مقال “الأخبار” الرائع عن تيّار الشاويش ميشال عون يستحق القراءة، ويستحق كاتبه “غسان سعود” كل التقدير لأنه يكشف صورةً تفوق أسوأ كوابيسنا بشاعةً. “بعثية” ميشال عون وتيّاره، وقياديي تيّاره، متطرّفة إلى حدّ أنها قد تبدو “مشبوهة” في نظر بشّار الأسد وأجهزته الأمنية! هنالك شيء مشبوه (“مؤامرة صهيونية”، ربما!) حينما يصبح ميشال عون أكثر بعثية من بعثيي سوريا، ومن حزب الله، وحتى من أحمدي نجاد الذي طالب السلطة “بالجلوس مع المحتجّين”! الأرجح أن “الجنرال” علي المملوك نظر “شذراً” إلى البعثي الجديد بيار رفول وهو يعلن أن “الجيش السوري معتدى عليه”.. وربما طلب “فتح ملف” حول “الجندي” رفّول الذي تجاوز حدود “التزلّف” البعثي المألوف!
في أي حال، كلام رفّول يذكّرنا بأن لمدرسة الفيلسوف الصيني “تفو تفو” أزلاماً كثيرين في هذه.. “الأمة”!
ما لا نوافق عليه في مقال غسان سعود هو أن نواباً مثل غسّان مخيبر (هو خليفة ألبير مخيبر؟) وإبراهيم كنعان و..سيمون أبي رميا يتنقلون بين ضميرهم والضرورات السياسية ألف مرة قبل الدفاع بشراسة الجنرال عن النظام وإدانة الإحتجاجات الشعبية”. الذين “بلعوا” كل خيانات الجنرال في لبنان لن “يغصّوا” بساقية الماء البعثية!
“بورتريه الجنرال” في “الاخبار” قابلة للتعميم: لا مكان “للجنرالات”، لا مكان لأي “جنرال”، في الحياة السياسية لبلد ديمقراطي!
الشعب يريد إسقاط الجنرالات!
الشفاف
*
العونيون وأحداث سوريا: سباحة مع التيّار أم ضدّه؟
بفضل سوريا، التفت عونيّون كثر إلى التطورات الحاصلة حولهم. بعض المقربين من التيار الوطني الحر يروون أن غالبية العونيين لم ينتبهوا إلى سقوط الرئيسين التونسي والمصري إلا بعدما بدأ سوريون بالمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد
غسان سعود
ترخي الأزمة السورية بظلالها على التيار الوطني الحر: قبل بضعة أيام غيّرت ليلى توما اسمها على «فايسبوك» من ليلى ميشال عون توما إلى ليلى بشار الأسد توما. إجماع عونيّ على الموقع التفاعلي: «الكذب ملح الجزيرة». تكفل رامي حداد بتوزيع فيديو «قناصة سعوديون يقتلون الناس في سوريا» على نحو ستمئة مجموعة إلكترونية، كما أخبر في نهاية يوم عمله الطويل. وطمأن جمهوره إلى أن فيديو آخر ينتظرهم في اليوم التالي، أعده تلفزيون «الدنيا» ويخبر عن «فبركة صلاة على جثتين مزعومتين». أما الناشط العوني عماد معلوف فيمكنه تكفل الرد وحده على كل من يشكك بخبر صغير يورده التلفزيون الرسميّ السوري؛ يوزع معلوف البقلاوة منذ بضعة أيام: عين الرئيس بشار الأسد وزيراً مسيحياً للدفاع. يا لفرحة مسيحيي الشرق. «جيش الأسد الإلكتروني» ـــ قيادة لبنان عونية بامتياز.
في المبدأ، العونيون قسمان: أكثرية غير مسيّسة، انتماؤها إلى التيار الوطني الحر طائفي بامتياز، أساسه الإيمان بأن التيار هو القوة القادرة على إعادة ثقة المسيحيين بأنفسهم. هؤلاء يفترضون، بفضل الـ«أو تي في» وبعض المحللين العونيين، أن المسيحيين أتوا إلى المشرق حين أتى آل الأسد إلى الحكم في سوريا، وسيغادرونه حين يغادر آل الأسد السلطة. أما الأقليّة المسيّسة فتنطلق في دفاعها عن النظام السوري من وعي لما يمكن أن يحصل لحلفاء سوريا في لبنان في حال سقوط هذا النظام.
بين حدّي هاتين المجموعتين، ينطلق النقاش العوني في ما يخص الأحداث التي تشهدها سوريا.
