عادت الخمور للظهور مجددا في النبطية! وتمكن أهالي المدينة من إسقاط قرار منع بيع الخمور الذي تبنته بلدية النبطية ظاهراً ودعمه حزب الله ضمناً، وأريد له أن يظهر كأنه تنفيذ لمشيئة “الأهالي”، وأدى في ما أدى إلى الكثير من اللغط وجوبه بالإعتراض من قبل مواطنين وفاعليات وجمعيات مدنية وأهلية في المدينة والجوار.
ورغم استعمال القوة المفرطة واستخدام الترهيب والتهديد بـ”الأرزاق” و”الأرواح”، لتطيبق القرار بدايةً، لم يستطع حزب الله تحقيق مبتغاه إلا ضمن النطاق الجغرافي لمدينة النبطية، ولم تلتزم به إلا المحلات الموجودة داخل المدينة.
وكان حزب الله أراد أن تسري مفاعيل قراره على القرى الشيعية المجاورة للمدينة أيضا، لكن هذه القرى لم تستجب إلا قليلاً، كبلدة “كفر رمّان”، في حين آثرت بلدة “انصار” عدم الإستجابة للقرار أساساً. وما لبثت بلدة “كفررمان” المتاخمة للنبطية أن خرقت القرار بعد أقل من شهر على توسيع رقعته، وقام بعض سكانها بفتح محلات جديدة لبيع الخمور بدلاً من تلك التي تم إغلاقها بالقوة، معترضين على إرادة حزب الله ، مؤكدين أن القرار لم يكن من عنديات بلدية النبطية إنما تنفيذا لقرار حزبي يراد من خلاله الهيمنة على المنطقة بأكمله!
وبلدة “كفررمان” معروفة بتعدد اتجاهاتها وإنتماءاتها، وهي معقل الشيوعيين في المنطقة وملاذ اليساريين على إختلاف أهوائهم، إضافة إلى وجود سياسي ناشط لحركة “أمل” التي بدت منذ اللحظة الأولى معارضة لقرار حزب الله. وفيما رأى معارضون للقرار أن الموضوع ليس موضوع “خمور” إنما محاولة لصبغ المدينة ومن ثم المنطقة بلون ديني وسياسي واحد، ظلت الإعتراضات تتفاعل هنا وهناك، إلى أن قرر أحد أبناء بلدة “كفر رمّان” من آل “صالح” إفتتاح محل لبيع الخمور بدعم من بلدية “كفر رمان” المحسوبة على حركة أمل، الأمر الذي استدعى تدخلا حادا من قبل حزب الله، الذي رأى في هذا العمل محاولة لـ”كَسر كلمته”! فطلب من رئيس بلدية “كفر رمان” الضغط على “صالح” لإغلاق المحل وإلا فـ”الفضيحة” التي أعدها له لا تحتاج إلى ثوان لتظهر على الملأ!!
جماعة “الحزب” يهرّبون المازوت من “سوريا الأسد”!
وهنا تداخلت الأمور ببعض. فـ”صالح” هو صهر آل “غبريس”، ملوك النفط في الجنوب كما هو معروف، ورئيس بلدية “كفر رمان” منهم. وجماعة “الحزب” هددوا رئيس البلدية وصهره بفضيحة تم تلفيقها مسبقا، تتناول قضية تهريب مادتي البنزين والمازوت من سوريا. وكانت قناة “المنار” قد بثت على حلقتين في نشرتين إخباريتين متتاليتين تحقيقا حول مسألة تهريب النفط من سوريا عبر البقاع.
استفزت الخبرية آل “غبريس”، وقام أحدهم بتصوير مجموعة تابعة لحزب الله تتولى تنظيم عمليات تهريب النفط، يديرها نجل الأمين العام السابق لحزب الله “كميل الموسوي”، واحتفظوا بالشريط وقاموا بإبلاغ قناة “المنار” أنه في حال استمر عرض التحقيق فلديهم الحلقة الأكثر تشويقا حول هذا الموضوع، فأحجمت القناة عن عرض ما تبقى من حلقات التحقيق الاستقصائي.
هذه القضية هي التي جعلت “صالح” يستقوي ويفتح محل بيع خمور في “كفر رمان”، وفي حال تعرض هو وأبنائه لأي حادث، كما يُنقل عنه، فالشريط موجود لدى العائلة ومستعدون لبثه حين تستدعي الحاجة! استقواء” صالح” بما لديه أتاح لغيره أن يستقوي، وعادت محلات الخمور للظهور مجددا في “كفر رمان”، وكف حزب الله عن ممارسة الضغط على رئيس بلديتها.
“حبل متين من الحرية لا تساوم عليه النبطية”!
