قبل حوالي ثلاث سنوات نُشر في سوريا وعلى مختلف وسائل الإعلام صورة لأبناء الرئيس بشار الأسد وهم جالسون على درج القصر الرئاسي. والصورة كانت جميلة جداً، وهي لاشك ستكون كذلك لأنها منتقاة من قبل خبراء أفضل الشركات الغربية في إنشاء وقيادة حملات العلاقات العامة.
ولأن الطفولة مقدسة في الوجدان الإنساني بشكل عام، والوجدان الشرقي العاطفي بشكل خاص، فقد لاقت هذه الصورة إقبالاً كبيراً من قسم مهم من الشعب السوري وعلى الأخص فئة الشباب منهم، فجرى اقتناؤها بأشكال مختلفة والكثير جعلها خلفية لشاشة حاسوبه أو صورة شخصية لحسابه على الفيس بوك.
وإضافة إلى السبب الوجداني السابق، فإن رواج الصورة يعود إلى اسباب عديدة أخرى من أهمها أن الرئيس بشار كان يتمتع بشعبية ملحوظة بين شرائح عديدة في المجتمع السوري، هذه الشعبية التي تنبع من أنه قد شكل في لحظة تاريخية محددة الأمل بانهاء الأوضاع الشاذة التي نتجت عن حكم ابيه الدموي الطويل. والسبب الأساسي الآخر هو أن يديه لم تكن بعد قد تلطخت بدماء السوريين.
ولكن… قبل حوالي ثلاثة شهور كانت مشاهد الثورة المصرية تملأ شاشات التلفزيون في كل البيوت، وكان الشعب السوري كله يتابع باهتمام يبلغ حد الاستغراق والوَلَه – فمصر هي توأم سوريا – ما يجري لإخوتهم في مصر وما يفعل “الثوار المصريون”.
ففي المقاهي والشوارع والبيوت كان السوريون يناقشون تطورات الوضع في مصر وما هي اللافتات التي يرفعها الشباب وماهي الشعارات الجديدة المطروحة…
الشعب يريد اسقاط النظام …. كان هذا هوالشعار الأكثر ترديداً في كل من تونس ومصر.. وقد حفظه كل السوريون بدءاً من الطفل الذي بالكاد تعلم الكلام إلى الشيخ العجوز الذي سأم الكلام.
وفي درعا، المدينة الهادئة في جنوب سوريا، والتي لم تكن يوما معارضة جذرية لنظام عائلة الأسد في سوريا، حيث أن الكثير من أبناء هذه المدينة هم من ضباط الأمن والجيش، كما أن رئيس الوزراء ولفترة طويلة كان منها، ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع ايضا منها.
وفي مدرسة من مدارس درعا الإبتدائية.. قام طفل ما بكتابة الشعار الذي حفظه جميع الناس: “الشعب يريد إسقاط النظام”. وسرعان ما داهمت الأجهزة الأمنية التي يرأسها ابن خالة الرئيس بشار الأسد هذه المدرسة واعتقلت… “اعتقلت” خمسة عشر طفلاً تتراوح أعمارهم بين (10-13) سنة.
انتظرت الأمهات عودة أطفالهن بلا جدوى.. وعند السؤال ومعرفة حقيقة ما جرى .. خيم على المدينة سكون ممزوج بالخوف المزمن من بطش الإستخبارات ومن الهلع على مصير الأطفال وكثير كثير من الغضب.
وبعد انتظار أيام مبطنة بالشوك والألم شكل الآباء وفداً لمقابلة رئيس الاستخبارات الذي هو ابن خالة الرئيس بشار. وكان جوابه حاسما” قاطعاً: أنتم حيوانات…. انسوا أولادكم واذهبوا إلى نسائكم لصنع أطفال جدد!! واذا كنتم لا تستطيعون ذلك، فنحن سننوب عنكم في تلقيح نسائكم!!
خرج الآباء المهانون المذلون المجروحون بشرفهم إلى شوارع مدينتهم الهادئة… وانفجر غضب مزمن ومتراكم منذ أكثر من نصف قرن. انفجرت الاحتجاجات الشعبية كبركان غاضب وكان مطلبها الرئيسي هو: نريد الحرية والكرامة. وذهل نظام الأسد.. كيف يجرؤ هذا الشعب، الذي تعوّد الطاعة، على المطالبة بالكرامة؟ فرد على مظاهرات أهل “درعا” بالطريقة التي لا يجيد غيرها… بالحديد والنار..! وسرعان ما هبت المدن السورية الأخرى نصرة لدرعا.. وليرتفع سقف المطالب الشعبية وصولا الى شعار اسقاط النظام.
وكما كان محمد بو عزيزي شرارة تونس …. كانت حادثة أطفال درعا هي شرارة سوريا…. كل من الشرارتين فجرت برميل البارود الذي كان ينتظر شرارة ما.
