فجأة إندلع خلاف من اللامكان في فاريا في جرود كسروان على إنارة صليب مضاء منذ العام 1994، ومن دون أن يعرف أحدا كيف ولماذا، وهل إن الصليب، او الذي صلب عليه، يريد ان تراق الدماء من أجل حفنة من اللمبات؟!
في التفاصيل أن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أراد إنارة الصليب في جرود فاريا، فقرر زرع أعمدة لنقل خطوط الكهرباء من نوع التوتر العالي في اراضي آل الخازن خلافا للقانون الذي ينص على ضرورة إجراء إستملاكات وتحديد الاماكن وخلافه.
فجأة زُرع العامود، مع أن الصليب المراد إضاءته لا يحتاج الى خط التوتر العالي، ولما كانت هذه الأراضي تعود ملكيتها لآل الخازن أخوال النائب سامر سعادة، حاول الأخير الإستفسار عن العامود المزروع خلافا للقانون والغاية منه. ولما لم يلق الإجابة القانونية أرسل من يعمل على إزالة التعدي على الأملاك، وهنا بدأت قصة من نوع آخر، حيث ثارت حمية أتباع التيار العوني على الصليب وإنارته، فهاجموا من يعملون على إزالة التعديات وتعرضوا لهم بالضرب والسباب، فما كان من هؤلاء إلا أن إتصلوا بالنائب سعاده ليبلغوه بما يحصل.
وعلى الفور إتصل النائب سعاده، بالقوى الأمنية طالبا الحماية وإزالة التعدي، وتوجه الى فاريا مع مرافقيه. وقبل وصوله الى الارض المعتدى عليها، فوجئ موكبه بسيارات تعترضه في منتصف الطريق، وحالت دون تمكنه من التقدم نحو الارض في حين قطعت سيارات أخرى على سعاد طريق التراجع وتمت محاصرته في الوسط داخل سيارته، وسط سيل من السباب والشتائم تعقبها “فدا العماد عون” و”فدا الوزير باسيل”، ويا بتمضي على التنازل عن الأرض يا “بتموت هون فدا العماد عون”،
فتّش عن “الصهر”!
وفي حين لم يتوقف سيل السباب والشتائم كانت جماعات أخرى تتمركز عند الصليب المراد إضاءته تطلق بين الحين والآخر رشقات من أسلحة حربية في الهواء ترهيبا، بالتزامن مع قيام العونيين من الذين يقطعون الطريق على النائب سعادة برشق سيارته بالحجارة وركلها بالأرجل.
القوى الامنية التي تواجدت في المكان لم تستطع لا فتح الطريق ولا ردع العونيين من التعرض لنائب عن الامة. فكان العناصر العشرة الين تواجدوا حول موكب سعاده يعملون على إبعاد العونيين عن السيارات بعد أن ينفذوا مآربهم بالشتم والركل والتهديد، ولم تنفع المداخلات على إختلافها في فك الطوق عن موكب سعاده، إلا بعد أن بدأ الكتائبيون بالتجمع في مدينة البترون لمحاصرة منزل الوزير باسيل في البترون وكذلك في مدينة جبيل حيث كان باسيل متواجد،ا ما إضطره على مغادرة المدينة على عجل والإيعاز للعونيين بفك الحصار عن النائب سعاده، في حين عملت القوى الامنية في البترون على الحؤول دون تجمع أنصار سعاده من أبناء المنطقة.
وفي المعلومات أن القضية لا تتعلق بـ”الصليب” المظلوم ولا بإنارته، بل بمسألة عقارية. حيث أشارت معلومات الى ان أحد القياديين الكبار في التيار العوني إشترى مساحات شاسعة من الاراضي في فاريا، ووضعها بإسم والدته للتعمية على ملكيته لها، وهو يريد فرزها عقاريا لبيعها، ولذلك فإنه يريد أن يحصل على تنازلات عن الاملاك الخاصة كي يستطيع شق الطرقات للوصول الى العقارات المشتراة.
ولأن عواميد التوتر العالي تستملك الارض، كما ان خطوط التوتر العالي تستملك بدورها ما تحتها من أراضي، فكان لا بد من اللجوء الى الإحتيال على القانون بأسماء متعددة منها “إصلاح وتغيير” ومنها “إنارة صليب” لإثارة غيرة تافهة لدى المسيحيين من أجل الحصول على الإستملاك تحت مسمى وزارة الطاقة، ومن بعدها يصار الى شق الطرقات بموازاة أعمدة التوتر العالي وعلى طول خطوط النقل.
ولأن الطريق يجب ان تمر في أراضي آل الخازن كان لا بد من تسييس مسألة خط التوتر العالي لإنارة الصليب للتعمية على المقصد الرئيسي من تركيب العامود المثير للجدل وهو إستملاك أراضي من دون إذن أصحابها.