يدخل المشهد الليبي في مرحلة جديدة، مرحلة تؤسس لانتقال السلطة من العقيد الى الثوار الذين ينهون بارادتهم وبدعم دولي مهزلة القذافي. ويثبت المشهد الليبي ان ربيع الثورات العربية لم يتوقف، بل يتأسس على قواعد باتت راسخة في وجدان الشعوب وتطلعاتها لاستعادة الكرامة الوطنية، انها المواطنية والمساواة والمحاسبة والديمقراطية واطار الدولة المدنية… قواعد باتت كلمة السر التي تختزنها الشعوب العربية على امتداد البلاد العربية.
المشهد الليبي يستكمل انهاء السلطة المطلقة وثقافة الحاكم الاله، ويدخل في مرحلة بناء السلطة على قواعد انتجها الغرب، فالنظام الديمقراطي، واحترام قواعد حقوق الانسان، وتداول السلطة والحريات السياسية والتعددية الحزبية والفصل بين السلطات وتثبيت دور السلطة القضائية المستقلة، هي انتاج انساني تحقق نموذجه في العديد من الديمقراطيات الغربية، واثبت حتى يومنا
الحاضر انه النموذج الافضل لادارة الدول وتنظيم العلاقة في المجتمعات على اختلاف انتماءاتها وعقائدها الدينية او الدنيوية.
انها “العولمة” التي لطالما اثارت جدلا في بلادنا وتلقت الطعنات من العديد من النخب الفكرية والاجتماعية والسياسية العربية منذ ما يزيد على عقدين من الزمن.
لقد اظهرت الشعوب العربية رغم كل ما يحيط بعملية التحول الديمقراطي في العديد من البلدان العربية، انها التقطت مفتاح التغيير الحقيقي في دولها، وادركت ان الشعوب لا يمكن ان تكون اقل وعيا في معرفة ماذا تريد وما تحتاج اليه. وهي استطاعت ان تستفيد من العولمة ليس باقل مما يحققه من اسس لها وانتجها… وفي هذا السياق يمكن التنويه بهذا الميل الدولي نحو احترام ارادة الشعوب، وهذا التطور الايجابي في تثبيت قواعد حقوق الانسان. بطبيعة الحال لم تزل المسافة بعيدة لكي تتحكم هذه القواعد في السياسات الدولية وعلى مستوى العلاقات بين الدول الكبرى والعالم الثالث. لكن ليس عاديا ان النظام العربي عموما لم يعد مطلق اليد في ارتكاب المجازر بحق الشعوب العربية، وليس صحيحا ان عدم تكرار مجزرة كمجزرة حماه في العام 1982 ناتج عن تطور النظام السياسي او الامني السوريين نحو احترام المواطن السوري، بل هو بدون جدل ناتج عن هذه العين الدولية التي باتت لا تتساهل في ارتكاب مثل هذه المجزرة.
ولأن النظام العربي عموما والسوري خصوصا بطبيعته الديكتاتورية يتهيب المعادلات الاقليمية والدولية، اكثر مما ينصت لمطالب شعبه وتطلعاته بدرجات كبيرة، حققت الشعوب مكسبا اساسيا في مسار التخلص من الانظمة الديكتاتورية. واذا كانت مجزرة حماه ظلت مجهولة لدى العديد من الذين عاصروا زمنها الى حد كبير، فان العولمة اليوم ساهمت في بعض وجوهها باتاحة الفرص لفضح الكثير من الممارسات التي كان النظام الاستبدادي قادر على التعتيم عليها واخفاء العديد من تفاصيلها الى حد كبير داخل الدولة وخارجها.
يذهب البعض من النخب العربية المتداعية هذه الايام الى محاولة الانتقاص من هذه الثورات بسبب التدخل الاجنبي. البعض يريد ثورات تقوم من الشعب ولا تتلقى اي دعم خارجي او دولي، يريد من هذه الثورات ان تواجه النظام الاجرامي بطبيعته وان ترفض الاستعانة بالخارج. بالله عليكم اين يمكن ان تحصل مثل هذه الثورة في عالم اليوم؟ لا، بل اين حصلت مثل هذه الثورات في التاريخ الحديث؟ وهل المطلوب ان تكون الشعوب محكومة بالغباء حتى تقوم الثورات لتوأد في المهد بكل جبروت الاستبداد والقمع. وهل المطلوب تأمين ظروف جديدة لعلاقة بين هذه الانظمة والدول الكبرى؟
الشعوب العربية اختزنت تجارب عميقة في تاريخ العرب الحديث، لذا لم ترفع اليوم راية فلسطين ولا راية المقاومة العبثية والفارغة. انها ادركت بعد تجارب انظمة عاشت واستبدت باسم فلسطين ان القوة ليست في السلاح ولا الاجهزة الامنية ولا في جبروت الحاكم. وادركت ان فلسطين لا يمكن ان تتحرر بنموذج متخلف وقاصر عن بناء الدولة والمجتمع وتحقيق التنمية الديمقراطية. الشعوب العربية الثائرة لم ترفع راية تحرير فلسطين لكن الفلسطينيين في الداخل والشتات يستقبلون هذه الثورات بفرح عارم لانهم بدركون ان فلسطين لن تتحرر ما دامت انظمة الاستبداد مزدهرة.
alyalamine@gmail.com
• كاتب لبناني
“البلد
المصالحة بين الشعوب العربية والغرب! المقالة واقعية وصحيحة ولكن الكاتب نسي إن عنصر الأنترنت “الفايس بووك” وكاميرات الموبيلات كانت تلعب دورا ً في كشف الحقيقة أمام الرأي العام وللمجتمع الدولي تحديدا ً مما تعانيه الشعوب العربية الخاضعة للحكم الشمولي. لو كانت تلك الوسائل هذه موجودة في العام 1982 لما حصلت مجزرة “حماة” وأستطاع النظام السابق للرئيس الراحل حافظ الأسد إقناع المجتمع الدولي بأن الحموويين هم سلافيين وإرهابيين كما يحاول النظام الحالي في عصر أبنه الرئيس بشار الأسد إقناع المجتمع الدولي في نفس الطريقة الذي إتبعها والده وبائت بالفشل بعد نقل الأحداث الإجرامية ضد الشعب السوري الثائر إعلاميا ًوفضحه على حقيقة… قراءة المزيد ..
المصالحة بين الشعوب العربية والغرب!
هذا هو المنطق.