لولا بقية التزام لهدنة بكركي لكانت قضية أراضي لاسا وحدها صاعق تفجير بين الزعماء الموارنة، ولكن في الغرف المغلقة تتطاير انتقادات لا توفر البطريرك الجديد الذي يدخل المنازل كل يوم من شاشاتها.
يهمس سياسي يشغل موقعاً عالياً في الدولة لزائريه، أن سمير جعجع الذي يلتقيه أحياناً لا يريد أن يثير استياء البطريرك الماروني بشارة الراعي، وأن رئيس حزب “القوات اللبنانية” في تقدير السياسي ينتظر يوماً “يكتشف” فيه البطريرك من هو النائب الجنرال ميشال عون. يلاحظ السياسي أيضاً أن ما بين “القوات” والعونيين تاريخا من سياسة رد الفعل ناتج من عقد متبادلة وخيط دم لا يزال في الذاكرة على رغم كل السنين.
سياسي آخر ماروني في مجلس مختلف يرى بأسف ويهمس أيضاً، أن البطريرك يركب زورقاً واحداً مع الجنرال، ويسترجع مواقفه منذ انتخابه تقريباً. فمن إعلان الراعي نيته زيارة سوريا من غير توقف التي حدت سلفه الكاردينال نصرالله صفير إلى الإحجام عن هذه الزيارة، على رغم كل الإغراءات الكبيرة التي عرضت عليه خلال ولايته الطويلة، ينطلق السياسي ليسأل عن المقابل الذي كان البطريرك الجديد سيعود به للبنانيين لو حصلت الزيارة. في رأي المتحدث همساً أنها لن تحصل. فات الأوان. فبعد كلام بكركي اشتعلت درعا ثم كل سوريا.
“ربيع العرب” مؤامرة صهيونية!!
المشترك بين الرجلين المتحدثين من مكانين مختلفين أن كلا منهما سأل عن الصورة التي جمعت في دمشق الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الطاقة جبران باسيل. ما الغاية من هذه الزيارة؟ هل يظن الجنرال ميشال عون حقاً أنها لمصلحته، وان باسيل هو الرجل القوي والأقرب إليه في تياره؟ ثم أن الخبر الرسمي أوضح أن الحديث تناول أوضاع لبنان. فهل أراد الأسد من الصورة مجرد الإيحاء أنه مرتاح إلى وضعه لدرجة أن وقته يسمح بمتابعة أوضاع لبنان، وربما أحوال التيار الكهربائي فيه؟
يعود الحديث هنا إلى البطريرك وتصريحه العلني خلال لقاء شعبي في جبيل أن “ربيع العرب” هو مؤامرة صهيونية. يصمت السياسيون، المخاصمون بطبيعة الحال للنظام الحالي في سوريا، عن الكلام المباح. بالكاد يفلت سؤال من أحدهم: “يعني أن السوري المتظاهر في درعا من أجل حريته وكرامته ولقمة عائلته يخدم الصهيونية؟”.
البطريرك صفير: “أين يقع قصر المهاجرين؟”
واضح أن أحدا لا يريد أن يعترض علناً على أي موقف للراعي، وحتى لو تحدث سياسيون كثيرون على طريقة الناس العاديين الذين لم يتعوّدوا – في الشكل – بعد أسلوب البطريرك الجديد، الذي يكثر من الظهور الإعلامي والكلام على مختلف المواضيع في نشرات الأخبار، فضلاً عن ظهوره اليومي عبر محطة “تيلي لوميار” في عظات ومحاضرات ولقاءات طويلة مسجلة له أيام كان مطراناً، وبعضهم يسأل عن سر ردائه الإرجواني اللافت وعن أشخاص يرافقونه حيثما توجه. في تناولهم للمضمون يهمس المتحدثون بأن كلمة من البطريرك السابق كانت تهزّ البلاد (“وأين يقع قصر المهاجرين؟” أجاب صفير مراسلاً سأله في المطار عما إذا كان سيزور ذلك القصر).
