ما حدث في اللاذقية يعرفه اللبنانيون جيّداً: فهو تكرار لأهوال الحرب الأهلية التي لعب حافظ الأسد وعملاؤه دوراً أساسياً في تأجيجها! ويعرفه السوريّون لأنه يذكّرهم بمجزرة حماه الرهيبة!
الديكتاتور الصغير يريد أن “يبتزّ” الشعب السوري بكابوس “أنا أو الحرب الأهلية” الذي ابتكره والده الطاغية الراحل! بل وكأنه يريد أن يبتزّ الثورات العربية الزاحفة “من المحيط إلى.. الخليج” حسب الشعار البعثي البائد. “لا أنت، ولا الحرب الأهلية”!
لكن الطاغية الصغير نسي أن بلاد العرب دخلت منذ 3 أشهر في القرن الواحد والعشرين.
لكن تقع سوريا في الحرب الأهلية! ولن ينجح بشار الأسد في تكرار جرائم والده وعمّه رفعت الأسد!
نظام الأسد انتهى، وانتهى معه، وإلى الأبد، حزب البعث الفاشي!
مدينة اللاذقية الجريحة تدفع ضريبة الحرية في ربع الساعة الأخيرة، وقد سبقتها إليها “درعا” الباسلة.
سوريا جديدة، وعظيمة، وليبرالية، تولد اليوم. لن تعود سوريا إلى الوراء بعد أن ذاق شعبها طعم الحرّية.
الشفاف
*
شخصيات بارزة في مدينة اللاذقية السورية تهدئ العنف الطائفي
عمان (رويترز) – قال المعارض السوري البارز عارف دليلة يوم الاثنين ان بعض الشخصيات الدينية السنية والعلوية وشخصيات المجتمع المدني التقت في مدينة اللاذقية السورية عملا على احتواء العنف الطائفي في المدينة.
ويتعرض الرئيس السوري بشار الاسد لأخطر أزمة منذ توليه السلطة قبل 11 عاما ونشر الجيش يوم السبت في اللاذقية وهي ميناء سوريا الرئيسي وذلك للمرة الاولى بعد احتجاجات استمرت قرابة اسبوعين وانتشرت في شتى انحاء البلاد.
وقال دليلة لرويترز في اتصال هاتفي من دمشق ان الوضع يبدو هادئا يوم الاثنين بعد ان تدخلت بعض الشخصيات الدينية وشخصيات المجتمع المدني. وقال انه أبلغ ان الحافلات تعمل والاعمال عادت لطبيعتها في منطقة الجامعة في اللاذقية.
والمؤسسة الحاكمة في سوريا يهيمن عليها العلويون وهم من الطوائف المنبثقة عن الشيعة وهو أمر يثير الاستياء بين الاغلبية السنية في البلاد التي تمثل ثلاثة أرباع السكان.
وقال دليلة العميد السابق لكلية الاقتصاد بجامعة دمشق والسجين السياسي السابق الذي تحدى ما وصفه باحتكارات منحها الاسد لاقاربه ان من السهل اللعب ببطاقة الطائفية في مثل هذه الظروف وأعرب عن أمله ان يختار النظام مخرجا من هذه الازمة يجنب سوريا المزيد من اراقة الدماء.
وكان دليلة المقيم في دمشق لكن جذوره من اللاذقية يشير الى بيانات رسمية صدرت بعد اندلاع اعمال العنف في اللاذقية تفيد بأن سوريا مستهدفة في مؤامرة لاثارة صراع طائفي.
ويشن دليلة حملة منذ عقود لايجاد بديل ديمقراطي لحزب البعث. وسجن في الفترة من 2001 الى 2008 بعد أن انتقد الفساد.
وأفاد بيان رسمي صدر يوم الاحد أن هجمات قامت بها عناصر مسلحة على أسر واحياء في اللاذقية هذا الاسبوع أسفرت عن سقوط 12 قتيلا بينهم مهاجمون ومدنيون وأفراد أمن.