البداية من رأس الهرم العوني. تدرج العماد ميشال عون (كعادته عند كل استحقاق استراتيجي) في الدفاع عن النظام. زوار الشام كانوا يعودون قبل نحو خمسة أشهر باستفسارات جدية عن موقف الجنرال، متوقعين وضوحاً وجدية في إدانة «العصابات المسلحة»، وشد عصب مسيحيي سوريا طالما هو زعيم مسيحيي الشرق. لاحقاً، حل الجنرال ضيفاً على تلفزيون «الدنيا»، وتحول المؤتمر الصحافي إثر اجتماع تكتل التغيير والإصلاح إلى مناسبة لإدانة «أعمال الشغب» ورفض «ديموقراطية الغرب».
في اجتماعات التكتل، لا يحصل نقاش فعلي بشأن موقف التيار الذي يحدده عون وحده. تحصل استفسارات عن حقيقة الأوضاع، ويقدم بعض النواب على طريقة نبيل نقولا وعباس الهاشم تصوراتهم لسير الأحداث، متوقعين كل ثلاثاء أن يكون يوم الجمعة المقبل آخر أيام الاحتجاجات الشعبية، في ظل تفضيل غالبية نواب التكتل عدم التعليق على ما يحصل في «الشقيقة سوريا». ولا شكّ هنا أن بعض النواب مثل غسان مخيبر وإبراهيم كنعان وآلان عون وفريد الخازن ويوسف الخليل ووليد خوري وسيمون أبي رميا سيتنقلون بين ضميرهم والضرورات السياسية ألف مرة قبل الدفاع بشراسة الجنرال عن النظام وإدانة الاحتجاجات الشعبية.
بيار رفول في دمشق تضامن مع سوريا رئيساً أولاً، وحكومة ثانياً وشعباً ثالثاً!
أما المسؤولون العونيون فتشغلهم خطة الكهرباء عن بصيص النور (أو الظلمة) المضاء في سوريا. البعض مقتنع جدياً بذلك الشعار: «سوريا في سوريا ولبنان في لبنان». لا نقاش حقيقياً على هذا المستوى، ولا سيما أن غالبية المسؤولين في التيار هم اليوم غير مسؤولين عن شيء، باستثناء تنظيم عشاء هنا ودورة ليخة هناك. وفي ظل الصمت المطبق على هذا المستوى، تكاد مواقف المسؤول الأول في التيار بيار رفول تحتكر المشهد. رفول أكد خلال العشاء الذي أقامته «حملة سوريا بخير» الأسبوع الماضي في فندق الشام وجوده في دمشق للتضامن مع سوريا رئيساً أولاً، وحكومة ثانياً وشعباً ثالثاً. واستوحى رفول من خبرية العماد عون عن الحرب الكونية التي شنت عليه خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، ليقول إن «حرباً كونية تشن على سوريا منذ خمسة أشهر، يخطط لها منذ عام 2008». يتابع رفول: «نسجنا مع سوريا نهجاً ممانعاً حفظ كرامة الأمة واسترد لها الثقة بالنفس». ولم تلق بحسبه «دعوات التخريب» تجاوباً في سوريا إلا من «أقلية مرتبطة بأجندة غربية» لا تتجاوز نسبتها «ربع واحد في المئة من سكان سوريا». وبعد شرح رفول أن «الجيش لم يكن المعتدي، بل المعتدى عليه»، انتهى بالسؤال عن «نفع الإصلاحات في ظل الانقسام والشرذمة والرضوخ لمشيئة الأعداء وتدمير الوطن؟».
هنا، وهنا فقط، تبلور النقاش العوني على المستوى الرابع: الناشطون في التيار، سواء على شبكات التواصل الاجتماعي أو في اللقاءات الصغيرة التي تحصل على نحو متفرق في أكثر من منطقة. لا أحد يناقش في أهمية تحالف العماد عون والقيادة السورية، أو يشكك في وجوب استمرار هذا التحالف أو يسجل الملاحظات على طريقة تيار المستقبل وحلفائه.