من ناحية أخرى، يشتهر أبناء النبطية بصفة عدم الإلتزام الديني، وإن رغب البعض في إطلاق اسم “مدينة الحسين” على مدينتهم! ويتميزون بعقلية خاصة جدا، على طريقة “اليوم خمر.. وغدا أمر”! فهم يشاركون في إحياء مراسم “عاشوراء” والإلتزام بكل المظاهر الحسينية في موسم البكاء والندب ويعودون لحياتهم العادية بعد “فك المصرع”. ومعروف عنهم أنهم لا يقبلون التحدي ولا يتعايشون مع من يفرض عليهم رأيه ويقيد حرياتهم ويتعدى على خصوصياتهم. والنبطية وإن بدت مذعنة لموجة التسييس المذهبية، فإن ذلك لا يمنعها من التمسك بحبل متين من الحرية التي لا تساوم عليها في مقابل أي شعار. ولا يستسيغ أهلها القررارت الجماعية التي تمس حرياتهم الفردية وتنال من خصوصياتهم. لذلك اعتبروا قرار منع بيع الخمور قرارا سياسيا فوقياً، لا يمكن القبول به والتعايش معه خوفا من أن يفتح شهية القوى السياسية المهيمنة على اتخاذ قرارات أخرى مشابهة. إضافة إلى أن مجتمع المدينة يضم شريحة كبيرة من المسيحيين يتمسك شيعتها بوجودهم ويؤمنون بحقهم في العيش بحرية ووفق ما يناسبهم.
من هنا استرجعت المدينة سرا عادة بيع الخمور، وقرر البعض ممن كان لا يبيع الخمور سابقا أن يبيعها حاليا، من باب التحدي فقط! وفيما كان بيع الخمور في مدينة النبطية يقتصر على ثلاث محلات فقط، صارت معظم المحلات تعمد إلى بيع الخمور في الوقت الحالي، وعمل أصحابها للحصول على رخص قانونية من الوزارات المعنية تسمح لهم ببيع الخمور وفق الشروط القانونية.
من جهتهم، يشكر شبان النبطية “حزب الله” لإغلاقه محلات بيع الخمور في المدينة! فقد انعكس القرار إيجابا على علاقتهم بأخوانهم المسيحيين في قرى المنطقة!
ويقول أحدهم وجدنا في قرار حزب الله إيجابية كنا نجهلها وقد أصبحنا نتردد يوميا إلى بلدات “كفورة” و”الكفور” و”القليعة” المسيحية، لنتشري حاجتنا من الخمور الأمر الذي أتاح لنا الإختلاط بسكانها المسيحيين والإندماج بمجتمعهم. فصرنا “أصحاب” و”أحباب” وتعمقت علاقاتنا وتشعبت وفي ذلك حسنة، وقد شكل لنا هذا القرار فرصة تقارب وتعارف كانت مفقودة أو سطحية من قبل. ويرى آخرون أن حزب الله قرر إغلاق محلات الخمور للحد من حجم التفلت الأخلاقي الحاصل في المدينة، لكنه لم يلتفت إلى وجود شريحة كبيرة من اليافعين يتعاطون جميع أنواع المخدرات رغم عدم وجود محلات تبيع المخدرات في النبطية. فماذا فعل حزب الله الحريص عل أخلاقنا للجم هذه الظاهرة الآخذة بالإتساع؟
ويشيرون إلى وجود تاجر مخدرات مشهور في النبطية ومعروف عنه أنه يوزع بضاعته علنا، ولا أحد يتعاطى معه لأنه مدعوم ويقدم “خوّة” شهرية للقوى السياسية والأمنية كي تتغاضى عن أعماله إن لم يكونوا شركاء فيها! وهذا يؤكد على حد قولهم الإنتقائية في المعايير الأخلاقية التي يتحدث عنها حزب الله.
بغض النظر عن المفهوم الديني لمسألة تعاطي الخمور، إلا أن تطبيقه في مناطق متعددة الطوائف يناقض المفاهيم الدينية التي تقول “لا إكراه في الدين”. وقد غاب عن بال حزب الله أن فرضه بالقوة يمس بجوهر الحريات الشخصية وهذا ما لا يقبله أي مجتمع مهما كان انتماؤه.
*
“النبطية” و”كفر رّمان” هزمت.. قندهار!: “الأهالي” تمرّدوا ومحلات بيع الخمور عادتيا أستاذ نجاح الهيئة ذهب عن بالك أيضا ً “الشرمطة بالمتعة” قصدي “الزواج بالمتعة” المنتشرة وبكثرة في مناطق نفوذ حزب الله الذي هو من مؤسسي هذا التنظيم المظفر. الحرام محرم علينا وحلالا ً لهم. علما ً إنه لا يوجد كباريهات ولكن منازل الدعارة أصبحت رائجة تحت ستار “المتعة” الذي تكلم عنها سماحة السيّد في إحدى خطابته عام 2009 تحت عنوان “النظام من الإيمان” عندما أتى على هذا الموضوع بشأن الدعارة والمخدرات والسرقات التي تحصل في مناطق نفوذه وخصوصا ً في منطقة الضاحية الجنوبية من التقارير التي تصله تباعا ً في… قراءة المزيد ..