هل اعترفت فرنسا، أم لم تعترف، بـ”المجلس الوطني الإنتقالي” في ليبيا بصفته “الممثّل الشرعي للشعب الليبي”؟ جريدة “لوموند” الفرنسية ذكرت في عددها الصادر اليوم الجمعة أنه لم يصدر أي تأكيد رسمي للإعتراف حتى الآن. ونقلت “لوموند” عن مصدر في قصر الإليزيه أن موقف فرنسا “لم يصل بعد” إلى حد الإعتراف بـ”المجلس الوطني” كممثل شرعي للشعب الليبي! ونقلت “لوموند” أن حاشية الرئيس ساركوزي شدّدت مساء الخميس على أن موقف فرنسا لم يتجاوز “توجيه التحيّة لتأسيس” المجلس الوطني، وأن فرنسا “تعترف بدول، وليس بحكومات”!
وفي مقال خصّصته للموضوع، كتبت “لوموند”:
“لم يصدر الإعلان عن قصر الإليزيه أو وزارة الخارجية، بل عن مبعوثي المعارضة الليبية، “محمد جبريل” و”علي عيساوي” في ختام مقابلتهما مع الرئيس الفرنسي التي شارك فيها “الفيلسوف” برنار هنري ليفي. وأعلن المبعوثان الليبيان أن “فرنسا تعترف بالمجلس الوطني الإنتقالي بصفته الممثل الشرعي للشعب الليبي”، وأضافا أن فرنسا ستوفد سفيراً إلى بنغازي.
“وكان وقع المفاجأة كاملاً. فالإعلان وضع فرنسا في موقع عزلة بمواجهة شركائها الأوربيين والأميركيين الذين اكتفوا بمواقف أكثر حذراً مع أنهم أجروا إتصالات مع المتمرّدين الليبيين.
“وكأن أحد أسباب الدهشة، كذلك، الدور الذي لعبه “برنار هنري ليفي”. ففي 3 مارس، كان ليفي في بنغازي. وفي ختام مقابلة مع رئيس المجلس الوطني، “مصطفى عبد الجليل”، فقد اتصل بالرئيس ساركوزي على الهاتف الخليوي. وبعد أن سمع من ليفي ما دار في المقابلة مع عبد الجليل، فقد أعطى ساركوزي موافقته على استقبال مبعوثي المجلس الوطني في باريس. وعلى الهاتف، سأل ليفي الرئيس ساركوزي “أنت تدرك أن ذلك سيشكل عملاً سياسياً كبيراً؟” فأجاب ساركوزي بالإيجاب. وفي يوم 7 مارس، استقبل قصر الإليزيه مبعوثي المجلس الوطني، ولم يحضر المقابلة عدا الرئيس سوى مستشاره الديبلوماسي “جان-دافيد ليفيت”.
“وأمس الخميس تصرّف ليفي كناطق بلسان الرئاسة الفرنسية وصرّح بأن “الرئيس نقولا ساركوزي أعلن أنه يؤيّد القيام بعمليات دفاعية وضد أهداف محددة” إذا طلب المجلس الوطني الإنتقالي ذلك. بل، وعرض ليفي الأهداف العسكرية: مطار “سرت” العسكري، ومطار “سبها”، في الجنوب، ومركز القيادة في طرابلس. وقال ليفي: “رغم كل ما يبعدني سياسياً عن ساركوزي، فقد كان رائعاً..”.
“بالمقابل، كان الوجوم سيد الموقف لدى عدد من الديبلوماسيين الفرنسيين، الذين كان للإعلان وقع المفاجأة عليهم، وكذلك في العواصم الغربية. وقد علم “ألان جوبيه”، الذي لم يقبل بالعودة إلى وزارة الخارجية إلا على أساس وضع حد لـ”الديبلوماسية الموازية” (التي يمارسها قصر الإليزيه)، بالموضوع أثناء اجتماعه، في بروكسيل، مع وزير خارجية ألمانيا، “غيدو ويسترفيل”. وقال شهود أن جوبيه كان أصيب بالذهول.
غياب التنسيق
“وقد وجدت الخلية الديبلوماسية في الإليزيه نفسها أمام أمر واقع. ولم يصدر تأكيد رسمي للإعتراف الفرنسي بالمجلس. وعلّق مصدر في الإليزيه بـ”أننا لم نبلغ هذه النقطة بعد”. ومساء الخميس شدّدت حاشية الرئيس على أن فرنسا اكتفت “بتوجيه التحية لتأسيس” المجلس الوطني الإنتقالي: “نحن نعترف بدول وليس بحكومات”!
“لقد اتخذ نيقولا ساركوزي بمفرده القرار من أجل تعزيز صورة ديبلوماسيته ورئاسته، وبذلك فإنه وضع فرنسا في طليعة الإستنفار الدولي ضد العقيد القذافي. ولكن الدول الأخرى رأت في ذلك تعبيراً عن نزعة مغامرة، وأخذت عليها عدم التنسيق مع شركاء فرنسا.
“بعد 3 سنوات من استقبال مرشد الثورة الليبية في “أوتيل مارينيي” المجاور للإليزيه، حيث سمحت له سلطات باريس بنصب خيمته، فإن القطيعة بين الرئيس الفرنسي ومعمّر القذافي اتخذت طابعاً شخصياً وجذرياً. وقد أعلن القذافي أن لديه أسرارا حول تمويل الحملة الرئاسية لساركوزي الذي كان أول رئيس دولة غربي يعلن، في 25 فبراير، أن “على القذافي أن يرحل”.