وعرض التلفزيون الحكومي في مطلع الاسبوع لقطات لشوارع مهجورة في اللاذقية تتناثر بها الانقاض والزجاج المهشم والعربات المحترقة. وأشارت دمشق الى محاولات “جماعات مسلحة” ربما تدعمها قوى أجنبية اثارة صراع طائفي في أرجاء البلاد.
*
الهدوء يعود الى مدينة اللاذقية السورية بعد ايام من الرعب
عاد الهدوء الاثنين الى مدينة اللاذقية الساحلية السورية (شمال غرب) التي تشيع ضحاياها بعد ايام من الرعب بثه شبان مسلحون بالعصي والخناجر وقناصة تمركزوا على اسطح مبان واستهدفوا المارة ما اسفر منذ الجمعة عن 13 قتيلا و185 جريح، بحسب مصادر طبية.
واكد منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية عصام خوري في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان “الحياة بدأت تدب تدريجيا في مدينة اللاذقية، وبعض المدارس فتحت ابوابها”، مشيرا الى ان “الاهل مازالوا متخوفين من ارسال اطفالهم اليها”.
واضاف “ان بعض المحال التجارية فتحت ابوابها وشوهدت حركة لبعض السيارات في مختلف الاحياء”.
وشلت الحركة منذ الجمعة في شوارع اللاذقية التي يسكنها 450 نسمة من مختلف الطوائف، واغلقت المحال التجارية فيها بعد ان روع مسلحون مجهولو الهوية السكان وهاجموهم بالسلاح الابيض واطلق بعض القناصين النار على المارة والسيارات من اسطح المنازل.
ويأتي ذلك بينما تشهد سوريا منذ 13 يوما موجة احتجاجات غير مسبوقة.
وفي حي الشيخ ضاهر، في قلب المدينة التجاري، ظهرت اثار الدمار والحريق غداة اشتباكات عنيفة بين المسلحين وقوات الامن.
وقالت احدى الامهات وقد جلست بجانب ابنتها التي بترت ساقها والتي ترقد في المستشفى الوطني “كانت ابنتي تسير مع زوجها في طريق عودتها من زيارة عائلية الى المنزل مساء السبت عندا اصيبت بطلقات نارية قبل الوصول الى الرملة”.
واوضح مدير المستشفى الوطني منذر بغداد ان “اصابتها كانت كبيرة حيث اصيبت بطلق ناري بالصدر واصابة شديدة اسفل الفخذ الايسر مما تسبب بفتحة كبيرة قطرها 25 سنتمترا وهشمت الركبة والاعصاب المحيطة مما اضطرنا الى بتر الطرف لاستحالة الترميم”.
واضاف “لا بد ان الطلق جاء من سلاح كبير وثابت كي يحدث اضرارا بهذا الشكل”.
وفي المستشفى يرقد جريح آخر في الثالثة والعشرين من العمر طلب بدوره عدم الكشف عن اسمه وقد اصيب بطلق ناري في الرقبة وآخر في الصدر.
وقال الطبيب المعالج ان الجريح اصيب “بطلق ناري في الرقبة مما اضطر الطاقم الطبي الى نزع الرغامة ووضع انبوب رغامي، بالاضافة الى اصابته بطلق في الصدر”.
وقال شاهد عيان يملك متجرا في المدينة ويبلغ من العمر 32 عاما “جاءت مجموعة من الشباب قادمة من شارع القوتلي باتجاه ساحة الشيخ ضاهر وبدأوا بتكسير المحال والسيارات وحطموا الهواتف العمومية واللوحات الاعلانية كما احرقوا باصين كبيرين كانا مركونين في وسط الساحة”.
وبحسب هذا الشاهد الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لاسباب امنية فقد عمد المعتدون بعد ذلك الى “محاولة اقتحام مكتب شركة الاتصالات سيرياتيل وعند عدم نجاحهم بذلك قاموا بحرقها”.
