى ديموقراطية اسلامية أو اسلام ديموقراطي يغير المجتمعات نسبياً ولكنه يتأثر أيضاً بتغييرات هذه المجتمعات”. واعتبر أن “النموذج التركي مهم جداً في هذا المجال”، وقال “في كل دولة، قادة الأحزاب السياسية أمام مسؤوليات تاريخية، اذ يمكنهم أن يستفيدوا من تجارب الغير كتركيا وغيرها، ولكن لا أحد يمكنه أن يتحمل المسؤولية عنهم، ولا حتى اي بلد عربي آخر”.
لنظام السوري يضعف نفسه أسرع فأسرع بسلوكه المرعب
واعتبر فيدرين أن “من غير الممكن تطبيق المنطق العام للربيع العربي على منطقة المشرق العربي، فثمة عوامل عدة منها المسألة الفلسطينية والعامل الاسرائيلي”.
ورأى فيدرين أن “آثار الماساة السورية على لبنان ليست جيدة طبعاً ولكل كل شيء رهن ما سيلي، وسيكون الأمر مزعجاً في حال طال الوضع أشهراً وتم استخدام لبنان للالتفاف على العقوبات او سوى ذلك”. لكنه أضاف “هذه الفرضية غير مرجحة، اذ يبدو أن النظام السوري يضعف نفسه أسرع فأسرع بسلوكه المرعب، وتالياً لا أرى أن الوضع سيطول” الى حد التأثير على لبنان.
ولاحظ أن “من غير المستبعد وفق بعض السيناريوات ان تؤدي روسيا دورا في الحل في سوريا”.