… ما الذي حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت قرابة الحادية عشرة من ليل الجمعة؟ وهل ما شهدته الطبقة الحادية عشرة من مبنى يقع في منطقة الرويس ملاصق لمجمع «سيد الشهداء» هو «انفجار امني» استهدف احد قادة «حزب الله» ام «انفجار عرَضي»؟ هل وقع انفجاران ام واحد؟ هل انفجرت قارورة غاز منزلي تبعتها اخرى،
ام ان عبوة تخريبية هي التي دوّت، او ان قنبلة يدوية انفجرت عن طريق الخطأ هي التي روّعت سكان الضاحية؟ هل قُتل شخص في هذا الحادث وجُرح خمسة آخرون، ام ان الحصيلة هي جريح واحد من آل المقداد حاله خطرة، ام ان المستهدف كان الاسير المحرر سمير القنطار؟ لمَن يعود المنزل الذي دوّى فيه الانفجار ومَن كان فيه لحظة وقوع الحادث الذي تســــبب باندلاع حريق هائل؟
هذا غيض من فيض الاسئلة التي خرجت من خلف غبار الانفجار «الغامض» الذي وقع في معقل «حزب الله» والذي اطلق سيلاً من التكهنات والسيناريوات حول ملابساته وحصيلته التي زادت من غموضها مجموعة وقائع واعتبارات أبرزها:
* ان البقعة الجغرافية التي وقع فيها الانفجار فائقة الحساسية وهي ضمن المربّع الامني لـ «حزب الله» ويقطنها عدد من نواب الحزب وقادته، وان المبنى الجديد ملاصق لمجمع «سيد الشهداء» حيث يقيم الحزب عدداً كبيراً من مهرجاناته كل سنة ولا سيما منها إحياء مراسم عاشوراء.
* الطوق الامني المحكم الذي فرضه «حزب الله» حول المكان وضمن شعاع بلغ نحو 500 متر، وهو ما حال دون تمكن القوى الامنية اللبنانية وأجهزة الدفاع المدني والصليب الاحمر من بلوغ موقع الانفجار الذي دخلته سيارات اسعاف تابعة لـ «حزب الله» الذي نجح عند ساعات الصباح الاولى في اخماد الحريق الذي نجم عن الانفجار.
* عدم سماح «حزب الله» للأجهزة اللبنانية الامنية والقضائية بدخول الطبقة التي شهدت الانفجار الا بعد نحو 16 ساعة على الحادث، اذ توجّه مساعد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي داني الزعنّي الى المكان قرابة الثالثة من بعد ظهر امس.
* تعاطي «حزب الله» بسرية كاملة مع الحادث، لدرجة ان عناصر منه اطلقوا النار في الهواء لتفريق جموع تجمهرت قرب مكان الانفجار، مانعين المصورين والصحافيين من الاقتراب من الشقة التي بقيت عنواناً لخبر ٍ… بلا صورة.
وبإزاء «جدار التكتم» الذي فرضه «حزب الله» على الحادث، سرت شكوك حول ان الانفجار هو عمل تخريبي استهدف احد قياديي «حزب الله»، فيما تردّدت اشاعات في أوساط السكّان القريبين من موقع الانفجار أنّه استهدف الأسير المحرّر سمير القنطار الذي قيل انه يسكن في الطبقة التي يملكها شخص من آل المقداد.
وما زاد من عامل «الإثارة» في هذا الحادث، ما رواه شهود عيان يسكنون في منطقة قريبة من الضاحية لـ «الراي» من انهم شاهدوا بأم العين قبيل الانفجار ومن شرفة منزل كاشف جسماً مضيئاً لم يتمكنوا من تحديد طبيعته ولا حجمه، كان يحلّق من جهة الجنوب ثم اتّجه صوب الضاحية الجنوبية و«اختفى» بين المنازل.
وافاد هؤلاء الشهود، ان الجسم الذي بدا كأن الضوء المتصاعد منه ناجم عن مادة مشتعلة، كان ثابتاً في الهواء «بمعنى انه جسم ثقيل، وطريقة استدارته أوحت بأنه يتمّ التحكم به عن بُعد».
ويذكر ان «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اوردت ان الانفجار «ناجم عن انفجار قارورة غاز وادى الى اصابة احد الاشخاص بجروح بليغة ونقل الى مستشفى بهمن للمعالجة».
الا ان تقارير صحافية اخرى في بيروت نقلت عن مصادر امنية «مقتل شخص في انفجارين وقعا في أحد الأبنية السكنية في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية»، و«أن أحدهما ناتج عن قارورة غاز، وأن القتيل عضو في «حزب الله» وجرى نقله إلى مستشفى «بهمن» في حارة حريك».
وفي حين نقلت صحيفة «المستقبل» عن شهود أنهم سمعوا دوي انفجارين في المبنى وليس واحداً وبفارق تسع دقائق بينهما، وأن النيران شبّت في الشقة المنكوبة، افادت صحيفة «النهار» ان الانفجار أوقع قتيلاً، ناقلة عن معلومات امنية استبعاد «فرضية وجود مخزن ذخيرة مع ترجيح ان يكون الانفجار نتيجة عبوة مزروعة أو قنبلة يدوية انفجرت خطأ».