أما.. قبل حوالي ثلاثة أسابيع فقد قامت الإستخبارات التابعة لبشار الأسد بتسليم جثة الطفل حمزة الخطيب الى أهله. وحمزة الخطيب طفل من درعا يبلغ من العمر (13) سنة فقط. وكانت الإستخبارات قد اعتقلته قبل شهر من تسليم جثته بتهمة أنه “ارهابي حاول اغتصاب بعض نساء الجنود!!”، وكل جريمته أنه كان يحاول ايصال بعض الطعام للمحاصرين بدرعا.
عند الكشف عن جثة حمزة تبين أنه تعرض لشتى صنوف التعذيب. فالجسد مليء بآثار السياط والحروق من جراء التعرض للصدمات الكهربائية، والوجه مليء بالجروح والكدمات والأظافر زرقاء.. ثم قطعوا عضوه التناسلي!! وقد تم الاجهاز عليه بالرصاص…
في العادة، فإن الاستخبارات لا تسلم جثث الذين يموتون تحت التعذيب، إنما يُدفنون في مقابر جماعية وفي مناطق نائية من سوريا. ولكن تسليم جثة حمزة كان مقصوداً فهو رسالة لكل السوريين: هكذا سيكون مصير من يتجرأ على معارضة بشار الأسد.
خيمت صورة حمزة – صورته وهو حي يبتسم ، وصورته وهو جثة – على سماء سوريا قاطبة. وبكته الأمهات السوريات ، وجزء من بكائهن كان خوفاً من مصير محتمل لأطفالهن. وتصدرت صورته المظاهرات العارمة التي تنطلق على امتداد مدن وقرى سوريا.
وقام الكثير من السوريين وخاصة الشباب با قتناء صورة حمزة والكثير منهم جعلها خلفية لحاسوبة أو صورة شخصية لحسابة على الفيسبوك.
تماما” حيث كانت صورة أبناء بشار الأسد!؟
إن لدى اليونيسيف والمنظمات الحقوقية المحلية والعالمية سجلا” اسميا” لحوالي (70) طفلا” قتلوا على يد رجال الأمن السوريين وبأوامر من بشار الأسد و شقيقه ماهر. تتراوح أعمارهم بين (4) و (15) سنة.
لا أعتقد أن مثل هذا قد حدث في أي مكان بالعالم. ولذلك فإن المتظاهـرين ضد بشار خصصوا أسبوعاً “كاملا” للشهداء من الأطفال اسموه “اسبوع أطفال الحرية”.
وبعيدا عن السياسة وشجونها، وعلى المستوى الانساني البحت، فمن المؤكد أن الرئيس بشار بعد أن ينهي يوم عمله ويدخل إلى منزله يهرع اليه أبناؤه.. ويصبح بشار الأب الحنون.. ككل الآباء، يلاعب ابناءه ويداعبهم و.. و.. وهنا يطرح سؤال.. بقدر ماهو بسيط بقدر ما هو ممض وحارق .. :
هل يستطيع الرئيس الأب أن ينظر في عيون أولاده عندما يلاعبهم وهو الذي أمر بقتل أطفال من عمرهم؟ .. هل يستطيع أن يطرد صورة حمزة من مخيلته وهو يلاعب ابنه الكبير الذي يشبه حمزة؟!
والسيدة أسماء زوجته! وهي السيدة الجميلة الرقيقة والتي نهلت من قيم الحرية في الغرب حيث نشأت وعاشت… كيف تنظر الى زوجها وهي تعرف أنه هو الذي أمر بقتل كل هؤلاء الأطفال؟!
سؤال برسم الاجابة.
كاتب وروائي سوري- أبو ظبي
الرئيس الأب
بل هو أسوأ بكثير , أنه ابن حافظ الجزار .
الرئيس الأب
مقال فيه من الكذب ما لا يصدقه عاقل, فقط من كان كذابا أو إرهابيا يقتنع أن بشار الأسد أعطى الأمر شخصيا بقتل الأطفال! بشار الأسد ليس صدام حسين ولا بن لادن, فهو ليس سلفيا إرهابيا!
الرئيس الأب
مقال رائع وفي الصميم
الرئيس الأب الشعب السوري وشعوب العالم الحر ستشكر كل المدافعين عن حقوق الانسان وضد المجازر والقتل والاعتقالات العشوائية التي ينفذها النظام السوري الدموي منذ 48 سنة وان اي انسان حر منطقي يؤيد ما قاله الامين العام للامم المتحدة السيد بان كي مون للرئيس السوري بشار الاسد “وقف قتل الناس والدخول في حوار شامل واتخاذ تدابير جريئة قبل فوات الاوان”.لقد انتهى النظام السوري الدموي لانه يقتل شعبه ويشردهم منذ48 سنة فيجب محاسبتة في المحاكم الجنائية الدولية لقتله للاطفال والنساء والشيوخ وتدميره للمدن ونشره للفساد والرشوه والميليشيات الطائفية الارهابية في المنطقة.نعم اوقفوا القتل الممنهج للشبيحة والمخابرات الاجرامية السورية ضد الشعب السوري المسالم… قراءة المزيد ..