واضاف انهم احرقوا العيادات الطبية التي تقع في الطابق الذي يعلو المكتب. وقد بدت اثار الحريق على البناء.
وتابع متألما “مضت عشر دقائق قبل ان تتدخل قوى الامن التي لم تكن ترغب بالتدخل في بادئ الامر”.
كما احبطت محاولات لاقتحام المشفى الوطني ليل السبت الى الاحد، بحسب مدير المستشفى.
وقال بغداد “قامت مجموعة من الشباب عند الثامنة مساء بسد الطرق المؤدية الى المشفى بواسطة حاويات وعند تدخل الامن فرت باتجاه البناء المهجور بالقرب من المشفى وحدث اطلاق للنار وقيل لي انه تم القبض على اثنين منهم”.
واضاف “وبعد ساعة سمعت اطلاق اعيرة نارية من الجهة الجنوبية للمشفى في محاولة لاخذ سيارة اسعاف الا ان الامن تمكن من الامساك باحدهم كما امسك بآخر يحمل خنجرا على سور المشفى”، مشيرا الى ان “سيارة اطلقت النار على جدار المشفى عند منتصف الليل”.
وتحدث خوري “عن جهات خارجية تحرض للموضوع عبر اثارة النعرات الطائفية”، مشيرا الى “بعض القنوات الفضائية التي تبث عبر شريطها الاخباري اخبارا مغلوطة”.
ووصلت تعزيزات عسكرية ليلة السبت الاحد لاحلال النظام في المدينة التي تبعد 350 كلم عن العاصمة حيث لاحظت مراسلة فرانس برس انتشار عدد كبير من وحدات الجيش على مفارق الطرق الرئيسية كما انتشرت القوات الامنية والعسكرية بكثافة في ساحة الشيخ ضاهر التي شهدت اعنف الاحداث في المدينة.
وانشأ السكان “لجانا لحماية احيائهم بوضع سواتر معدنية واطارات ونصبوا عددا من الاعمدة الخشبية عند نهاية الازقة لاستخدامها كحواجز”، بحسب خوري.
ورغم انتشار قوات الامن والجيش الا ان القناصين تمكنوا من التواجد في مركز المدينة الاحد حيث لوحظ وجود قناص على سطح مبنى الصيدلية المركزية وآخر على سطح مجاور لمبنى ثانوية جول جمال، الا ان قوات الامن تمكنت من الامساك بهما، بحسب شهود عيان.
كما سجلت حالات اعتداء على المواطنين بعد ظهر الاحد مما اظهر حالة من عدم الامان في هذه المدينة والمناطق المحيطة بها حيث اقدم عدد من الفتية على الاعتداء على رجل.
وقال الرجل (45 عاما) طالبا عدم كشف اسمه “لدى انتهائي من عملي في السوق هجم علي شباب واوقعوني على الارض وبدأوا بلكمي وضربي بادوات حادة”.
واوضح طبيب في المشفى الوطني حيث اسعف المصاب لمراسلة فرانس برس ان الاعتداء تسبب “بجرح فوق العين وعلى رأسه وعلى صدره”.
كما تعرض شاب ووالده لاعتداء، وروى الشاب (20 عاما) ما حدث معهما، وقال “كنا في السيارة عند طريق القاسمية المؤدية الى حلب عندما اوقفتنا مجموعة مسلحة واطلق احدهم النار على والدي واصاب ذراعه ثم قاموا بتكسير زجاج السيارة واجبرونا على الخروج منها”.
وكانت بثينة شعبان مستشارة الرئيس بشار الاسد حملت الاحد الاصوليين الاسلاميين مسؤولية اعمال العنف التي وقعت في سوريا اخيرا، معتبرة انها اعمال عنف تستهدف ضرب التعايش الديني في البلاد ومؤكدة ان هذه المحاولة ستفشل “كما فشلت محاولات اخرى في السابق”.
وغالبية السكان في سوريا من السنة مع اقليات علوية ومسيحية ودرزية.