في ترجمة الهمس: كل ما تقدم ليس إلا مقدمة للقول إن البطريرك الراعي الذي يتشبه بالبابا الراحل يوحنا بولس الثاني اقتحم العمل السياسي على طريقته، مازجاً بين الأرض والسماء، “شركة ومحبة” حسناً. البحث في اتفاق جديد بين اللبنانيين بدل الطائف؟ ماذا عن موازين القوى هل تترك شيئاً يذكر للمسيحيين بعدما ثبت بالملموس أن الجنرال عون أعجز- على رغم تحالفه الوثيق مع “حزب الله”- عن استعادة منصب المدير العام للأمن العام للمسيحيين أو حتى سحب منصب قيادة أمن المطار إليهم؟ دعم رئيس الجمهورية في كل مواقفه حسناً. أما التشبث علناً ببقاء زياد بارود في وزارة الداخلية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ليتبين لاحقاً أن الرئيس ميشال سليمان قد تخلّى عنه… وأما استجلاب بركة البابا بينيديكتوس السادس عشر لحكومة ميقاتي خلال زيارة الراعي للفاتيكان، فهذه مواقف تستدعي السؤال عن مستشاري البطريرك في السياسة. هل عنده مستشارون؟
ولكن فوق كل ما تقدم، حقق البطريرك الجديد ما عجز عنه أسلافه إذ جمع زعماء الموارنة تحت سقف بكركي وحملهم احتراماً لموقعه على أن يقبل بعضهم بعضاً، وإن في الحد الأدنى وعلى مضض.
تبقى قضية أراضي البطريركية في لاسا التي كان الأفضل لو كلف البطريرك أحد المسؤولين في الكنيسة معالجتها، يقول السياسيان، فلا يترك الديمان إلى بكركي ليلتقي ممثل “حزب الله” ويعقد بنفسه اتفاقاً سرعان ما خرقه رجل اسمه ياسر المقداد، يبني اليوم على أرض متنازع عليها ولا يكترث.
إقرأ أيضاً:
بطريرك الموارنة الجديد: تعييناته اصطدمت بـ”فيتو” فاتيكاني بعضه سياسي!
انتقادات هامسة في الغرف المغلقة لا توفّر البطريرك هل يمكن الاستمرار هكذا؟ من المهم أن يقف اليوم أي قيادي ماروني روحي أو زمني ويعلو صوته صارخاً: ما هكذا تدار البطريركية المارونية التي يناهز عمرها 1600 سنة، لا يجوز أن يستمرالوضع على ما هو عليه المطلوب فوراً وقف زيارات البطريرك وتنقلاته التي لا معنى لها فبطريرك الموارنة يزار ولا يزور وإذا قام بزيارة ما يتحدث الناس عنها قبل أشهر وبعد أشهر ومن ثم بطريرك الموارنة يقلل من كلامه وكل كلمة تسجل له (قال البطريرك) وتصبح تصاريحه مرجعاً ومن المهم جداً طرد بعض الذين تسللوا إلى بكركي اليوم قبل الغد والذين لا… قراءة المزيد ..
انتقادات هامسة في الغرف المغلقة لا توفّر البطريرك سألني أحدهم منذ بضعة أيام، كيف أقارن بين البطركين صفير و الراعي فقلت: من يعمل لا يتكلّم، و من يتكلّم لا يعمل. قال محدّثي: و ما معنى ذلك؟ قلت: البطريرك صفير كان إذا سأله أحدهم سؤالاً من 5000 كلمة يجيبه بكلمتين أو ثلاثة كلمات كحدٍّ أقصى، بينما البطريرك الراعي يجيب ب 5000 كلمة على سؤال مؤلّف من كلمتين فقط!!!. للأمانة و بكل محبّة للبطريرك الجديد: ليس بكثرة الطلات الإعلامية نثبت حضورًا بات تثبيته بحاجة لأمور أكثر عمقاً. ليس بالإكثار من المقربين و أقارب المقربين و أقارب أقارب المقربين نمأسس البطريركية. ليس بالنطنطة… قراءة المزيد ..