لكن في المقابل، ثمة نقاش جدي بشأن القيم التي قام عليها التيار حين يعتبر أحد مسؤولي التيار أن المدرس الدرعاوي والمزارع الحمصي والطالب الحموي الذين يطالبون بالحرية هم «أقلية ترتبط بأجندة غربية». في التيار، لا يزال هناك بعض الشبان الذين ذاقوا مرارة التخوين ودفعوا باهظاً ثمن التهم المعلبة بالعمالة وغيرها. تخوين رفول للمحتجين يستفزهم. تردد قيادة التيار في تبني قضية شعب يطالب بالحرية يستفزهم. يستفزهم أيضاً اكتفاء الإعلام العوني من كل ما يحصل في سوريا باغتصاب منحرف لفتاة مسيحية هنا، ومهاجمة مجموعة سلفية لمنزل مسيحي هناك. هذا لا يعني أبداً أنهم يودون سقوط النظام السوري، أو لا يخشون كارثة الاقتتال المذهبي في سوريا ويتحسبون لتداعيات ذلك على المنطقة، هم فقط لا يفهمون لغة بعض نوابهم، ولا يتفهمون مزايدة الإعلام العوني على صحيفة «البعث» وتلفزيون «الدنيا». في هذا السياق، هناك من يرى أن «البعثيّة أكثر من البعثيين» غير مبررة هنا، وإن كانت الميزة الرئيسية للعماد عون هي تطرفه في الدفاع عن القضايا التي يتبناها. مرة أخرى يرى هؤلاء أن على التيار التعلم قليلاً من حليف حليفه، الذي يعرف كيف يقف مع القيادة السورية بالفعل أكثر من القول. تصل الملاحظات إلى «مسيحيي الشرق» الذين حمل العماد عون نفسه وزر تزعمهم، فيتساءل أحد الشباب عن الحكمة من الإصرار على أن يضع هؤلاء كل بيضهم في سلّة النظام، لا بل ظهورهم عبر عون كرأس حربة الدفاع عن النظام.
في المقابل، هناك أكثرية عونية أكثر من معجبة بخطاب رفول (طالما هو مادة الانتقاد الأساسية). يدافع هؤلاء في النقاشات بجدية عن تطرف التيار في الدفاع عن النظام، والنظر بعين واحدة إلى الحدث السوري وتبرير كل ما يرتكب في المدن السورية وأريافها. ينطلقون أولاً من موقع سوريا في تحالف الأقليات في المنطقة الذي يعتبر التيار نفسه جزءاً منه. يقولون ثانياً إن تجربة المسيحيين في العراق تقتضي هذا التشدد العوني في تحفيز مسيحيي سوريا على التمسك بالسلطة المركزية القائمة، وتحذيرهم للتحسب مسبقاً للدفاع عن أنفسهم. ويعتبرون ثالثاً أن ثمة معركة جدية، موقع التيار السياسي محسوم فيها، ولا يجوز بالتالي في ظل المعركة السؤال عن القيم والإعلام الحر وغيرها.
التيار الوطني الحر حليف النظام السوري؛ الواقعية السياسية تقنع كثيرين بأن أي نظام بديل لن يحافظ على تحالفات النظام القديم. بعيداً عن «مسيحيي الشرق» و«الممانعة»، ما عليك لإقناع العونيين بالاستشراس في الدفاع عن النظام السوري إلا إقناعهم بأن دمشق مع الأسد حليفة عون؛ مع غير الأسد، جعجع سيكون الحليف.
بورتريه “الأخبار”: تيار الشاويش عون “أكثر بعثية من البعثيين” ومن.. حزب الله! من فضائل القطيع العوني، راعياً وغَنَماً، أنها أظهرت لمسيحيي لبنان خاصة وبشكل جليّ لا لبس فيه، مكان وهوية هذه الشريحة من المسيحيين القابلة بامتياز لغسل الدماغ وقولبة العقول ببروباغندا نمطية، فاشية-نازية المعالم. تماماً كمثيلتها الشريحة الشيعية المُساقَة سوقاً ببروباغندا الميليشيا الأصولية الشيعية العاملة في لبنان. شرائح من هذا النوع تمتاز إجمالاً بمستوى تعلّمي أو بالأحرى تثقّفي متواضع جداً، أو منعدم، ويشكّل عامل الخوف الغرائزي لديها رأس مال سَوّاقي القطيع. وإن كانت شرائح هذا الجنس ذات وجود أيضاً في المجتمعات المتطورة، فهي تبقى أهمّ من حيث العدد والعرض، في… قراءة المزيد ..
بورتريه “الأخبار”: تيار الشاويش عون “أكثر بعثية من البعثيين” ومن.. حزب الله!
شكرا للشفاف على هذه المقدمة. لقد وصل الشاويش عون وأزلامه الى أقصى درجات المذلة والخيانة. ماذا بعد؟