ثلاثة أشهر مرت على ثورتنا من أجل الحرية، أظهر فيها الشعب السوري وعيا غير مسبوق بوحدته وتضامن مدنه وأريافه، أطيافه وطوائفه، وضرورة استمرار نضاله السلمي من أجل سورية جديدة، مدنية وحرة وديمقراطية. ترجم السوريون ذلك بشكل يومي في شعاراتهم ولافتاتهم وتصريحاتهم، وفي هبتهم من أجل نصرة المدن والمناطق الأخرى التي تتعرض لتنكيل النظام وقواه الأمنية، ورفضهم لأي خطاب طائفي أو تحريضي مهما كان مصدره.
ولقد كان ذلك، ومعه شجاعة السوريين وتضحياتهم التي أسفرت عن مئات الشهداء وآلاف المعتقلين والمفقودين حتى الآن، هو منبع استمرار هذه الثورة وتصاعدها يوما بعد يوم. بل إن من فضائل الثورة أنها قربت السوريين التواقين إلى الحرية والكرامة إلى بعضهم، من أقصى البلاد إلى أقصاها، وأظهرت نزعة وطنية سورية جامعة وقوية رغم عقود من سياسة “فرق تسد” التمزيقية، التي اعتمدها نظام الطغيان.
واليوم من جديد يحاول النظام بشتى الوسائل وأقذرها النيل من وحدة السوريين وتخويفهم من بعضهم، وإثارة قلق الأقليات الدينية، وتعزيز الخطاب الطائفي عبر إعلامه الرسمي وشبه الرسمي.
إننا إذ ندين الخطاب الطائفي التحريضي للنظام، نؤكد من جديد أن ثورتنا هي ثورة السوريين كلهم على اختلاف اثنياتهم وطوائفهم، نؤكد أيضا أنه لا يمكن التساهل حيال أي خطاب أو ممارسة طائفية، تحاول ربط نفسها بالانتفاضة الشعبية. نحن لا نقاوم تمييزا من أجل تمييز آخر، بل نعمل بكل قوانا على تحييد الروابط الدينية والمذهبية من المجال العام، وإبقائها في النطاق المجتمعي، لتكون مصدر تنوع وإثراء، كما نتطلع إلى تشكل أكثريات وأقليات ديمقراطية، عابرة للطوائف والأديان، بناء على التطلعات والبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يلتف حولها المواطنون السوريون، في نطاق الدولة المدنية القائمة على المواطنة.
إن حجر الأساس في تصورنا لمستقبل سورية قائم على فكرة الشعب السوري الواحد، المكون من مواطنين أحرارا متساويين. ولا مساومة على وحدة سورية ووحدة السوريين، ولا تسامح مع التمييز الطائفي، العلني أو الضمني.
الرحمة لشهدائنا الأبرار، والنصر لثورتنا من أجل سورية حرة ديمقراطية
16-6-2011